كريتر نت – العرب
يثير تغاضي السلطات الألمانية عن خطر عناصر إرهابية وصلت إلى أوروبا تساؤلات ما إذا كانت ألمانيا قد تحولت إلى “جرمانستان” في استحضار لمصطلح “لندنستان” الذي أطلق على العاصمة البريطانية لندن قبل نحو عقدين بسبب إيواء السلطات البريطانية لشخصيات إسلامية عرفت بتشدّدها.
وكان تحقيق تحت عنوان “صيادو داعش” بثته القناة الفرنسية السادسة سلط الضوء على خطورة تغاضي السلطات الأوروبية وخاصة ألمانيا عن الفارين من التنظيم على الأمن الأوروبي.
وتمكن ما لا يقل عن 500 فرد من تنظيم الدولة الإسلامية عقب هزيمة التنظيم على يد التحالف الدولي من الفرار عبر تركيا وسوريا والعراق، وتسربوا بشكل قانوني عبر الشبكات الأمنية ليستقروا في ألمانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى.
وينظر متابعون للشؤون الأوروبية بعين الريبة لتساهل السلطات الألمانية مع هؤلاء المقاتلين الذين لم يمكثوا سوى فترة قصيرة في السجون، ليتم فيما بعد إطلاق سراحهم حيث يمارسون حياتهم بشكل طبيعي.
ولا تلقى الأدلة الدامغة المتعددة على ماضيهم الدموي أيّ اهتمام لدى الشرطة الألمانية التي تصر على اعتبارهم أشخاصا عاديين لا علاقة لهم بالإرهاب.
وسلط تحقيق القناة الفرنسية الضوء على إرهابي يدعى سمير انضم إلى داعش سنة 2014 وتكشف مقاطع فيديو دموية أن هوايته كانت لعب كرة القدم برؤوس ضحاياه.
ويعيش هذا “الجلاد” حاليا مع زوجته على الحدود الألمانية – الفرنسية وهو على وشك الحصول على رخصة قيادة للشاحنات الثقيلة، وهو ما يذكر بحادثة برلين الأليمة حيث استخدم الإرهابي التونسي أنيس العامري شاحنة لدهس عدد من الأشخاص في سوق برلين في ديسمبر 2016. وأدى ذلك الهجوم إلى مقتل 12 شخصا من جنسيات مختلفة وإلى إصابة أكثر من 50 بجروح خطيرة.
وما زالت الاستفهامات تلفّ سبب تقصّد الشرطة الألمانية تجاهل للمعلومات الدقيقة التي قدمها المغرب عن مرتكب هذا الهجوم.
وبالإضافة إلى سمير يسلط التحقيق الضوء على العضو النشط الآخر في داعش المدعو ماجد، وكان هذا الإرهابي نشطا في ما كان يطلق عليه وزارة المالية لتنظيم الدولة الإسلامية.
ويعيش ماجد اليوم مع إفلات كامل من العقاب في حوض نهر الرور شمال غرب ألمانيا، حيث يمتلك أسطولا كبيرًا من السيارات الفاخرة وصالونا للمساج الحلال، وقد اكتسب كل هذا بفضل الأموال التي كان يكسبها من تحويل الأموال عبر تركيا لصالح أمراء داعش.
ولعل أكثر ما يثير الاستغراب هو عدم اتعاظ ألمانيا من خلية هامبورغ التي نفذ اثنان من انتحارييها محمد السيد عطا ومروان الشحي هجوم 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.
ويتجسد المثال الملموس لتغاضي برلين عن خطر المتشددين الإسلاميين بذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان في الخلاف الذي نشأ بين ألمانيا والمغرب حول الإرهابي المغربي محمد حجيب الذي لم يتخلّ قط عن ولائه للقاعدة.
ويذكر الوضع الحالي في ألمانيا بلندنستان قبل الهجمات الدموية التي ضربت العاصمة البريطانية في السابع من يوليو 2005 وأودت بحياة 52 شخصا. في ذلك الحين مُنح أئمة إرهابيون مثل أبوحمزة حق اللجوء السياسي في المملكة المتحدة بعد أن ادّعوا ببساطة، ودون دليل ملموس، أنهم يتعرضون للاضطهاد في بلدانهم. وتغاضت أجهزة الأمن البريطانية عن المتطرفين ونشاطهم الدعائي والتحريضي في بريطانيا وشمل توفير الملجأ والرفاهية للأصوليين.
ومن غير المعروف ما إذا كانت الأجهزة الفيدرالية الألمانية تستعد للمخاطرة للوثوق بهؤلاء الإرهابيين والتعاون معهم لأغراض تتعلق بمحاربة بقايا تنظيم الدولة الإسلامية وإعادة تشكلها المحتمل.