كتب : ماجد الداعري
بدأ عشرات المواطنين، معظمهم كما يبدو من كلاحة وجوههم المحرومة حتى من النوم، من العسكريين والأمنيين الجنوبيين ومن ضاقت بهم السبل وبلغت الأرواح الحناجر بسبب قطع مرتباتهم وانهيار الخدمات وتوحش الأسعار جراء حرب الأزمات المفتعلة واستمرار انهيار صرف العملة المحلية، بدأوا التوافد من حوالي الساعة الثامنة صباحا إلى ساحة البنوك المعروفة بساحة الشهيد المهندس الجنيدي بكريتر عدن، دون أن يرفعوا أي علامات أوصور أو شعارات غير تلك القماشية المحدودة التي ترفع مطالبهم الخدمية المشروعة، وذلك بعد دعوات بشبكات التواصل الاجتماعي للخروج بتظاهرة شعبية سلمية احتجاجية على سوء الأوضاع وماوصلت اليه معاناة الناس وخاصة بعدن العاصمة المكلومة المستهدفة من الجميع لتركيع اهلها واستثمار معاناتهم من كل أطراف الصراع الحقير.
اكتمل تجمع المئات عند قرابة العاشرة صباحا وبعد ان طوقت قوات أمنية أظنها من الحزام الأمني للساحة وقطعت الخط المار بأطقم لها وسط الخط الرئيسي المقابل للبنك الأهلي وبدأت بتفتيش الداخلين للساحة كاجراءات أمنية على اعتقاد ان الفعالية ستتم هناك، بعد نصب مكبرات صوت وبدأ هتافات بمطالب المحتجين المنددين بفشل الحكومة وتجاهلها المخجل لسوء واقعهم وتواصل انهيار الخدمات وارتفاع الأسعار بشكل لايطاق وحرمانهم حتى من مرتباتهم الفتات التي لم تعد تسمن او تغني من جوع.
فجأة بدأ المحتشدون بالتحرك بشكل عفوي لنقل احتجاجهم إلى أمام مستعمرة المعاشيق كما يحلوا لبعضهم تسميتها ، وفعلا سار المئات نحو المعاشيق وهم يهتفون ضد الحكومة ويردون مطالبهم المشروعة بعيدا عن أي حضور او توجيه من أحد كما شاهدت ذلك بعيني المحرومتين من النوم بعد، وصل المحتجون إلى أمام البوابات الأولى وبدأنا نسمع بإطلاق النار من قبل الجنود اليمنيين المكلفين بالحراسة، قبل ان يتمكن بعض المحتجين من إقناعهم بواحدية المطالب المشروعة وأنهم يسعون لإيصال رسالتهم بشكل سلمي للحكومة والتحالف وهو ما اقنع الجنود التابعين للحماية الرئاسية ودفع بعضهم فعلا للانسحاب من النقاط الأمنية والسماح للمحتجين بالدخول إلى البوابات الداخلية التي تحميها أفراد كتيبة الواجب السعودي التي قامت هي الأخرى بداية بإطلاق النار الحي بالهواء قبل ان يقنعهم المحتجين بأن هدفهم الوصول سلميا إلى أمام بوابة قصر إقامة الحكومة للاحتجاح سلميا وليس التخريب واقتحام القصر وهو ماحصل لهم فعلا ووصلوا إلى بوابة سكن الحكومة دون ان يدخل اي محتج إلى الداخل بعد ان وجدوا أمامهم قيادات أمنية ووزراء من الإنتقالي بالحكومة بينهم الوالي واستمعوا إلى مطالبهم ووعدهم هناك مدير أمن العاصمة عدن اللواء مطهر الشعيبي بأن ينقل مطالبهم للحكومة وأن يمنحوها فترة محددة للتجاوب مع مطالبهم مقابل انسحابهم من داخل قصر المعاشيق وهو ماتم فعلا دون ان يحدث اي نهب او اقتحام او تخريب كما زعم تلفزيون يمن جميل عز الدين من الرياض كذبا وزورا وبهتانا بزعمه ان المقتحمين مجاميع تخريبية تابعين للانتقاليين الجنوبيين وأنهم اقتحموا غرف سكن الوزراء ونهبوا مقتنياتهم الخاصة والشخصية.
مع بدأ انسحاب المحتجين سلميا من المعاشيق قدمت عربات مدرعة للتحالف وهي تمشي بسرعة جنونية مرتبكة في كريتر وتتجاوز أرصفة الشوارع في محاولة مرتبكة للوصول إلى قصر المعاشيق من اتجاه البنك المركزي الذي شهد حالة توتر وتعزيزات أمنية لتوقعهم اقتحام المحتجين له، وهو مالم يحصل.