كريتر نت – القاهرة
تحاول جماعة الإخوان المسلمين التخفيف من ارتدادات تقارب وشيك بين مصر وتركيا على مستقبلها من خلال السعي لفتح حوار بينها وبين النظام المصري، وهو ما نفته مصادر مصرية لـ”العرب”.
وألمح القائم بأعمال مرشد الإخوان إبراهيم منير، مساء السبت، إلى أنه “يثق في تركيا ويقبل وساطتها لحلحلة الأزمة الممتدة للجماعة مع النظام المصري”.
واستبعد منير في تصريحات لقناة الجزيرة مباشر فكرة وجود صفقة بين أنقرة والقاهرة تقضي بتسليم عناصر إخوانية مقيمة في تركيا لمصر، لافتا إلى أن ما يحدث بين الجانبين يدخل في نطاق إعادة التموضع السياسي ولن يكون على حساب الإخوان.
وقال “إذا عرض على المعارضة المصرية، ونحن جزء منها، حوار مع النظام بما ييسر أوضاع المعتقلين ويحسن أحوال الشعب، لن نرفض”.
ونفت مصادر أمنية مصرية لـ”العرب” عقد حوارات مع تركيا أو غيرها تقضي بالمصالحة مع الإخوان، لافتة إلى أن ما قاله منير “محاولة مكشوفة لتصوير الأمر على أن أنقرة لن تقوم بالتضحية بهم أو طردهم من أراضيها، والمسألة ستتوقف عند حد الانضباط الإعلامي فقط”.
وأضافت المصادر ذاتها أن فكرة تسليم إعلاميين أو طردهم لا وزن لها بالنسبة إلى القاهرة، وأن الحديث العام ينصب على عدم مساعدة عناصر إرهابية صدرت في حقها أحكام قضائية قاطعة، وهي التي يمكن أن تطالب مصر بتسليمها لها أو للانتربول الدولي.
وتعلم القاهرة أن قيام تركيا بهذه الخطوة يقيم الحجة عليها ويسبب لها مشكلات داخلية كبيرة، لذلك فخطوة التهدئة ووقف البرامج السياسية التي أعلنت عنها مقبولة حاليا، وتنهي دور الإخوان عمليا، فهذا هو سلاحهم الوحيد الذي يستخدمونه.
محمد نجم: جماعة الإخوان قلقة على مصيرها بعد تقارب القاهرة مع الدوحة وأنقرة
وقال مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق اللواء محمد نجم إن “الاتصالات بين مصر وتركيا دفعت تنظيم الإخوان إلى الإسراع بالدخول على الخط أملا في الاستفادة منها، وهو اتجاه يعبر عن قلق داخل الجماعة وعلى مصيرها بعد التقارب مع كل من الدوحة ثم أنقرة، وتراجع أسهمهم (الإخوان) لدى قوى غربية”.
وعبر نجم عن توقعه بأن تكون هناك تصريحات إخوانية جديدة تغازل الدولة المصرية بأشكال مواربة الفترة المقبلة، لكن لن تلقى قبولاً على المستوى الرسمي والشعبي في مصر، فالموقف من الجماعة لم يتغير حتى الآن.
وبرهنت تصريحات إبراهيم منير على عمق الأزمة التي يواجهها تنظيم الإخوان، بعد أن حسمت الدولة المصرية موقفها بشأن التعامل مع التنظيم بلا رجعة، ولن يكون هناك تجاوب مع أي إشارات تأتي من قياداته بغرض الالتفاف وإثبات الحضور.
وذكرت مصادر سياسية أن القاهرة يمكن أن تقبل بالحوار في حالة واحدة “لو أعلنت الجماعة نبذ العنف صراحة واعترفت بالجرائم التي ارتكبتها في مصر، وأعلنت اندماجها في الصفوف الوطنية فعلا وليس قولا”.
وأضافت المصادر في تصريح لـ”العرب” “في ذلك الحين ستكون هناك أيضا شروط صارمة للحوار، منها الاعتذار للشعب ومدى قبوله بهذا الاعتذار، لأن الدولة ليست في حاجة إلى الانخراط في مفاوضات مع فصيل لا يشكل تهديدا لها في الداخل والخارج”.
وشدد الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية منير أديب على أن تنظيم الإخوان يعيش حالة انكسار سياسي بعد أن دخل في صدام مع الدولة وما نتج عن ذلك من عزلة له وللدول التي تدعمه. ومثلما تحاول تركيا العودة بأقل خسائر سوف يمضي التنظيم على الطريق نفسه في ظل تقليص بعض الدول حركته باعتباره ورقة ليست ذات جدوى سياسية كبيرة.
وأوضح أديب في تصريح لـ”العرب” أن “كلام إبراهيم منير للجزيرة يعبر عن رغبة التنظيم في فتح حوار مع الحكومة المصرية، وتسويق أمره على أنه معارضة في الخارج، ما يخالف الحقيقة، لأن الإخوان معارضة وتنظيم متطرف يمارسان تحريضا من الخارج، والدولة المصرية لن تفتح حوارات مع جماعات متطرفة”.
وتدرك الحكومة أن تركيا لن تتخلى تماما عن جماعة الإخوان لأسباب حزبية وعقائدية، وهي ورقة يمكن توظيفها إذا لم يحقق التقارب مع القاهرة أهدافه الإقليمية، ويمكن تحجيمها وليس التضحية بها أيضا إذا وجدتها أنقرة عائقا أمام نمو العلاقات مع مصر.
وتمادت الحكومة المصرية في رسائل تقويض الجماعة خلال الأيام الماضية، في الوقت التي بدت فيه قياداتها مستبشرة بقدوم الرئيس الأميركي جو بايدن، حيث وسعت القاهرة قائمة الشخصيات الإخوانية المدرجة على لائحة الإرهاب، وفرضت حظرا على التصرف في الكثير من أموال رجال أعمال على علاقة بالجماعة.
وقصدت القاهرة من هذا التقويض الجديد قطع الطريق على رواج تكهنات تفيد بأن الحوار مع قطر وتركيا وقدوم إدارة بايدن عوامل تؤدي إلى تحسين موقف الإخوان وتفرض ضغوطا على النظام المصري لتغيير موقفه من الجماعة.
وبحسب مراقبين يمكن إدراج التغيير الظاهر في لهجة إبراهيم منير في حواره مع قناة الجزيرة مباشر في سياق تأكده من عزم تركيا على الاحتفاظ بمسافة سياسية تجاه جماعته الفترة المقبلة، ورغبته في ترويج فكرة أن قيادات الإخوان على علم بكل الخطوات ويتفهمون أسبابها.