كريتر نت – العرب
تسعى الحكومة التركية إلى ترويج صورة جديدة للعالم حول الجهود التي تقوم بها للقبض على إرهابيين وترحيلهم إلى بلادهم بعد أن اتهمت لسنوات طويلة باستغلال التنظيمات الجهادية في أجنداتها خاصة في سوريا.
وأعلنت وزارة الداخلية التركية الأحد ترحيل 2764 إرهابيا أجنبيا يحملون جنسيات 67 دولة، منذ عام 2019.
وأشارت الداخلية في بيان، إلى مواصلة السلطات التركية ترحيل الأجانب الساعين للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية مثل داعش وحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة إرهابيا.
وأوضح البيان أن السلطات التركية رحّلت خلال 2019، 1595 إرهابيا أجنبيا، و1019 في عام 2020.
وأضاف البيان أنه تم ترحيل 150 آخرين خلال أول شهرين ونصف الشهر من العام الجاري 2021.
ولفت البيان إلى أن عددا كبيرا من الإرهابيين الأجانب المرحّلين، يحملون جنسيات بلدان في الاتحاد الأوروبي، أبرزها فرنسا (66 إرهابيا) وألمانيا (57 إرهابيا) وهولندا (22 إرهابيا) والسويد (14 إرهابيا).
2764
إرهابيا أجنبيا يحملون جنسيات 67 دولة، تم ترحيلهم منذ عام 2019
وفرضت التغيرات الجيوسياسية وانهزام المجموعات الجهادية في سوريا والعراق على تركيا تغيير السياسات في ما يتعلق بتواجد الخلايا المتطرفة داخل حدودها والتي عملت تحت أعين مخابراتها على نقل الإرهابيين إلى الأراضي السورية وهو ما ساهم في تأجيج الحرب الأهلية في سوريا.
واتهمت الحكومة التركية باستغلال الجماعات الجهادية لمواجهة وحدات الشعب الكردية لكن هذه الورقة أصبحت مهترئة في ظل تصاعد التنديد الدولي بالعلاقة المريبة بين المخابرات التركية وجماعات متطرفة.
ومثّل المقاتلون الأجانب الموقوفون في تركيا ورقة ضغط ضد الدول الأوروبية التي ترفض عودتهم بل إنها قامت بسحب الجنسية عن بعضهم وهو ما خلق أزمة قانونية داخل الاتحاد الأوروبي كما أنهم أصبحوا يمثلون عبئا على الحكومة التركية نفسها.
لكن تركيا رغم كل تلك التغييرات لا تزال تُقيم علاقات مع مجموعات من المتطرفين في الشمال السوري أو في ليبيا وهو ما يشير إلى حجم التناقض في مسألة التعامل مع الجهاديين خاصة إذا تعلق الأمر بالمصالح التركية.
وكانت قوى دولية وإقليمية عديدة طالبت الحكومة التركية بإيضاح العلاقة المريبة مع الجماعات الجهادية على وقع تقارير تشير إلى دور المخابرات التركية في تجنيد الكثير منهم خلال السنوات الماضية.
وتمكنت المخابرات الروسية من كشف العلاقة المريبة التي جمعت تركيا بداعش بعد أن كشفت الأقمار الصناعية العسكرية في 2015 تهريب النفط السوري إلى الأراضي التركية من قبل التنظيم المتطرف وبإشراف المخابرات التركية.
لكن مع حالة التقارب بين موسكو وأنقرة التي طبعت العلاقات لاحقا، اختفت الروايات والاتهامات الروسية لتركيا بدعم وتمويل الإرهاب.
ومؤخرا أعادت قضية الجهادية البريطانية شميمة بيجوم التي غادرت لندن عام 2015 وكانت حينها في الـ15 من عمرها وذهبت إلى سوريا عبر تركيا مع صديقتين في المدرسة حيث تزوجت من أحد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، تسليط الضوء على الدور التركي في تسهيل عبور الجهاديين الأجانب إلى الساحة السورية والتحاقهم بجماعات إرهابية من ضمنها داعش وجبهة النصرة.
وبيجوم لم تكن استثناء في جحافل الجهاديين الذين تدفقوا على تركيا مركز العبور الرئيسي للإرهاب العابر للحدود ونقطة الترانزيت في رحلة “الجهاد” المسلح و”جهاد النكاح” الذي انتشر في السنوات القليلة الماضية وهي السنوات التي طبعت وحشية غير مسبوقة في سوريا والعراق خلال سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات واسعة من البلدين الجارين.
ولم يلتفت المجتمع الدولي بما فيه الكفاية لهذه النقطة المفصلية في تغول داعش وتعاظم قوته بينما كان يستقبل من تركيا المئات من المتعاطفين قادمين إليه من مختلف مناطق العالم: من أوروبا والدول العربية ومن آسيا ومن الجمهوريات السوفييتية السابقة.
وكانت أول محطة لرحال هؤلاء المطارات التركية ومع أن العبور إلى سوريا والعراق يفترض أن يخضع لتدقيق أكبر باعتبارهما أهم بؤر التوتر في المنطقة، كان هؤلاء يعبرون الحدود بسلاسة وبلا أي رقابة حين كان العالم منشغلا فقط بإسقاط النظام السوري أيا كان من يحاربه.
واستثمرت تركيا التي كشفت تقارير محلية ودولية تورط استخباراتها في دعم وتسليح تنظيمات مصنفة إرهابية، الانشغال الدولي بـ”فظاعات” يرتكبها النظام السوري بحق شعبه، لتسريع حركة هجرة الإرهاب والتطرف.
وتواجه حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاتهامات بدعم وتمويل الإرهاب وتسهيل عبور المتطرفين إلى سوريا والعراق، بالنفي القاطع وتجادل بأن تركيا ذاتها عرضة للإرهاب، بينما تقول مراكز بحثية تهتم بشؤون الجماعات المتطرفة، إن الاعتداءات التي تعرضت لها تركيا لم تكن سوى نتيجة حتمية لتحالفات سابقة مع تلك الجماعات، معتبرة أن السحر انقلب على الساحر وأن النظام التركي يدفع الآن فاتورة صلاته بتنظيمات متطرفة.
وقضية عودة الجهاديين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية واحدة من القضايا التي باتت تثير جدلا وشدا وجذبا بين الحكومات الغربية والمنظمات الحقوقية، فيما تغاضت تلك الحكومات عن الدور التركي المفترض في تسهيل عبور أبنائها من الجهاديين إلى الساحتين السورية والعراقية.
وكان يفترض أن تتحرك تلك الحكومات دبلوماسيا لكشف الصلات المحتملة بين النظام التركي والجماعات المتطرفة في سوريا تحديدا، حيث تلقي تركيا بثقلها العسكري في دعم فصائل سورية معظمها متشددة.
ويعتقد أن الدول الغربية وتحديدا الأوروبية، تغاضت عن الممارسات التركية بسبب المصالح التي تربطها بتركيا وعلى ضوء علاقات شراكة كانت قوية قبل أن تتضرر بفعل سلوك تركيا العدواني في سوريا وليبيا وناغورني قرة باخ وفي شرق المتوسط.