كريتر نت – متابعات
تفاقمت مخاوف الفاعلين السياسيين في تونس وخاصة الأحزاب المعارضة من تصاعد وتيرة حملات التكفير، بعد أن تحول البرلمان التونسي إلى منصة للاتهامات والتكفير ضدّ الخصوم السياسيين.
وأدان حزب التيار الديمقراطي ما وصفه بحملة التكفير الممنهجة التي يقودها “أحد المتطرفين المتسللين إلى مجلس نواب الشعب وعدد من الصفحات المأجورة” ضد أمينه العام غازي الشواشي.
وحمّل التيار الديمقراطي في بيان أصدره السبت “هذا التكفيري مسؤولية أي اعتداء يلحق بغازي الشواشي جراء هذا التحريض”، داعيا النيابة العمومية إلى التحرك ضد هذه الدعوات التكفيرية لما فيها من خطر على السلامة الجسدية للفاعلين السياسيين وتهديد لمسار الانتقال الديمقراطي.
جاء ذلك على خلفية ما اعتبره الحزب حملة ممنهجة قادتها صفحات تابعة للنائب راشد الخياري ضد الشواشي.
وكان النائب راشد الخياري المستقل والذي أنتخب كمرشح لحزب ائتلاف الكرامة المقرب من حركة النهضة الإسلامية، نشر تدوينة في صفحته بموقع فيسبوك يتهم فيها النائبين غازي الشواشي ومنجي الرحوي بمهاجمة كتاب القرآن ورفضهما للدين واعتدائهما على المقدسات، داعيا إلى تغيير فصول الدستور التونسي الذي اعتبره “يشجع على الكفر”.
وأصر الخياري على تكفير النائبين، وردّا على بيان التيار الديمقراطي، هاجم النائب الحزب في تدوينة جديدة قائلا إن التيار “يعتبر القرآن وخاصة آيات الميراث موروثا باليا وقديما ومتخلفا”.
وفي تصريحات سابقة، اتهم الخياري التيار الديمقراطي بمحاولات إرشاء نواب بهدف استقطابهم للحزام السياسي للرئيس قيس سعيد.
ويواجه النائب منجي الرحوي، أيضا، حملة تكفير وتخوين تقودها صفحات محسوبة على التيارات الإسلامية في تونس، على خلفية تصريحاته المتواترة في الآونة الأخيرة والتي اتهم فيها حركة النهضة بتحويل البرلمان إلى بؤرة فساد ورشاوى، وأن الحركة نجحت في اختراق عدد من الأحزاب السياسية والتحكم في قراراتها.
وكان الرحوي اتهم حركة النهضة بسعيها لتعيين أحد المنتمين إلى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وآخر ينتمي إلى ائتلاف الكرامة، في المحكمة الدستورية بهدف الانقلاب على رئيس الجمهورية قيس سعيد وعزله.
والمحكمة الدستورية هي المؤسسة المنوط بها الفصل في الخلافات على النصوص الدستورية، على غرار معنى الدولة المدنية، أو عبارة الإسلام دينها.
ويُعزى تعطيل انتخاب المحكمة الدستورية إلى عوامل سياسية بالأساس، فمنذ العهدة البرلمانية السابقة لا يزال الصراع قائما في ظل اختلاف سياسي متنام وغياب حقيقي للتوافق من أجل مصلحة البلاد. وباتت أهم عناصر النزال السياسي والحزبي خطرا يهدد المسار الديمقراطي في البلاد. وتتخوف الأوساط السياسية من أن يعبّد الهيكل الدستوري الجديد طريق الصراعات والتناحر وقلب موازين القوى من جديد.
وفي تصريح له السبت قال الرحوي إن “النهضة لا تخترق فقط عبر الأشخاص بل عبر الملفات والترهيب وتضخيم الطموح والمساومة”، مؤكدا أن أكبر مثال على ذلك هو حزب قلب تونس الذي “تعتبر علاقتها به قضائية بالأساس”.
وتعيد حملة التكفير الشرسة ضد النائبين إلى الأذهان حادثة مشابهة، حين عمد النائب عن حركة النهضة الحبيب اللوز في العام 2014 إلى اتهام القيادي من الجبهة الشعبية منجي الرحوي، بعدائه للدين الإسلامي.
ومارس الماضي شنّ النائب عن ائتلاف الكرامة محمد العفاس حملة تكفير ضدّ رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، التي تقود حملة مناهضة لجماعة الإسلام السياسي في تونس.
ويشهد البرلمان التونسي منذ أشهر الكثير من المشاحنات وتبادل الاتهامات والشتائم بلغت حدّ التشابك بالأيدي، مما أثار استياء التونسيين والنواب الذين انتقدوا بشدة محاولة الحزبين الإسلاميين؛ حركة النهضة وائتلاف الكرامة وحليفهما حزب قلب تونس للهمينة على البرلمان ومهاجمة الأحزاب المختلفة عنهم.
وينتقد كثيرون صمت رئيس البرلمان راشد الغنوشي أمام التجاوزات التي يرتكبها أعضاء كتلة حركته التي يرأسها، إضافة إلى أعضاء ائتلاف الكرامة المتهمين بالترويج للتطرف بخطاب مشحون بعبارات التخوين والتكفير تحت قبة البرلمان وخارجها، الأمر الذي يزيد من حدة التوتر العام في البلاد.
وخلال الفترة الماضية تعالت الأصوات المطالبة بحل البرلمان والذهاب إلى انتخابات برلمانية سابقة لأوانها، وهو خيار أوحى الرئيس التونسي قيس سعيد في مناسبات متواترة بإمكانية اللجوء إليه.