كريتر نت – العرب
حركت الأزمة التي تعيشها قناة السويس المصرية منذ أسبوع، بسبب جنوح إحدى سفن الشحن العملاقة وما نجم عنه وقف تدفق حاويات البضائع وشحنات النفط العالمية، مزيجا من اللغط تراوح بين حجم التكاليف التي قد تخلفها هذه المشكلة، وما إذا كان ثمة عيوب في تنظيم الملاحة البحرية. لكنه استدعى أيضا تاريخا من الشواهد التي تسببت في إغلاقها.
وعرقلت سفينة شحن يابانية عملاقة تحمل علم بنما الملاحة في المجرى المائي بقناة السويس المصرية، الذي يمر من خلاله 10 في المئة من تجارة العالم بما في ذلك 7 في المئة من النفط العالمي. ومع أن هناك قواعد تنظم حركة الملاحة تصل إلى حد مراقبتها بالأقمار الاصطناعية، لكن يبدو أنّ ثمة قصورا في آليات التنظيم.
ومنذ افتتاحها في 1869، كانت قناة السويس مصدر فخر وطني ومحورا للصراع الدولي، ويعتبر هذا الممر أحد أفضل الطرق البحرية المختصرة في العالم، وهو يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط من خلال ممر ضيق يقطع الآلاف من الأميال عن معظم رحلات الشحن بين الشرق والغرب.
والآن، دفع نوع مختلف من الأزمات قناة السويس إلى دائرة الضوء العالمية بعد أن جنحت سفينة حاويات بحجم ناطحة السحاب تحمل اسم “إيفرغيفن” بشكل جانبي عبر الممر المائي الأسبوع الماضي. وأوقف هذا الانسداد حركة مرور القناة، التي تقدر قيمتها بأكثر من 9 مليارات دولار يوميا مما أدى إلى تعطيل شبكة الشحن العالمية المثقلة بالفعل بوباء كورونا.
وقد تراكمت المئات من السفن، التي كانت تنتظر عبور القناة وسط ازدحام مروري هائل. ومع وجود السفينة الجانحة، اختارت سفن الشحن الأخرى السير في الطريق الطويل حول رأس الرجاء الصالح.
حوادث عرقلت نشاط القناة
1937 اصطدمت سفينة فايسروي أوف إنديا البريطانية بإحدى ضفتي القناة وتم إيقاف الحركة ليوم واحد1954 تحطم ناقلة نفط يونانية تسبب في توقف نشاط القناة لثلاثة أيام1956 أغلقت مصر القناة عقب دخولها في حرب مع بريطانيا وفرنسا وإسرائيل جراء تأميمها للقناة1967 أغلقت مصر القناة أمام الشحن الدولي بعد دخولها في حرب مع إسرائيل، واستمر إغلاقها 8 سنوات2004 تسببت ناقلة روسية في إيقاف الحركة لمدة ثلاثة أيام2013 هددت جماعة “كتائب الفرقان” التي تنشط في سيناء حينها القناة لكن لم يتم إغلاقها2018 سفينة حاويات تعطلت في الممر وتسببت في حدوث تصادم سفن عديدة
ويقول المحلل كريس بريانت في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ إن هذا الموقف يرجع في جزء منه ببساطة لسوء الحظ، فقد قامت مصر بتوسيع أجزاء من القناة لتسمح بمرور السفن معا في الاتجاهين، واستيعاب الناقلات كبيرة الحجم.
لكن حادث “إيفر غيفن” يبعث كذلك برسالة مفادها أن أي حضارة في العالم حتى لو كانت متقدمة تعاني نقاط ضعف حادة. وفي ميدان الاستراتيجية والأمور العسكرية، تعرف هذه المعوقات باسم “نقاط الاختناق”، وغالبا لا يتم الالتفات إليها إلا عندما تقع مشكلة.
وخلال العام الماضي، مرت ما يقرب من 19 ألف سفينة عبر قناة السويس العام الماضي، تحمل أكثر من 10 في المئة من إجمالي حجم التجارة العالمية. وفي حين أن إغلاق القناة مؤخرا يعدا أمرا تاريخيا، إلا أن تعطيل القناة ليس بالأمر الجديد، فعلى مرور الزمن تم تسجيل بعض الأحداث الكبرى التي أدت إلى إغلاق القناة أو هددتها في الماضي.
ففي 1956، قام الرئيس المصري آنذاك جمال عبدالناصر بتأميم القناة، الذي احتفل به المصريون على أنه انفصال متحد عن الإمبريالية الأوروبية، لكنه دفع بريطانيا وفرنسا وإسرائيل للتدخل عسكريًا واحتلال منطقة القناة.
ومع احتدام القتال، أغلقت السفن الغارقة القناة لأشهر، ثم جاءت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وهما اللتان عارضتا الغزو علنا، وأجبرتا الدول الثلاث في النهاية على الانسحاب وتمكنت مصر من إعادة فتح القناة في مارس 1957، فيما كان ينظر إليه في جميع أنحاء المنطقة على أنه انتصار للقومية العربية.
وبعد عقد من الزمن، عند اندلاع حرب الشرق الأوسط عام 1967، أغلقت مصر القناة أمام الشحن الدولي حيث قصفت القوات الإسرائيلية مرة أخرى منطقة القناة وتحصنت في شبه جزيرة سيناء.
وهذه المرة، تم إغلاق القناة لمدة 8 سنوات، وتراكمت الألغام والقذائف والسفن الغارقة، وبات الممر خندقا محصنا في الحرب، ولكن بعد محادثات السلام مع إسرائيل أعاد خليفة عبدالناصر، الرئيس أنور السادات، فتحه في 1975.
وخلال فترة الإغلاق، تقطعت السبل بأكثر من 12 سفينة شحن في منتصف الطريق عبر القناة في بحيرة غريت بيتر ليك. وكشفت دراسة أجرتها الأمم المتحدة أن القناة المغلقة كلفت العالم 1.7 مليار دولار في صورة خسائر تجارية وزيادة تكاليف الشحن ومصر 250 مليون دولار من الإيرادات الضائعة سنويا.
وأجبر الإغلاق السفن المتجهة إلى أوروبا على تجنب السويس من خلال السفر عبر طريق رأس الرجاء الصالح، مما شجع الشاحنين على تطوير ناقلات عملاقة كبيرة وهو اتجاه أدى، من سخرية القدر، إلى تضخم السفن إلى حجم إيفرغيفن الجانحة الآن في قناة السويس.
وتفصل القناة البر الرئيسي لمصر عن شبه جزيرة سيناء، وهي المنطقة المضطربة حيث يشن الجيش المصري حملات قمعية منذ سنوات ضد فرع محلي لتنظيم داعش. وهدد العنف بالانتشار وتعطيل التجارة العالمية.
وفي صيف 2013، هاجمت جماعة مسلحة مقرها سيناء تُدعى كتائب الفرقان سفينتين في الممر المائي بقذائف آر.بي.جي، مما تسبب في حدوث أضرار طفيفة، وعلى الرغم من الوعود المتكررة باستهداف الممر المائي، فشل المسلحون المصريون حتى الآن في التأثير على حركة الملاحة البحرية هناك.
وأُغلق الممر المائي قبل ذلك بسبب جنوح بعض السفن، والذي قد يكون من الصعب التنقل فيه عندما تكون الرؤية ضعيفة. وجدّ أول حادث في 1937، عندما تسببت الرياح وعواصف الأمطار في اصطدام سفينة “فايسروي أوف إنديا” البريطانية بإحدى ضفتي القناة وإيقاف الحركة ليوم واحد.
وعلى مدار القرن، تحطمت سفن شحن أو أغلقت الممر لفترة وجيزة لمدة تصل لثلاثة أيام، بما في ذلك ناقلة نفط يونانية في 1954، وناقلة روسية في 2004، وسفينة حاويات تعطلت في 2018 وتسببت في حدوث تصادم سفن متعدد.
ومع ذلك، وفي جميع الحالات، تم حل مشكلات الجنوح بسرعة. لم يحدث من قبل أن أصبحت السفينة محصورة بعرض القناة، مثل السفينة إيفرغيفن.