كريتر نت – متابعات
قال معهد الشرق الأوسط إن جماعة الحوثي اكتسبت المزيد من النفوذ والسلطة في الصراع اليمني نتيجة العديد من الأحداث السياسية والتدابير العسكرية التكتيكية التي لعبت لصالحهم.
وأكد المعهد في تقرير له أعدته الكاتبة فاطمة أبو الأسرار أنه من الناحية السياسية، استفاد الحوثيون من تغيير الإدارة في واشنطن، الذي رفع تصنيف حركتهم على أنها إرهابية.
وأضاف “يواصلون المشاركة في عمليات الأمم المتحدة التي تقر وتحترم وجودهم كجهة فاعلة مسلحة من غير الدول، وهو وضع يبدو أنهم يتمتعون به. ولأن معظم الاهتمام في اليمن يتركز على الكارثة الإنسانية التي أحدثها التدخل السعودي، فإن الحوثيين يريدون الحرية لمواصلة ارتكاب الانتهاكات الإنسانية ضد السكان المحليين مع الإفلات من العقاب”.
وأشار إلى أن معظم الامتيازات السياسية التي يتمتع بها الحوثيون اليوم ستتوقف إذا لم يكونوا في السلطة، لافتا إلى أن فشل محادثات السلام أدى إلى مزيد من سيطرة الحوثيين.
على الجبهة العسكرية، يشير المعهد إلى أن الحوثيين شددوا قبضتهم على المناطق التي يسيطرون عليها ويواصلون التوغل بشكل أعمق في المناطق الحساسة التابعة للحكومة، ويمكن إرجاع هذه الرغبة المتزايدة للتوسع إلى اتفاق ستوكهولم الذي تيسره الأمم المتحدة في ديسمبر 2018، والتي تركزت على منع حكومة هادي وداعميه من استعادة مدينة الحديدة من أيدي المتمردون. اعتبرت حكومة هادي أن “تحرير” الحديدة من أهم القضايا والتضحيات التي يمكن بذلها من أجل الصالح العام لأنه كان سيوقف الحوثيين في مسارهم ويحد من سلطتهم، إجبارهم على التوصل إلى اتفاق.
ولفت معهد الشرق الأوسط إلى أن اتفاق ستوكهولم منح الحوثيين بعضًا من التنفس ومكنهم من تحويل استراتيجيتهم من الدفاع إلى الهجوم وإعادة توجيه جهودهم إلى مكان آخر، وانتقلت الصراعات المحلية بثبات إلى جبال الضالع ثم إلى المرتفعات المجاورة للحديدة، مما أدى إلى هزيمة قبائل حجور في عرض وحشي للسلطة ضد القرويين. تقدم القتال بشكل مطرد إلى نهم وانتهى في نهاية المطاف بانتصار مذهل في الجوف العام الماضي، مما أدى إلى تدمير الروح المعنوية للجيش اليمني والبلد بأكمله.
حرب استنزاف
يقول التقرير إن انتصارات المتمردين الحوثيين كانت تعتمد على قدرتهم على خلق الفوضى، وتمثلت استراتيجيتهم في فتح جبهات قتال متعددة في حرب استنزاف استنزفت موارد الحكومة واختبرت الدفاعات الأرضية والجوية السعودية.
يضيف لقد تمكنوا من التوسع محليًا مع القليل من الاهتمام الدولي بمستويات العنف التي فرضوها على السكان المحليين أو عواقب الدمار الذي أحدثوه.
يتابع “بعد ستوكهولم، قصفت جماعة الحوثي عدة مناطق في الحديدة، وأجبرت قرى بأكملها على الهجرة، وأُعدم المعارضون السياسيون، ودمرت البنية التحتية بسبب سلسلة من الاستعدادات العسكرية والإجراءات العقابية ضد السكان المحليين المعارضين”.
يشير معهد الشرق الأوسط، إلى أن التوغل العسكري للحوثيين الذي وصفه بـ “الوقح” عبر الحدود السعودية الرياض إلى إعطاء الأولوية لحماية الحدود على حماية الحلفاء.
وذكر التقرير أن هجمات الحوثيين المتزايدة بطائرات بدون طيار على المملكة العربية السعودية جاءت بعد اغتيال قاسم سليماني من قبل إدارة ترامب ووعود قيادة الحوثيين بالانتقام لمقتل سليماني. هذا الرابط مهم لفهمه لأن علاقة إيران بالحوثيين أثرت على مسار الحرب، حيث ساعد عناصر حزب الله ومسؤولو الحرس الثوري الإيراني الحوثيين على تحقيق انتصاراتهم السياسية والعسكرية التكتيكية في نهم والجوف، وهم بلا شك. يواصلون دعمهم للتوغلات في مأرب. لافتا إلى أن المواقف الإيرانية والحوثية متطابقة تمامًا، بما في ذلك رفضهما الأولي للمبادرة السعودية.
واستطرد “إذا سيطر الحوثيين على مأرب، فسيكونوا مستعدين للتوسع أكثر في قلب الجنوب باتجاه خليج عدن للسيطرة على مضيق باب المندب، وهو ممر بحري مهم يحاولون الوصول إليه منذ سنوات.
ويرى معهد الشرق الأوسط أن السيطرة على جنوب اليمن ستشكل تحديًا للحوثيين، نظرًا للآلاف من القوات المدربة الإماراتية في المنطقة والعداوات الإقليمية بين الجنوبيين والحوثيين، فقد أثبتوا أنهم يستطيعون الاستمرار في خوض حرب الاستنزاف بالقليل جدًا نتيجة لقيادتهم المركزية وقيادتهم.
أوضح التقرير أن الحوثيين لا يتشاركون في السلطة، لقد رفضوا المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني اليمني ، ورفضوا التوقيع على اتفاقية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في الكويت بعد شهور من المحادثات، وارتكبوا أخطاء جسيمة بين القبائل المحلية، إما بالقتال أو إجبارهم على قبول أسلوبهم في الحكم، لقد أظهروا أن غالبية تحالفاتهم لم تدم طويلاً كما حدث في مقتل حليفهم السابق الرئيس علي عبد الله صالح. لقد أدركوا أن رفض المبادرات وطلب المزيد في أي ظرف من الظروف هو استثمار يدر أرباحًا ضخمة وسيستمرون حتى يضطروا إلى القيام بخلاف ذلك.
وأردف أن رؤية الحوثيين لليمن مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بفهمهم الديني للإسلام وتفسيرهم المتطرف لفرع معين في مذهبهم الزيدي يعطي الأولوية في الحكم لأحفاد النبي محمد، هذا الاعتقاد مرفوض على الصعيد الوطني في اليمن ليس فقط لأنه تمييزي، ولكن أيضًا لأنه ثبت أنه سبب في الظلم والقسوة الجسيمة في تاريخ اليمن.
وأكد المعهد أن تركيز الحوثيين على هذا الجانب الطائفي كحق حصري لنخب أشرف التي تشترك في سلالة النبي أدى بالفعل إلى تعيين أشرف في غالبية مؤسسات الدولة وإكراه ملايين الأشخاص الذين يعيشون تحت سيطرتهم”.
وأضاف “سيكون اتفاق السلام الذي لا يعترف بالحق المطلق للحوثيين في حكم اليمن، أو على الأقل يمنحهم مكانة خاصة في المستقبل السياسي للبلاد، اقتراحًا صعبًا بالنسبة لهم لتأييده”.
في الوقت الحالي يقول التقرير إن أفضل تحرك للحوثيين يتمثل في الحفاظ على الوضع الراهن من خلال رفع سقف مطالبهم، والإبقاء على التأكيد على الدور السعودي في الصراع، ومواصلة توسعهم العسكري وعنفهم من أجل التفاوض من موقع قوة”.
واختتم معهد الشرق الأوسط تقريره بالقول إنه بالنظر إلى أولوية إدارة بايدن الجديدة للسلام ووجود مبعوث أمريكي جديد لليمن، يدرك الحوثيون أن هناك الآن إمكانية أكبر لتحقيق أهدافهم طويلة المدى أكثر من أي وقت مضى، وعدم فهم أن الحوثيين لعبوا اللعبة الطويلة سيمهد بلا شك الطريق لمستقبل يمني غير شامل سينتهي بإقامة دولة ثيوقراطية للحوثيين.