كريتر نت – العرب
أدى هجوم هذا الأسبوع على سفينة شحن إيرانية قيل إنها تعمل كقاعدة عائمة لقوات الحرس الثوري الإيراني شبه العسكرية قبالة سواحل اليمن إلى تصعيد حرب الأشباح بين إيران وإسرائيل التي تستمر لسنوات في ضرب الوجود الإيراني في سوريا والمياه الإقليمية، كما تضع عينها على البرنامج النووي الإيراني في الوقت الذي يكتفي فيه الإيرانيون برد محدود بشأن السفن أو التعلل بأن الوقت لم يحن بعد للرد على الاستهداف الإسرائيلي.
وتسبب الهجوم على سفينة “سافيس” يوم الثلاثاء في إحداث أكبر ضرر حتى الآن في معادلة حرب الظل هذه، وقد يدفع إيران إلى الخروج من حالة الانكماش واستيعاب أن إسرائيل لن تتوقف تحت وقع التلويح بالانتقام المباشر أو عن طريق الوكلاء، وهو ما قد يقود إلى خروج الهجمات والهجمات المضادة بين الدولتين عن نطاق السيطرة.
ويقول مراقبون إن سكوت إيران على الهجمات، خوفا من الانجرار إلى حرب غير محسوبة، ساعد الإسرائيليين على الاستمرار في حرب الظل، وأظهرهم في موقف قوة، كما أعطى مشروعية واقعية لتكرار تلك الهجمات وبينها الهجوم على السفينة “سافيس”، حيث بدا الحادث أمرا روتينيا رغم أنه كان بمثابة استهداف نوعي لأنشطة إيران.
وسيكون فقدان “سافيس” بمثابة ضربة موجعة لجهود إيران وتمركزها في البحر الأحمر للتأثير في حرب اليمن.
وأظهرت أوراق إحاطة عسكرية سعودية حصلت عليها وكالة أسوشيتد برس في وقت سابق أن المملكة تعتقد أن السفينة تجري مراقبة بصرية وإلكترونية، فيما يصف محللون في معهد واشنطن السفينة بأنها مستودع أسلحة عائم.
ومع ذلك حاول المسؤولون الإيرانيون حتى الآن التقليل من أهمية الحادث، والنظر إليه كحادث عرضي تماما مثلما تعاملوا مع الهجمات الإسرائيلية على قوات ومنشآت ومراكز لهم في سوريا.
فقدان “سافيس” ضربة موجعة لجهود إيران وتمركزها في البحر الأحمر للتأثير في حرب اليمن
ويمكن أن تفرض الأجندة الإسرائيلية على إيران مغادرة مربع الصمت والانتظار؛ إذ يشير المراقبون إلى أن الهدف القادم قد يكون ضرب المنشآت النووية والحيلولة دون الوصول إلى مرحلة التخصيب، وهذا ما تعكسه تصريحات متواترة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأعلن نتنياهو الأربعاء أن إسرائيل لن تكون ملزمة باتفاق نووي بين القوى الكبرى وإيران، مشيرا إلى أن “اتفاقا يمهد الطريق أمام طهران لصناعة أسلحة نووية تهددنا بالاندثار، لن نُرغَم عليه بأي شكل من الأشكال”.
وواجه الإيرانيون منذ عام هجوما غامضا يرجح أنه إسرائيلي أفضى إلى انفجار في محطة طرد مركزي متطورة في منشأة نطنز النووية وأسفر عن مقتل عالم بدأ البرنامج النووي العسكري للبلاد قبل عقود.
ولا يستبعد الخبراء أن تلجأ إسرائيل إلى تدمير المنشآت الإيرانية مثلما فعلت مع مفاعل تموز النووي العراقي في يوليو 1981.
ويقوم المسؤولون الإسرائيليون بسرد هذا المثال في المناقشات الدائرة حول خيارات إسرائيل بالنسبة إلى إيران اليوم.
ويقول جاي مينز المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنه “لأسباب سياسية وإقليمية عديدة سيكون من المنطقي أن تضرب إسرائيل إيران عاجلاً وليس آجلا”.
وأضاف مينز “هناك حسابات متغيرة للحكومات الإقليمية، ولكنّ هناك أيضًا حظوظا متغيرة للعدو الرئيسي الآخر لإسرائيل وهو حزب الله الذي لا يزال لديه ما يقرب من 150 ألف صاروخ وقوة كوماندوز قوامها نحو 20 ألف فرد يمكنها الرد على هجوم إسرائيلي على إيران”.
لكن كيف سترد إيران بنفسها على هذا الهجوم؟ في عام 1981 كان العراق في خضم حرب برية ساحقة مع إيران. لكن إيران اليوم تستطيع الرد على إسرائيل؛ فلو شنت إسرائيل هجوما على المنشآت النووية الإيرانية لن يكون أمام إيران خيار سوى الرد.
وتقدر القيادة المركزية الأميركية أن ما لا يقل عن بضع مئات من الصواريخ الباليستية الإيرانية تضع إسرائيل في نطاقها، مما يعني أن هذه ستكون أكثر السبل المحتملة للرد. ومن المستبعد جدًا أن تتمكن إسرائيل من اعتراض جميع الصواريخ. ومع ذلك قد يجادل المتشددون، كما فعل مناحيم بيغن، بأن وابلا من الصواريخ التقليدية أفضل من صاروخ نووي واحد.
وتراهن إيران على بقاء الولايات المتحدة خارج الصراع إذا تم تنفيذ الضربة الإسرائيلية الأولية دون تدخل أميركي. ولكن حتى لو حدث ذلك، فإن الضربات الباليستية على إسرائيل ستجعل من غير المجدي من الناحية السياسة لإدارة جو بايدن إحياء الاتفاق النووي أو سحب عقوبات إدارة دونالد ترامب من إيران.
وفي الوقت الحالي من المرجح أن تكبح الولايات المتحدة إسرائيل وتغري إيران في النهاية بالعودة إلى الاتفاق النووي. ولكن إذا استمرت الدبلوماسية في فشلها فستشعر إسرائيل بأنها مضطرة إلى التحرك، وفي غضون أسابيع قليلة قد تكون لديها حكومة لتضغط على الزناد.