التعنت الحوثي وتأخر المفاوضات مرتبطان بالملف الإيراني
هدى رؤوف
خلال جلسة الاستماع بمجلس النواب في واشنطن، حمّل تيموثي ليندركينغ المبعوث الأميركي إلى اليمن، إيران المسؤولية الكاملة في دعم الحوثيين وزعزعة الاستقرار في ذلك البلد، داعياً إلى الضغط على طهران والحوثيين لإيجاد حل. ووفقاً لوكالات الأنباء قال ليندركينغ نصاً “لم أر دليلاً واحداً إيجابياً على دور إيران في اليمن، الذي يسبب خطورة عالية على السعودية والأميركيين العاملين هناك الذين يقدّر عددهم بـ70 ألف شخص، وأنا أعمل من أجلهم ولحماية مصالح أميركا”.
تستمر الحرب في اليمن منذ أكثر من عشر سنوات، وزاد من أمد الأزمة التدخل الإيراني. إن خطورة الوضع في اليمن تنبع من الخوف من أن فشل الدولة اليمنية سيمكّن الجماعات الإرهابية المتمركزة في ذلك البلد من زعزعة استقرار ممرات الشحن الدولية الحيوية بالقرب من مضيق باب المندب، وإتاحة الفرص لإيران لتهديد حدود السعودية إلى جانب تهديدات جيواستراتيجية عدة. واستمرت إيران في نقل الصواريخ والأسلحة الإيرانية والمساعدات العسكرية للحوثيين، في انتهاك لحظر الأسلحة الدولي (قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216)، الأمر الذى نتج منه تهديد الحوثيين للسعودية وغيرها من دول الخليج. مع ذلك تنفي إيران اتهامها بدعم الحوثيين عسكرياً.
ولم يقف الدعم الإيراني عند حدود الدعم العسكري فقط بل هناك دعم لوجيستي وسياسي وعقائدي، ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2020، عيّنت إيران حسن إيرلو سفيراً لها في شمال اليمن، وجعل هذا التعيين إيران أول دولة تعترف دبلوماسياً بالحوثيين كـ “حكومة شرعية” منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء في عام 2014. التبعية التي تنسجها إيران في علاقتها بالجماعات الموالية لها من دون الدول، هي المحرك الرئيس لدعم طهران لوكلائها في المنطقة. ومن مظاهر هذه التبعية، حضور إيرلو وقفة احتجاجية في يناير (كانون الثاني) 2021 في صنعاء، للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لقتل الولايات المتحدة للقائد السابق لـ”فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني قاسم سليماني.
وبعد محاولة الولايات المتحدة وضع الملف اليمني في مسارٍ موازٍ للملف النووي الإيراني لإحداث اختراق فيهما، تغيرت السياسة الأميركية تجاه اليمن في ظل الرئيس جو بايدن، إذ عيّن مبعوثاً خاصاً لليمن. واعتباراً من مارس (آذار) الماضي، واصل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث جهوده للتوسط في وقف إطلاق النار، الذي كان يُفترَض أن يؤدي إلى محادثات حول تسوية سياسية للصراعات في اليمن. وكثّف غريفيث جهوده الدبلوماسية، وسافر إلى دول الخليج العربية وإيران. والتقى المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ بمسؤولين حوثيين في العاصمة العُمانية مسقط في أواخر فبراير (شباط) من أجل الضغط عليهم لوقف هجومهم العسكري في مأرب، وإشراك السعودية في مفاوضات وقف إطلاق النار. ومع ذلك استمر الحوثيون فى تعنتهم ورفضوا المبادرة السعودية للتهدئة.
ويوضح الوضع في اليمن تشابك ملفات السياسة الإيرانية وأهدافها، ومن ثم فإن التعامل مع الملفات المتشابكة يكون من خلال اتفاق موسّع يشملها وليس كما تريد إيران أن يقتصر على الملف النووى فقط.
إن التعنت الحوثي وتأخر المفاوضات مرتبطان بشكل قوي بالملف الإيراني، إذ سبق لوزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أن كتب فى مقاله المنشور عام 2014 بمجلة “فورين أفيرز”، “غني عن القول إن تداعيات الصراع المستمر منذ عدة عقود بين إيران والولايات المتحدة، والذي تفاقم كثيراً نتيجة القضية النووية، زاد من تعقيد حالة العلاقات بين إيران ومجموعة من جيرانها. وفي هذه الأثناء، حدثت طفرة أخيراً في نشاطات الجهات الفاعلة المتطرفة والعنيفة في دول مثل أفغانستان والعراق ولبنان وسوريا”، أي إن ظريف يصوّر أن البيئة الإقليمية المضطربة هي نتاج العلاقات المتدهورة بين إيران والولايات المتحدة، ومن ثم يحاول أن يوضح أنه يمكن أن يكون لإيران دور في تهدئة الأوضاع المضطربة، ومن جهة أخرى تريد أن تتحاور مع السعودية بشكل مباشر من خلال ملف اليمن. لذا فاذا تمّت تسوية الأوضاع باليمن وبموازاتها نجحت مباحثات فيينا في الوصول إلى تفاهم بين إيران والولايات المتحدة، ستكون المرحلة التالية دعوات ومبادرات من إيران للتعاون الاقتصادي الإقليمي.
المصدر : أندبندنت عربية