أتى تعليق الدبلوماسي على اتهامات طالت بلاده بالتسبب في استمرار الأزمة
كريتر نت – كنعان الحميري – أندبندنت
“من هم المعتدون؟” هكذا تساءل سفير بريطانيا لدى اليمن مايكل آرون، مختزلاً في حديثه الذي جاء ردّاً على حملة إلكترونية ضده، اتهمت بلاده بالتسبب باستمرار الحرب في البلاد.
وقال آرون، ردّاً على تعليق تلقّاه على “تويتر”، “أعلنت المملكة العربية السعودية عن مبادرة لإنهاء الحرب رحّبت بها الدول كافة باستثناء إيران، بدأ الحوثيون هجوماً جديداً على مأرب وزادوا بشكل كبير هجماتهم الصاروخية والطائرات المسيّرة على المملكة العربية السعودية، وحاولوا اغتيال الحكومة الشرعية بأكملها”، في إشارة إلى قصفهم الصاروخي الذي استهدف مطار عدن لحظة وصول الطائرة التي تقلّ الحكومة الجديدة.
وكان المغرّد قال مخاطباً السفير البريطاني، “أنت تعلم بالفعل أن أسلحتكم وطائراتكم الحربية المُباعة للسعوديين ساعدت في خلق أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.
تأثير متفوق
لا يغفل الدور الذي تؤديه بريطانيا في اليمن بشكل مؤثر ومن منطلقات تاريخية وسياسية معروفة.
فالبلد الذي احتل جنوب اليمن لنحو 129 عاماً، يحتفظ بإرث معرفي وإدراك كافٍ لطبيعة وأبعاد قضاياه على نحو يفوق أي بلد آخر.
إضافة إلى ذلك، فهناك دور بريطاني مباشر في مجلس الأمن الدولي على اعتبار أن المملكة المتحدة هي المسؤولة عن الملف اليمني فيه، فمنذ الانقلاب الحوثي على الدولة في سبتمبر (أيلول) 2014، أدّت بريطانيا دوراً منسجماً مع أدوار الاتحاد الأوروبي، خصوصاً في ما يتعلق بدعم العمليات الإنسانية، وفي الوقت ذاته، تبنّت لندن موقفاً ضاغطاً على التحالف العربي وقوات الشرعية في ما يتعلق بتحرير الحديدة من ميليشيات الحوثي في مجلس الأمن.
وعبّرت عن ذلك، وفقاً لرؤيتها، أنه يأتي لـ”تفادي الكارثة الإنسانية الوشيكة في المدينة”، لتطالب لاحقاً بتسليم الميناء إلى الأمم المتحدة.
غير أن السيطرة الحوثية ظلت هي الممسكة بزمام الميناء الاستراتيجي والمتحكمة بإيراداته الضخمة التي تموّل بها “مجهودها الحربي ضد الشعب اليمني”، بحسب تصريحات حكومية رسمية.
دعم المبادرة السعودية
وخلال الأشهر الماضية، شهد الملف اليمني، تعاطياً بريطانياً مختلفاً، أكدته جملة من المعطيات، منها الموقف الداعم والصريح للمبادرة السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية التي تنص على وقف إطلاق النار وإعادة فتح مطار صنعاء وإتاحة تسهيلات إضافية أمام ميناء الحديدة على الساحل الغربي وإطلاق محادثات سياسية لإنهاء الأزمة.
وعبّرت لندن على لسان وزير خارجيتها دومينيك راب، عن ترحيبها بمبادرة السلام الجديدة التي اقترحتها الرياض لإنهاء الحرب في اليمن، وحثت الحوثيين على العمل مع خصومهم السعوديين لوضع حدّ للصراع المستمر منذ ست سنوات، قبل أن تسارع الميليشيا الحوثية إلى القول إن “المبادرة لم تأتِ بجديد”. ثم أعلنت الميليشيا غداة المبادرة، “استهداف مطار أبها الدولي بطائرة من دون طيار”.
المشكلة حوثية
أحاديث الدبلوماسية البريطانية الأخيرة عن الرؤية الدولية لحل الأزمة اليمنية، تدعم مقترحات السلام سواء تلك التي سبق وقدّمتها الحكومة اليمنية، وفقاً للمرجعيات الثلاث، أو مبادرة الرياض، فيما تشير صراحة إلى الحوثي ومن خلفه إيران، باعتبارهما المعرقل لتلك الجهود عبر رفض مبادرات الحل.
وفي فبراير (شباط) الماضي، أكد سفير بريطانيا في اليمن أن بلاده تعمل مع الرياض وواشنطن لوقف الحرب في البلاد، مشيداً بالموقف السعودي الساعي لإرساء السلام، داعياً في الوقت ذاته الحوثيين للتعامل بالمثل.
وتأييداً لما يعتبره مراقبون “تغيّراً متقدماً” في المواقف البريطانية من القضية اليمنية، قال السفير اليمني لدى المملكة المتحدة ياسين سعيد نعمان إن الموقف الإنجليزي بات متقدماً على كل الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، في ما يخص الموقف من قضية اليمن.
وأضاف لـ”اندبندنت عربية”، “أتحدث هنا عن موقف الحكومة وهي حكومة المحافظين، أما المعارضة بقيادة حزب العمال، فلها موقف مختلف”.
البعد الإنساني
ويشير نعمان إلى أن المعارضة في لندن تستخدم “البعد الإنساني في المشكلة اليمنية، وتحاول أن تحمّل مسؤوليته للحكومة الشرعية والتحالف، وصوتها في الشارع البريطاني قوي ومسموع”.
ويرى أن مشكلة بلاده مركّبة ومترابطة، ولكنه يعتبر أن “أساس المشكلة يكمن في السياسة الأميركية الجديدة التي تفاعلت مع مناورة إيران في موضوع الأمن بالمنطقة مقابل التخلي عن مشروعها النووي”. ويخلص بهذا الشأن إلى أنه “عندما يرتفع صوت أميركا في أي موضوع دولي ترتبك المواقف الأخرى للأسف”.
وفي إشارة إلى فرض تغيير ميداني، يلفت الدبلوماسي اليمني إلى أن “أساس تغيير الموقف يكمن في إحداث تغيير معادلة على الأرض، أما الدول، فلكل مصالحه التي يتحرّك بموجبها”.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني عادل الأحمدي إن الميليشيات استفادت كثيراً من المواقف الدولية غير الحازمة في هذا الشأن، بما في ذلك استثمار جهود بريطانيا بشأن اتفاق الحديدة على الضد مما يقتضيه السلام.
ويضيف، “اتفاق استوكهولم الذي جرى بين الحكومة الشرعية والحوثيين بشأن الحديدة نهاية 2018، تحوّل إلى وسيلة تبقي نفوذ الحوثي على البحر”.
إدراك جديد
ويعتبر الأحمدي أن تصريحات السفير البريطاني جاءت “لتعكس مؤشراً إيجابياً إلى أن لندن باتت تدرك جيداً كيف أن الحوثي هو موقد الحرب وهو من يعمل على إطالة أمدها، من خلال النظر إلى أي جهود سلام، كما لو أنها فرصة لتحقيق تقدّم ميداني هنا أو هناك، ومأرب خير شاهد على ذلك”.
وعلّق القيادي في الميليشيات التي تسيطر على صنعاء محمد علي الحوثي، على الاتهام البريطاني لهم بتعطيل عملية السلام، قائلاً “أوقفوا فيروسات أسلحتكم التي تُشحن للخليج”، إذ تزامن التراشق مع كمية من لقاحات “أسترازينيكا” التي أرسلتها لندن إلى اليمن.
وأضاف في تغريدة على “تويتر”، “بريطانيا أعلنت التبرع بلقاحات لفيروس كورونا لليمن، نقول لهم، أوقفوا فيروسات أسلحتكم التي تُشحن للخليج في العدوان على اليمن، فهي أشدّ فتكاً”.