كريتر نت – القاهرة
بدأت شركات التعدين في مصر في التنقيب عن الذهب تحت رمال الصحراء بعد تعديل القاهرة للقواعد التشريعية لهذه الاستثمارات غير المستغلّة. فقد تم فتح جولات مزايدة في الدرع العربي النوبي الثري بالمعادن في مسعى لمضاعفة الاستثمارات في الذهب والنحاس.
وتتأهب شركات التعدين التي حصلت على امتيازات في مناطق بصحراء مصر الشرقية لبدء التنقيب عن الذهب بموجب إصلاح تشريعي يسعى في نهاية المطاف إلى الاستفادة من موارد معدنية ضخمة غير مستغلة.
وعلى الرغم من الاحتياطيات الوفيرة وتاريخ التعدين الثري اللذين تمخضا عن حلي ذهبية فرعونية دقيقة التفاصيل، فإنه لا يوجد بمصر غير منجم تجاري واحد منتج للذهب. وينمو الاستثمار الأجنبي في النفط والغاز، لكن التعدين يعتريه الوهن.
والآن، تعول البلاد لجذب الاهتمام على ارتفاع أسعار الذهب وتعديل قوانين التعدين التي تقضي على البيروقراطية وقاعدة تقاسم الأرباح، التي لا تحظى بقبول في القطاع.
وبعد عام من تدشين أول جولة عطاء بموجب القواعد الجديدة، أبرمت مصر حتى الآن خمسة عقود للتنقيب عن المعدن الأصفر في أول جولة وأبقت نظام المزايدات نشطا مع سعيها لبناء الزخم.
وتتطلع الحكومة لاستقطاب استثمارات سنوية بمليار دولار إلى قطاع التعدين، وهو هدف تقول مصادر بالقطاع إنه قد يكون في المتناول.
وقال باتريك بارنز رئيس استشارات المعادن والتعدين المعني بأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وروسيا وبحر قزوين لدى وود ماكنزي التي تقدم المشورة للحكومة المصرية بشأن إصلاحات قانون التعدين “النجاح سيُقاس في نهاية المطاف بعدد المناجم التي ستُكتشف وتُطور الإنتاج”.
باتريك بارنز: النجاح سيُقاس بعدد المناجم التي ستُكتشف وتطور الإنتاج
وأضاف “تكشف المؤشرات المبكرة أن جولة العطاء كانت أفضل بكثير من الجولات التي عُقدت في السابق”.
وفي العطاء الأولي، أرست مصر في نوفمبر 82 رقعة استكشافية على ما قال محللون للمعادن إنه مزيج صحي من 11 شركة، تتراوح بين شركات تنقيب صغيرة إلى شركات عملاقة بالقطاع مثل باريك غولد.
والمناطق المطروحة تقع في التكوين الجيولوجي للدرع العربي النوبي، الذي يتاخم البحر الأحمر ويُعتقد أنه من بين أكثر المناطق ثراء بالمعادن في العالم. لكن سعي مصر في مجال التعدين ما زال في مرحلة مبكرة.
وقالت ألتوس ستراتيجيز ومقرها المملكة المتحدة لرويترز إنها تتطلع لتكوين فريقها الفني وإجراء عمليات استشعار عن بعد ووضع خرائط العمليات في الأرض البالغة مساحتها 1500 كيلو متر مربع التي أرسيت عليها قبل بدء التنقيب.
وتتوقع الشركة استثمار عدة ملايين من الدولارات في الأمد القصير لكن ذلك قد يرتفع إلى ما يزيد عن 100-200 مليون دولار إذ جرى الوصول إلى كشف ذي جدوى اقتصادية.
وقالت متحدثة باسم بي. تو غولد ومقرها كندا، والتي فازت بامتياز أيضا، إن الشركة تتطلع لبدء التنقيب قريبا “نظرا لقلة الاستثمار النسبي في التنقيب الحديث، وبالتالي وجود إمكانات غير مستغلة في الدرع العربي النوبي المأمول تاريخيا”.
ورحبت شركات التعدين بإلغاء شرط تأسيس مشروعات مشتركة مع الحكومة المصرية، وكبح الرسوم الحكومية عند سقف 20 في المئة.
ولكن سامي الراجحي رئيس مجلس إدارة نوردانا بي.تي.واي ومقرها أستراليا قال إن الإبقاء على عملية المزايدة لمناطق الاستكشاف يحد من فرص حدوث أي ازدهار في مجال الذهب.
وقال الراجحي وهو أيضا مؤسس منجم السكري وهو منجم الذهب التجاري الوحيد في مصر “ما من دول ناجحة في مجال التعدين تستخدم هذه العملية. لديها جميعا قوانين واضحة وتتسم بالشفافية تنص على مؤهلات والتزامات وحقوق المستثمرين. (إنها) تعمل بمبدأ الأولوية حسب الأسبقية”.
وامتنعت وزارة البترول والثروة المعدنية عن التعقيب.
وتستغرق مشروعات التعدين من مرحلة الاستكشاف إلى الإنتاج ما يتراوح بين عشرة إلى 15 عاما في المتوسط. وبينما تراجعت أسعار الذهب عقب أن بلغت مستوى قياسيا في 2020، يتوقع خبراء اقتصاديون أن تبقى مرتفعة بالمعايير التاريخية على مدى السنوات المقبلة.
مصر تعول على ارتفاع أسعار الذهب وتعديل قوانين التعدين التي تقضي على البيروقراطية وقاعدة تقاسم الأرباح
وقال ستيفن بولتون الرئيس التنفيذي لألتوس ستراتيجيز “إذا وصلنا مرحلة تحققت فيها عدة اكتشافات، قد تصبح مصر من أكبر منتجي الذهب في أفريقيا. تتمتع بإمكانات من الدرجة الأولى”.
لكن مناصرين لقضايا البيئة يقولون إنه لا يوجد مبرر للتنقيب عن الذهب. إذ يتسبب ذلك في توليد انبعاثات، ويمكن أن يزيد الضغط على الموارد المائية وعلى النقيض من النحاس والمعادن المستخدمة في البطاريات فإنه غير مطلوب من جانب التقنيات القادرة على أن تتمخض عن اقتصاد منخفض الكربون.
لكن مناصرين لقضايا البيئة يقولون إنه لا يوجد مبرر للتنقيب عن الذهب. إذ يتسبب ذلك في توليد انبعاثات، ويمكن أن يزيد الضغط على الموارد المائية وعلى النقيض من النحاس والمعادن المستخدمة في البطاريات فإنه غير مطلوب من جانب التقنيات القادرة على أن تتمخض عن اقتصاد منخفض الكربون.
وقالت الحكومة إنها منفتحة على التنقيب عن بقية المعادن، لكن الذهب محور التركيز حاليا.
وقال بارنز من وود ماكنزي “الذهب بالتأكيد أفضل شيء بالنسبة لهم للبدء به، لأن هناك قدرا معروفا منه”.
وأضاف “لدى مصر إمكانات هائلة للتنقيب عن النحاس والذهب وسلع أولية أخرى. مبعث القلق الأكبر في القطاع هو نقص إمدادات النحاس، ومواقع مثل مصر التي تُعتبر غير مستكشفة وبها إمكانات كبيرة ستستقطب الكثير من الاهتمام إذا تمكنت من المحافظة على أوضاع” مناسبة للاستثمار.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن مساهمة قطاع المناجم والمحاجر في تمويل الموازنة العامة للبلاد تعد زهيدة جدا حتى اليوم، وهي أقل من واحد في المئة.
ونتيجة لعدة ظروف مرتبطة بسياسات الحكومات المتعاقبة، تعتبر مصر من أقل دول العالم في عوائد هذا القطاع، ما دفع رئيس البلاد عبدالفتاح السيسي إلى إعلان خطة استراتيجية للتدخل مباشرة ومنح الثروات المعدنية قبلة الحياة مجددا.
المصدر : العرب اللندنية