كريتر نت – العرب
عرض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي دعمه لنيل ولاية ثانية مقابل عدم ترشحه للانتخابات.
وكشف مصدر سياسي عراقي مطلع عن تفاهمات انتخابية بين الكاظمي والصدر، تقضي بدعم التيار الصدري لرئيس الوزراء الحالي بهدف البقاء على رأس الحكومة مقابل عدم تشكيل حزب أو كتلة والدخول في الانتخابات البرلمانية المؤمل إجراؤها في أكتوبر المقبل.
وأكد المصدر في تصريح لـ “العرب” أن هذه التفاهمات تحظى بدعم قوى شيعية ممثلة برئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، وعن القوى السنية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ومسعود البارزاني عن القوى الكردية.
وأكد كفاح محمود المستشار الإعلامي للزعيم الكردي مسعود البارزاني أن الكاظمي يتمتع بقبول كبير من أوساط شعبية واسعة، وتوجهاته جادة لحل الإشكاليات المتراكمة مع إقليم كردستان معتمدا على إرث علاقته الطيبة مع البارزاني وبقية الزعامات السياسية الكردية.
وأضاف محمود في تصريح لـ”العرب” أن الكاظمي هو الأقرب إلى القيادات الكردية، خاصة وأن معظمها أعلنت منذ توليه كرسي رئاسة الحكومة تأييدها ودعمها له، وهذا يعني أن الكاظمي سيحظى بدعم كردي صدري خصوصا بعد تقدم التفاهمات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والتيار الصدري.
يأتي ذلك في وقت حذر فيه الصدر من أن هناك جهات تريد تعكير الأمن في العراق بهدف تأخير أو إلغاء الانتخابات العامة البرلمانية.
وقال الصدر في تغريدة له على حسابه الشخصي في تويتر “هناك جهات تريد تعكير الأمن في العراق لأسباب عديدة أهمها تأخير أو إلغاء الانتخابات من خلال الميليشيات المنفلتة التي تستهدف القوات المحتلة لثنيها عن الانسحاب، فبقاؤها بقاء لتلك الميليشيات”.
وتراهن قوى سياسية على الكاظمي بوصفه أسلم الخيارات من أجل السيطرة على الشارع ومنع اندلاع احتجاجات جديدة وبالأخص في ظل ظهور مؤشرات على أن حملة مكافحة الفساد ستمضي قدما في الإطاحة بفاسدين ينتمون إلى الصف الأول من الطبقة السياسية.
وقال مصدر برلماني عراقي “إذا كان مقتدى الصدر قد غير موقفه من رغبته في أن يكون رئيس الوزراء المقبل صدريا إلى دعم الكاظمي في الترشح لولاية ثانية فذلك يعتبر نوعا من الفهم العملي للواقع ليس إلا”.
كفاح محمود: الكاظمي سيحظى بدعم البارزاني والصدر في نيل ولاية ثانية
ويمثل الكاظمي خيارا مثاليا للصدريين في الدورة القادمة، لاسيما إذا تمكنوا من تحقيق نصر انتخابي في الاقتراع القادم.
غير أن الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي رحيم الكعبي قال إن “الطريق لا تزال طويلة أمام الكاظمي، ليبدد مخاوف وشكوك إيران فيه، وهي أولى وأهم الخبرات التي يجب أن تحتويها السيرة الذاتية للمتقدم لشغل وظيفة رئيس وزراء العراق”.
وأشار الكعبي في تصريح لـ”العرب” إلى حاجة الكاظمي إلى أكثر من مجرد موضة اسمها “التحالفات العابرة للمحاصصة” للظفر بولاية ثانية.
وفيما يتعلق بمجاهرة الصدريين برغبتهم في الحصول على منصب رئيس الوزراء خلال الدورة القادمة، تشير الكواليس إلى أنه يمثل تكتيكا انتخابيا لحشد الأنصار خلال الانتخابات المقبلة، في ظل تزايد مؤشرات العزوف والمقاطعة في الأوساط الشعبية.
ويجمع غالبية المراقبين السياسيين على أن الانتخابات القادمة، فيما لو جرت في موعدها، ستشهد صراعا حاميا بين قوى الدولة وقوى اللادولة (الميليشيات الإيرانية).
وتدرك القوى المقربة من إيران أنها من الصعب أن تربح معركة الحصول على منصب رئيس الوزراء القادم، لكنها تعمل بجد لمنع طرف من الانفراد بتسميته، لاسيما مقتدى الصدر.
ويمثل مقتدى الصدر بشكل أو بآخر المعادل الموضوعي الأهم لقوى الدولة. ورغم أنه أبو جميع الميليشيات المسلحة، إلا أن علاقته الإشكالية بإيران وضعته في موقف اللاحرب واللاسلم مع إيران، وهو موقف قابل للتغيير في أي لحظة.
وترى قوى وأحزاب سياسية عراقية أن الصدر لا الدولة، هو من يمكن أن يتصدى لقوى اللادولة، ولكن الضريبة حينها ستكون استبدال سلاح منفلت بآخر أقل انفلاتا.
ويبرز خطان شيعيان قبيل الانتخابات القادمة وخلالها، الأول هو ما يمكن تسميته بالقوى الشيعية الوطنية أو قوى الاعتدال أو الدولة، ويضم الكاظمي والعبادي والحكيم، فضلا عن مقتدى الصدر إذا واصل نهجه الحالي ولم يسجل انعطافة جديدة كما اعتاد أن يفعل سابقا.
رحيم الكعبي: الطريق لا تزال طويلة أمام الكاظمي لولاية ثانية قبل أن يبدد شكوك إيران فيه
وعُرف عن الصدر ميله إلى ركوب الموجة، ولأنه يدرك جيدا أن الكاظمي لم يخسر كثيرا من شعبيته مقارنة برموز العملية السياسية الآخرين فقد يثبت على موقفه ويكون بذلك بمثابة أب روحي للحكومة المقبلة.
ويضم الخط الشيعي الثاني قادة الميليشيات ذات الطموح السياسي مثل منظمة بدر بزعامة هادي العامري والعصائب بزعامة قيس الخزعلي، فضلا عن زعيم حزب الدعوة الإسلامي نوري المالكي وأحزاب عرفت بولائها المطلق لإيران. وتعرف هذه القوى بـ”الولائية” نظرا إلى ولائها للمرشد الإيراني علي خامنئي، أو قوى اللادولة بسبب تبنيها خيار السلاح المنفلت، أو قوى اليمين الشيعي المتشدد.
ويبدو أن الوجوه السياسية القديمة صارت اليوم في حالة يأس من إمكانية تصدرها المشهد السياسي حيث صار واضحا أن الوسائل التي يتبعها رجال الدين في حث جمهور المقترعين طائفيا لم تكن فعالة إلا على مستوى محدود. وهو ما سيدفع جزءا من الطبقة السياسية إلى إشهار موقفها المساند للكاظمي في محاولته نيل ثقة الناخبين وصولا إلى تغيير المعادلات داخل مجلس النواب.
وعبر برلماني عراقي عن توقعه بالقول “كل ذلك مرتبط بنجاح الكاظمي في المرحلة المقبلة في منع الأحزاب والميليشيات من تعطيل قرارات القضاء وبذلك يكون رجل دولة قويا يمكن الرهان عليه جماهيريا”.
غير أن الكعبي يرى أن الطبقة السياسية في العراق تعرف تمام المعرفة أن الانتخابات ليست سوى “ديكور” لتمرير مشاريعها السياسية، وصفقاتها المُبيَّتة أصلاً سواء جرتْ الانتخابات أم لم تجر، أو فازوا بالعدد الكافي من الأصوات والمقاعد أم لا.
وقال الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي “إيران المنتشية بمفاوضاتها النووية مع المجتمع الدولي، تريد أن تعود بكل ما لديها من قوة لإعادة التموضع في العراق، ولن يكون الكاظمي خيارها المفضل حتى وإن كان عراباً لمحاولة تطبيع علاقاتها مع السعودية، التي ستكون على رأس جدول أعمال زيارة وزير خارجيتها محمد جواد ظريف إلى بغداد”.
وأضاف الكعبي “طهران تمتلك من الحلفاء ووسائل الضغط في الداخل العراقي ما لا تطيق واشنطن والديمقراطيون المتململون من الملف العراقي، معه صبراً”.