كتب / احمد حرمل
في كل مره يطلع علينا أفاك جديد ليزور التاريخ وفي كل عام ومع حلول ذكرى الاستقلال نقرأ كتابات هنا وهناك من اناس يجهلون التاريخ ولا يعرفون معنى التضحية ولا قيم الثورة ولا يدركون ما الذي يمثله الوطن لجيل خاض وقاد ثورة ٠٠ حمل السلاح واخذ على عاتقه مقاومة الاستعمار وخاص كفاحا” مسلحا” لمدة اربع سنوات مرغ فيها قوات الاحتلال البريطاني في وحل الهزيمة والانكسار والرغم الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس على اارحيل من ارض الجنوب الطاهرة تجر ذيول العار والهزيمة .
هذه المرة كان الأفاك الجديد هو بلال غلام
وحتى لا اتهم بانني تعرضت لشخص الرجل لا لأفكاره سأدخل في الموضوع مباشرة .
في حقيقة الامر استفزتني كثيرا” المادة التي نشرت لبلال غلام في عدن تايم في 1 ديسمبر 2018 بعنوان ( ذكرى مرور 51 عاماً لجلاء بريطانيا من عدن.. تفاصيل تنشر لأول مرة عن الايام الاخيرة لخروج بريطانيا من عدن)
مع انه قد كتب على رأس مادته المنشورة اعداد وتقديم بلال غلام حسين بمعنى ادق انه تعمد عرض وجهة نظر اطراف اخرى وتعامل معها كحقائق مطلقة غيب فيها عقله ، واعتسف الحقيقة وتجاوز الكثير من الحقائق وبدء كمن يحجب الشمس بغربال زور التاريخ بغباء وقلب الحقائق بحقد وغالط نفسه اولا” قبل ان يغالط الاخرين حين قال وبالحرف الواحد
( ما يحدث اليوم في عدن بعد مرور 51 عاماً منذ يوم الجلاء لا يندرج في قائمة الأخطاء التي لابد لأي نظام في طور توطيد وجوده. هذا النهج اعتمدته الحكومات المتعاقبة التي سيطرت على عدن منذ فجر الاستقلال وحتى يومنا هذا)
كذبت يا بلال ورب الكعبة فالوضع الذي تعانيه عدن اليوم وضع كارثي لم تشهده عدن في تاريخها ومن العيب ان نحمل الحكومات التي المتعاقبة والتي استكثر عليها القول التي حكمت عدن واستخدم بدلا” عنها عبارة سيطرة على عدن منذ فجر الاستقلال وكأنها عصابة .
ونسي بلال او تناسى ان ثورة 14 اكتوبر اقامت دولة على انقاض 23 امارة وسلطنة ومشيخة ، ودولة الاستقلال يا بلال كانت دولة مهابة حافظة على السيادة واوجدت الامن والاستقرار في كافة ربوع الجنوب ، واوجدت سلطة وطنية قادة الدولة بأدارة خالية من الفساد وبيئة خالية من الارهاب أمنت الغذاء وحافظت على استقرار العملة 23 عاما” وفرة التعليم المجاني والعلاج المجاني تطورت في عهدها الرياضة وتطور الفن وتم الاهتمام بالأبداع والمبدعين .
دولة النظام والقانون سادها العدل والمساوة فكان ابن الوزير والغفير ، وابن الغني والفقير يجلسون في مقعد دراسي واحد ، وكانت علاقتها بالمواطن علاقة الادارة بالمواطنة لا علاقة الوالي بالرعية ٠٠ مواطنة متساوية تساوى فيها غلام وخدبقشقان بباضريس وبانافع ، والسقاف ومكرد بهواش وعبدربه وعوض ، وعبدي وعبدان بثابت وعلوي ومثنى، وكرو وكرد بمشتاق وشوقي ووجدان ومنير وسامي وشكيل كمواطنين من الدرجة الاولى .
فأين هو وجه الشبة بين وضع دولة الاستقلال ( 67/90 ) وبين الوضع اليوم .
يواصل بلال غلام سرد الاكاذيب والخزعبلات مشككا” بتاريخ الجبهة القومية ومقللا” بالاستقلال كثمرة كفاح مسلح خاضته الجبهة القومية وبعض الفصائل الوطني والتضحيات الغالية والجسيمة التي قدمها شعبنا من احل الحرية والانعتاق فتابعوا معي الفقرة التالية التي اوردها بلال في مادته :
(وسبق أن حددت الحكومة البريطانية أن (اتحاد الجنوب العربي) سيكون دولة مستقلة في التاسع من شهر كانون الثاني 1968م, وأشعرت الأمم المتحدة والحكومة المتحدة بذلك. وقبل التطرق في موضوع الاستقلال نسرد بعض الأحداث السياسية والعسكرية التي حصلت في عدن نتيجة للخلافات بين حكومة عدن وبريطانيا من جهة, وبين جبهة التحرير والجبهة القومية من جهة أخرى. )
للأسف ان القوى المعادية لثورة 14 اكتوبر تروج الكثير من الشائعات بهدف تشويه الجبهة القومية وتاريخها وتسفيه قيادتها والتقليل من انجازاتها وحتى لا تشعب في الحديث في هذا الجانب اود انا ارد على جزئية قرار المملكة المتحدة البريطانية بمغادرة عدن طوعية لو فرضنا جدلا” ان هذا الكلام صحيح ان بريطانيا ستغادر وفقا” لقرار لجنة تصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة فهذا يعني انها ستغادر مستعمرة عدن لان بريطانيا لم تكن محتلة لك الجنوب هي كانت محتلة لعدن وتربطها علاقة صداقة مع المشيخات والسلطنات والأمارات علاقات صداقة ثم اتفاقيات حماية وتطورت الى اتفاقيات استشارة فهل تدرك ماذا يعني هذا يا بلال يعني كانت ستغادر عدن وتترك العلاقة بين عدن والكيانات الاخرى لحكومة عدن ومع بروز شعارات عدن للعدنيين وتبني بعض القوى لهذا التوجه يجعل اقامت دولة تظم كل الكيانات امر لا يمكن ان يتحقق ، وهو ما اعترف به بلال في احدى فقرات مادته حين قال بان عبدالقوي مكاوي اعلن ومن منبر الامم المتحدة انه الممثل الشرعي لشعب عدن شعب عدن يا بلال والجنوب العربي ذكر الجنوب العربي لحقة.
ولذا فان اقامت دولة وطنية على اقاض 23 كيان ، وبحدودها التي عرفت بها كجغرافية سياسية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية انجاز عظيم يحسب للجبهة القومية ولا ينكره ذلك الا جاحد او جاهل ، او حاقد او مجنون .
اما الخلاف بين حكومة عدن وبريطانيا فهو امر مضحك وشر البلية ما يضحك فحكومة عدن او حكومة الاتحاد كانت احد ادوات المستعمر .
فكيف سيختلفون اخي بلال فحاجة بريطانيا لأدواتها كحاجة الفارس لسيفه لحاجة لسيف لضرب اعناق خصومه .
ان ما اثار دهشتي هو الجهل في التاريخ لدى اخينا بلال الى درجة ان هذا الجهل اوقعه في فخ الزيف والمغالطات كشفت عورته حقيقة التاريخ وشواهد الجغرافيا التي لا تقبل الدحض .
فلاحظوا معي العبارة التالية :
(في 15 يوليو 1967م, أثناء فترة حكم تريفليان قام معاونيه بالاتصال بالجبهة القومية وأدخل زعماءها سراً إلى عدن وأجرى معهم المفاوضات في دار الانتداب .
كما طلب منهم التنازل عن التزام بريطانيا بدفع مبلغ التعويضات البالغة 12 مليون جنيه إسترليني لسد ميزانية الاتحاد, وقد قبلت الجبهة القومية ذلك التنازل في مؤتمر جنيف مقابل حوالة مصرفية بثلاثة ملايين جنيها )
شر البلية ما يضحك يقول الزميل بلال في 15 يوليو 67 تريفلين اتصل بالجبهة القومية وادخل زعمائها سرا” الى عدن ، ولم يقل لنا فين كانوا قبل 15 يوليو فلو كان سمع اغنية الفنان الرائع محمد سعد عبدالله ولا باتنتسي يا يوم عشرين لما قال هذا .
ولكون صديقي بلال يجهل التاريخ لا ضير ان اقول له بان ثور الجبهة القومية وفي 20 يونيو سيطروا على كريتر واستمرت سيطرتهم عليها لمدة اسبوعين من 20 يونيو الى 4 يوليو وكانت هذه الملحمة البطولية هي الرد الفعلي من ثوار الجبهة القومية على الأستعمار البريطاني وعلى هزيمة العرب امام اسرائيل في يونيو 76م والتي كانت بريطانيا اهم حلفاء اسرائيل فمن اين اتو ثوار 14 اكتوبر الابطال الذي سيطروا على مدينة كريتر ، ولو كان بلال ومن باب الفضول الصحفي سال لماذا سمي معسكر عشرين في كريتر بهذا الاسم ؟ لما وقع بهذا المنزلق ، ولكي لا يقع في هذه الورطة مرة اخرى اهديه الابيات التالية من اغنية الفنان الرائع محمد سعد عبدالله .
( ولا باتنتسي يا يوم عشرين
سلا الخاطر ويا من عاش ذكر
في يونيو الفجر في تاريخ عشرين
مع صوت المؤذن يوم ذكر
خرج جيش العدو من غير تخمين
يفكر اننا بالسهل نقهر
وشافنا شعب نتفجر براكين
فزع من ساعته لما تكسر
تريفلين غرق في بحر ستين
ودمه في شوارعنا تطعفر )
اما الجزئية الاخرى التي تحدث عنها بلال بيه وهي التنازل عن التعويضات التي قدرها ب 12 مليون جنية ولا ادري كيف قدرها فبعد ان قال انها تعويضات وحدد مقدارها قال وبنفس الفقرة انها لسد ميزانية الاتحاد اي اتحاد هل هو اتحاد الجنوب العربي الذي اطاحة بي ثورة 14 اكتوبر ام اتحاد اخر.
فكيف توصلت الى هذه القناعة بان الثورة التي اسقطت مشروع الجنوب العربي ناقشت مع تريفلين موازنة هذا الاتحاد قبل الاستقلال بخمسة اشهر ، وان وفد الجبهة القومية قبل بالتنازل عن التعويضات مقابل ثلاثة مليون جنية استرليني استلم فيها حوالة مصرفية في جنيف .
فلو كان مع وفد الجبهة القومية المفاوض في جنيف حوالة مصرفية بثلاثة مليون جنيه استرليني يا بلال لما وصل الأخضر الأبراهيمي إلى جنيف خصيصا بأمر الرئيس الجزائري هواري بو مدين وابلغ رئيس الوفد ان كافة مصاريف الاقامة والغذاء على نفقة دولة الجزائر ٠٠ مليون جنية اضافة الى ثمانية مليون جنيه كان اشار اليها بلال بانها دفعت للجبهة القومية من المخابرات البريطانية لشراء معدات وسلاح يعني مع الجبهة القومية بحساب بلال غلاف 11 مليون وهذا يعني بانها لم تتنازل عن ال 12 مليون يا بلال
يواصل الزميل بلال غلام هذيانه واكاذيبه وقصصه وفبركاته التي لا وجود لها سوى في مخيلته الامر الذي اوقعه بجملة من التناقضات والفقرة التالية خير دليل على حالة التخبط والتوهان التي يعانيها بلال غانم :
(ومع اقتراب نهاية شهر أكتوبر من عام 1967م, كانت الجبهة القومية قد أحكمت سيطرتها على الجنوب العربي باستثناء عدن, وأعلن بعض قادة الجيش الاتحادي ولائهم لها بأمر من المخابرات البريطانية وقد شارك بعض هؤلاء القادة في اجتماع المندوب السامي مع قادة الجبهة القومية, ومع تسارع الأحداث انقلبت بريطانيا على السلاطين وهددت بقصف دورهم إذا لم يغادروا الاتحاد, كما تم نهب منازل الوزراء، واستمرت بريطانيا في تقديم الدعم للجبهة القومية وتمويلها للسيطرة على الحكم مما ساعدها على إسقاط المحافظات تلو الأخرى.)
ها هو يعترف بان الجبهة القومية احكمت سيطرتها على كل الجنوب باستثناء عدن ويحاول يقنع نفسه بان الجبهة القومية التي اسقطت كريتر لا وجود لها في عدن واشار الى اعلان بعض قادة الجيش الاتحادي ولائهم للجبهة القومية بأمر من المخابرات البريطانية ركزو على مفردة بعض وماذا تعني هذه البعض اليست دليل بان هذا البعض هم اعضاء الجبهة القومية التي كان لها خلايا سرية داخل الجيش .
فلو كانت المخابرات البريطانية هي من اتخذت قرار انضمام جيش الاتحاد لما قلت البعض اخي بلال لكنت اكتفيت بالقول اعلن جيش الاتحاد ولائه للجبهة القومية
نأخذ الفقرة التالية لاختم بها ردي على الاخ والصديق بلال التي يقول فيها :
(وفي الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر كانت السلطات البريطانية قد أنهت مهمتها وسلمت الجبهة القومية كل الأرض في الجنوب العربي, ولكن عدن كانت على موعد مع أعنف صورة ممكنة من القتال بين جبهتي التحرير والقومية, في كل من الشيخ عثمان, المنصورة, القاهرة, الشيخ الدويل و دارسعد )
وسأركز ردي على هذه الفقرة بالتالي :
بعد ان سيطرة الجبهة القومية على مدينة كريتر واسقطت المناطق الواحدة تلو الاخرى غيرت المخابرات المصرية موقفها من جبهة التحرير وقالت لهم بالحرف الواحد انه من غير المعقول ومن غير المنطقي ان تقبل الجبهة القومية بتشكيل وفد موحد للمفاوضات وانها لا تستطيع ان تضغط على الجبهة القومية في هذا الاتجاه بعد ان سيطرت على الارض فحاولت جبهة التحرير اسقاط عدن للفرض مشاركتهم في مفاوضات الاستقلال مع الجبهة القومية بوفد موحد الا انها فشلت في ذلك هذا اولا” يا بلال وثانيا” اترك الرد على طرحك بان بريطانيا سلمت الاستقلال للجبهة القومية لخالد مخيريز الاعلامي المرافق لوفد الجبهة القومية وهذا ما قاله محيريز
( وبهدف إعاقة الوفد من العودة إلى عدن عممت بريطانيا تحذيرًا إلى جميع شركات الطيران بأنها غير مسؤولة عن سلامة أي طائرة تقلع إلى عدن ، ووصفت الحكومة الجديدة بأنها حكومة إرهابية ، فامتنعت جميع شركات الطيران من الإقلاع إلى عدن ، فتم الاتصال بشركة باهارون في عدن لترتيب طائرة لأخذ الوفد بأي طريقة ، فتم الاتصال من قبل شركة باهارون إلى مندوبهم في بلجيكا لترتيب طائرة بالاستئجار أو شراء طائرة جديدة لتنقل الوفد إلى عدن بأسرع وقت ممكن ، وفعلا نجحوا في شراء طائرة من نوع DC6 وتم نقل الوفد إلى عدن والذي وصل في الساعة السابعة من صباح يوم 30 نوفمبر واستقبل بالجماهير الغفيرة في أرض المطار وعلى طول الشارع الممتد من المطار بخورمكسر والمعلا والتواهي وصولا إلى دار الرئاسة (القصر المدور) الذي كان مقرًا للمندوب السامي البريطاني (السير همفري تريفيليان) وكانت هناك الأناشيد والهتافات المعبرة عن فرحة الشعب بتحقيق الاستقلال لأرض الجنوب وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.)
فكيف سلمت الاستقلال وفي الوقت نفسه اعاقة عودة الوفد المفاوض ليس هذا فحسب بل وصل بها الامر الى تخذير شركات الطيران ووصفت الوفد بالحكومة الارهابية .
ساكتفي بهذا وسأتجاوز الكثير من الهفوات كعدد قتلى الجبهة القومية وجبهة التحرير الذي حددهم ب 700 قتيل وهذا الرقم مبالغ فيه فعدد القطاع الفدائي في عدن للجبهتين مجتمعة لا يصل الى هذا العدد وعدد المعتقلين من عناصر جبهة التحرير بالفين في المرة الاولى وبسبعة الف في المرة الثانية