منذ فترة طويلة دُقت نواقيس الخطر حول الأمن المائي في اليمن حيث يبلغ نصيب الفرد من المياه المتوفرة في البلاد 1.3٪ تقريبًا من المتوسط العالمي، ومعدل استخراج المياه الجوفية يزيد كثيرًا عن معدل التغذية، وفقا لدراسة قدمها “مرصد الصراع والبيئة”.
ومع ذلك، فقد طغت مسألة توافر المياه على المدى الطويل على الاحتياجات الإنسانية العاجلة في البلد الذي مزقته الآن سنوات من الحرب. أكثر من 10 ملايين شخص- ما يعادل ثلث السكان- معرضون لخطر المجاعة، ومن المتوقع أن يواجهها 47000 شخص في النصف الأول من عام 2021.
لكن وسط رعب الحرب، بدأت قصة إيجابية بالظهور. فقد بدأت البلاد، التي واجهت أشهر من انقطاع التيار الكهربائي مع انهيار الشبكة الوطنية في المراحل الأولى من الصراع، وتخضع لتقلبات معوقة في أسواق الديزل لقوتها، بدأت بتبني الطاقة الشمسية.
تزدهر أسواق الألواح الشمسية حيث يستثمر أي شخص لديه رأس المال في الطاقة الشمسية من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرهم. حيث انتشرت الطاقة الشمسية حاليا في الصحة والتعليم والزراعة.
تعتمد الزراعة في اليمن على مادة الديزل لاستخراج المياه الجوفية، لكن الأزمات المتتالية في أسواق الوقود- التي شكلها الصراع – قد اتخذت حصيلة ثقيلة. الطاقة الشمسية لديها القدرة على كسر هذه الدورة المدمرة، وبشكل متزايد باتت هذه الحقيقة واقعا.
وسط تقارير تفيد بأن الأراضي غير المنتجة بالإمكان أن تعود خصبة مرة أخرى، فقد استثمرت وكالات التنمية الدولية في الطاقة الشمسية، وقدمت الحكومة عطاءات لمشاريع واسعة، فيما أعلن القطاع الخاص نشره لتكنولوجيا توفير الحياة.كما أن تناول الطاقة الشمسية من قبل المزارعين الأفراد بدا مهما للغاية.
لكن “الثورة الشمسية” في اليمن لا تخلو من مخاطرها. فقد استخدمت CEOBS نهجًا يعتمد على الاستشعار عن بعد عبر الأقمار الصناعية لتقييم التغيرات في مستويات المياه الجوفية، والمعلومات التي لم يتم تحليلها منذ أن أدى الصراع إلى تعطيل قدرة مراقبة آبار المياه في البلاد.
في هذا التقرير، حلل كل من ليوني نيمو وإيوغان داربيشاير تغير المياه الجوفية في اليمن، متضمنين رؤى من مقابلات الخبراء إلى جانب بيانات عن أسواق الطاقة والزراعة والصراع المسلح وهطول الأمطار.
وقد خلص التقرير إلى أن الانخفاض الكبير في المياه الجوفية منذ عام 2018 من المحتمل أن يكون نتيجة لانتشار الطاقة الشمسية في مجال الزراعة، وحث بأن التدخلات مطلوبة على مستويات متعددة ومن قبل جميع أصحاب المصلحة لوقف نضوب المياه الجوفية الحاد.
البحث
لقد سعى مرصد الصراع والبيئة CEOBS إلى تقييم التغيرات في مستويات المياه الجوفية غرب اليمن- حيث يقيم 90٪ من سكان البلاد- باستخدام قياسات الأقمار الصناعية لمجال الجاذبية الأرضية ورطوبة التربة. لقد اعتمدنا تحليلًا شاملاً من خلال الجمع بين ذلك وبين مقابلات الخبراء ومجموعات البيانات المجانية: هطول الأمطار، أسعار الديزل، الإنتاج الزراعي، كثافة الصراع، بيانات الطاقة الشمسية، صور الأقمار الصناعية، وكذلك بيانات الغطاء النباتي.
ومع أخذ كل مجموعة بيانات بدورها، يتم فحص الصورة في غرب اليمن بشكل كلي، بدءًا من المعلومات الأساسية حول العلاقة بين المياه الجوفية واستخدام الطاقة والحرب، وكذلك السياق الزراعي التاريخي. في الجزء الثاني، قمنا بتقييم عدم تجانس اتجاه المياه الجوفية غرب اليمن من خلال تجميع المناطق ذات التسلسل الزمني المتشابه. كما أُتبع ذلك بتحليل مفصل للمياه الجوفية في سهول المرتفعات الوسطى والشمالية، ومنطقة تهامة الساحلية.
في الجزء الثالث، نستعرض آفاق مراقبة المياه الجوفية في المستقبل وتقييم أصحاب المصلحة في مجال الطاقة الشمسية في اليمن. كما يقدم الجزء الرابع توصيات للإجراءات على جميع المستويات لتجنب التدهور السريع للمياه الجوفية. وتم تلخيصها في الجدول النقاط التالية:
النتائج الرئيسية
– المياه الجوفية غرب اليمن في أدنى مستوى لها منذ أن بدأت سجلات الأقمار الصناعية في عام 2002، على الرغم من بعض الانتعاش في السنوات الأولى من الصراع، ومستويات أعلى من المتوسط لسقوط الأمطار في السنوات الأخيرة.
– نفترض أن هذه القطرات مدفوعة بانتشار الطاقة الشمسية، وهو ما يفصل العلاقة التاريخية بين أسواق الديزل وضخ المياه الجوفية. في السنوات الأولى من الصراع، قيدَت هذه العلاقة استخراج المياه الجوفية، الأمر الذي أدى إلى خسائر زراعية أثرت سلبًا على الأمن الغذائي.
– في بعض أجزاء البلاد، قد يؤدي استمرار هذه الاتجاهات إلى نفاد المياه الجوفية التي يمكن الوصول إليها، أو إلى عدم إمكانية الوصول لمن هم في أمس الحاجة إليها. علاوة على ذلك، من المحتمل أن تزداد المشاكل المرتبطة بهبوط الأرض وتسرب مياه البحر.
– هناك حاجة لمزيد من التحليل الفني المتخصص لحالة المياه الجوفية في اليمن، والجمع بين الاستشعار عن بعد مع البيانات الهيدروجيولوجية الحالية، وتجديد مراقبة الآبار مع الإشراف المحلي، حيثما أمكن ذلك.
– سيتطلب تجنب التدهور الحاد للمياه الجوفية اتخاذ إجراءات على مستويات متعددة من قبل جميع أصحاب المصلحة، من منظمات المجتمع المدني إلى الوكالات الدولية، كما تعتبر معالجة حقوق الوصول إلى المياه، ودعم تطوير سبل العيش المستدامة، من الأمور الأساسية.
– هناك حاجة لتحسين تبادل المعرفة في اليمن حول موارد المياه الجوفية بشكل عام، وتأثير ضخ المياه بالطاقة الشمسية على وجه الخصوص.
– يمكن للمجتمع المدني في اليمن أن يلعب دورًا رئيسيًا في إدارة المياه الجوفية، كما يجب دعمه بالبيانات والتقنيات المناسبة.
– قد يكمن أحد الجوانب المهمة للإدارة المستقبلية المستدامة للمياه الجوفية في إحياء أنظمة حصاد المياه القديمة في البلاد، واستخدام أنظمة وهياكل الإدارة التقليدية الموجودة.
– يجب إدارة الإمكانات الهائلة للطاقة الشمسية في اليمن مع الوعي بالتأثيرات المحتملة على المياه الجوفية والمشاكل المرتبطة بالنفايات الإلكترونية.
– البيانات حول حجم الضخ الشمسي في جميع أنحاء اليمن محدودة، لكن هناك حاجة ماسة لفهم وإدارة المخاطر المرتبطة بها.