كريتر نت – متابعات
دعا شيخ الأزهر أحمد الطيب إلى عدم تقديس التراث الفقهي، أو مساواته بالشريعة، في تصريح بدا للبعض تراجعا عن موقف سابق.
جاءت تصريحات شيخ الأزهر خلال برنامجه التلفزيوني الرمضاني ” الإمام الطيب” الذي يذاع على عدد من القنوات والمنصات الرقمية.
وأدلى الشيخ بسلسلة تصريحات فتحت النقاش مجددا حول مفهوم تجديد الخطاب الديني .
كما دأب حساب الشيخ على موقع تويتر على نشر ملخصات من حلقاته التلفزيونية، الأمر الذي أثار الكثير من النقاش ودفع المغردين لتقديم تفسيرات مختلفة لكلامه.
ففي الحلقة الـ18 من برنامجه، قال الطيب: “إن الدعوة لتقديس التراث الفقهي، ومساواته في ذلك بالشريعة تؤدي إلى جمود الفقه الإسلامي المعاصر، نتيجة تمسك البعض بالتقيد -الحرفي- بما ورد من فتاوى أو أحكام فقهية قديمة كانت تمثل تجديدا ومواكبة لقضاياها في عصرها”.
وتطرق الشيخ في الحلقة 19 إلى “عقبات التجديد” وحذر من ” الترويج لفتاوى ماجنة تصدر عادة من جهلاء بالإسلام وعلومه وتراثه” وفق قوله.
” تحول نوعي أم خطاب متكرر؟”
وخلال الساعات الماضية أثيرت ضجة واسعة حول تصريحات الشيخ في أوساط المهتمين بقضية الإصلاح الديني ونقد التراث.
وقد أثنى البعض على تصريحات شيخ الأزهر باعتبارها تحمل نوعا من “أنواع التغيير والمراجعة”.
واعترض آخرون على تلك التصريحات. فمن المعلقين من يعتقد بأن الشيخ “انقلب على مواقفه السابقة التي أبدى فيها استماتة في الدفاع عن المدرسة الأشعرية و نصوص التراث”.
من جهة أخرى، استغرب تيار آخر من المعلقين الضجة المثارة حول تصريحات الشيخ الأخيرة.
فمنهم من شكك في نية الأزهر للانخراط في أي مشروع حقيقي لتجديد الخطاب الديني أو لتنقيح التراث.
في حين فند البعض ما يتردد حول رفض الأزهر للتجديد. ويشير هؤلاء إلى أن “الأزهر يتبنى فكرة التجديد انطلاقا من نصوص الدين وطبيعة الشريعة” .
واستدل آخرون بالمناظرة التي دارت العام الماضي بين الطيب ورئيس جامعة القاهرة محمد الخشت حول “تجديد الخطاب الديني” خلال مؤتمر عالمي نظمه الأزهر وموضوعه “التجديد في الفكر الإسلامي”.
حينها أشار الخشت، الذي كان أستاذا للفلسفة، إلى أن التجديد الذي ينشده “لا يمكن أن يأتي عن طريق المؤسسات الدينية التقليدية”. كما انتقد محاولات لإحياء علوم الدين مطالبا بضرورة تطويرها و”تفكيك البنية العقلية التي تروج للخطاب الديني التقليدي لتأسيس خطاب جديد يتماشى مع مقتضيات العصر”.
وردا على ذلك، أكد شيخ الأزهر آنذاك على أهمية التراث الذي “خلق أمّة كاملة”، منبها إلى أن “الفتنة الحالية سياسية وليست تراثية”.
مغردون: “هل نشهد محاولة لتشكيل الخطاب الديني”؟
بالتوازي، لا تزال المقابلة التي أجراها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، تثير ردود فعل واسعة، بلغ صداها مصر.
حتى أن بعض المغردين المصريين ربطوا حلقات الطيب الأخيرة بتصريحات بن سلمان.
وقال بن سلمان ، في مقابلة على قناة روتانا، إن تفسير الإسلام في بلاده لم يعد مقتصرا على تعاليم الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وتابع بأن السعودية ملتزمة بتطبيق نصوص القرآن والأحاديث المتواترة.
واستفاض في الحديث عن النصوص الشرعية والقوانين، مشيرا إلى أن الحكومة “تنظر لأحاديث الآحاد حسب صحتها وضعفها ووضعها”.
والحديث المتواتر هو المروي عن عدد كبير من الرواة، أما حديث الآحاد فهو غير المؤكد الذي لم يجمع شروط الحديث المتواتر.
وثمة من ينظر إلى تصريحات الأمير السعودي، على أنها دعوة “للتخلي عن نصوص التراث”.
وثمة من يرى أن مضمون كلام بن سلمان جاء متناغما مع دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتجديد الخطاب الديني.
وقد سارع العديد من الإعلاميين والباحثين إلى الإشادة بولي العهد السعودي. ومن بين هؤلاء الباحث المصري إسلام بحيري.
فمن المعلقين من رحب بتلك تصريحات واعتبرها “بداية لتطبيق استراتيجية متكاملة لتجديد الفكر والخطاب الديني في المنطقة”.
إلا أن فريقا آخر من المهتمين بقضية الإصلاح الديني، يرى في تلك التصريحات سجالا ينتمي إلى سياق سياسي.
ويستبعد هؤلاء “نجاح أي مشروع يقوده الزعماء العرب للتحديث والتنوير، في ظل غياب أبرز أسس وقواعد النهضة المتمثلة في حرية التعبير والنقد والسماح بالتنوع المعرفي”.
بينما يصف البعض الآخر تلك المشاريع بأنها محاولات لـ”مغازلة الغرب أكثر من انشغالها بإصلاح الشؤون الداخلية”.