تقرير – فؤاد مسعد
فشلت المفاوضات التي جمعت المبعوثين الأممي والأمريكي إلى اليمن من جهة، وممثلي جماعة الحوثي من جهة ثانية، في تحقيق أي تقدم ملموس ما دفع المبعوثين لمغادرة العاصمة العمانية مسقط التي استضافت الحوارات خلال الأيام الماضية.
وعلى الرغم من كون الفشل هو المصير المتوقع لأي مفاوضات مع الحوثيين، فان المبعوث الأمريكي والبيت الأبيض ظهرا منزعجين من هذا الفشل الذي يخصم من رصيد الإدارة الأمريكية الجديدة بزعامة جو بايدن، ويشير إلى أن رهانات بايدن وادارته تبدو خاطئة حينما قدمت التنازلات للحوثيين، وهي تظن أنها ستنجح في اقناعهم بالقبول بالتسوية السياسية ووقف الحرب التي تدور رحاها منذ أكثر من ست سنوات.
ما إن بدأت الإدارة الأمريكية الجديدة تمارس مهامها حتى سارعت لإلغاء قرار يقضي باعتبار جماعة الحوثي منظمة إرهابية، واعلان عزمها العمل على إيقاف الحرب في اليمن، وقبل أن يبدأ الأمريكان اللقاء مع الحوثيين احتفت دبلوماسية واشنطن بقدرتها على التواصل مع جماعة الحوثي عبر (القنوات الخلفية!)، لتبدأ بعدها اللقاءات المباشرة وغير المباشرة من خلال القنوات الخلفية ذاتها.
حمل الأمريكان مضامين عدة لوقف الحرب، تشتمل على تنازلات كثيرة لصالح جماعة الحوثي املا في احراز أي تقدم يحسب لإدارة بايدن، لكن الممثلين الحوثيين وهم يقفون على الطرف الآخر من القناة الخلفية اظهروا تصلبا مستمرا واصرارا على استمرار الحرب، ومع ذلك استمرت اللقاءات وتواصلت الجهود الأمريكية مع جهود الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن، وبدورها ضغطت سلطنة عمان على الحوثيين من أجل التقارب والتعاطي الإيجابي مع الجهود الهادفة لايقاف الحرب، غير أن موقف الحوثي لم يتغير، اصرار على الحرب وتصلب في رفض أي مبادرة لايقافها.
وهنا تجب الإشارة إلى أن هناك اختلاف جوهري في الرؤية الشاملة للحرب، ففي حين ينظر الجميع بمافيهم اليمنيين والتحالف العربي والمجتمع الدولي إلى الحرب باعتبارها مشكلة يجب حلها، ليبدأ الحوار بين مختلف القوى السياسية بشان الاتفاق على صيغة الحل النهائي والتسوية السياسية، يرى الحوثيون إلى الحرب من منظور مختلف تماما، اذ يعتبرون حربهم على اليمنيين امرا ثانويا لا يستحق النقاش، وما يجب ايقافه بنظرهم هو القصف الجوي الذي يقوم به التحالف العربي الداعم للحكومة الشرعية، وهم في المقابل سيوقفون استهداف الاراضي السعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة.
وبمعنى آخر.. الحوثيون يطلبون إيقاف طيران التحالف عن استهدافهم ليتسنى لهم مواصلة حربهم على المحافظات اليمنية، أي أنهم يريدون من هذه المفاوضات مساعدتهم في استكمال الحرب ضد اليمنيين وانجاز انقلابهم على الدولة وسيطرتهم على المؤسسات والمنشئات والموارد والثروات، وبعدها لكل حادث حديث. وهذا الأمر ليس سرا يخفيه الحوثيون فقد خرج ممثلوهم في مفاوضات مسقط ليقولوا ذلك بكل وقاحة، قالها ناطق الجماعة محمد عبد السلام فليته: (يتحدثون عن معركة جزئية وهذا اختزال للصراع..)، فالصراع حسب فليته وجماعته يتمثل في أي عمل يعيقهم عن استكمال حربهم على اليمنيين، والمطلوب من الأمريكان لايقاف الحرب أن يتحولوا إلى أدوات خارجية في الحرب الحوثية ضد اليمنيين وجيرانهم في المملكة العربية السعودية والخليج العربي، وما عدا ذلك فسوف يرفض الحوثيون كل الجهود الساعية لوقف الحرب وتحقيق السلام.
وما لم تتفق كل الجهود على الزام الحوثيين بايقاف جرائمهم وحربهم الشاملة على اليمن واليمنيين فلن يكتب لها النجاح سواء كانت عبر القنوات الخلفية أو عبر زواج المتعة الذي تجيزه مرجعيات الشيعة الامامية، ولن تدوم متعته طويلاً ، وسرعان ما تنقضي مدته ويمضي كل طرف في حال سبيله، أما معاناة اليمنيين فسوف تستمر في ظل جرائم حرب الحوثي وتواطؤ المجتمع الدولي وصمته المريب.
المصدر: يمن للأنباء