كتب : صلاح راشد
أن العين لتدمع وأن القلب ليحزن وإنا لفراقك أستاذ أمين صالح محمد لمكلومون.
ارتقت فجر اليوم الإثنين 28رمضان1441هـ روح الاستاذ الفاضل الثائر أمين صالح محمد، الى بارئها، كان وقع الخبر على النفس صادماً وللذهن فاجعاً مربكاً وللقلب موجعاً، لا اعتراض على قضاء الله وقدره ولا راد له فهو ماضٍ على كل إنسان حتماً، ولكن لفقدان مثل أمين صالح فلتنكس الأعلام وترفع رايات الحداد وتتحسر القلوب وتنزف المآقي دموعاً ووجعاً، فخسارة الوطن كبيرة وعظيمة برحيله.
أمين صالح عنوان ثورة وكفاح وبذل وعطاء بإيثار وثبات ورسوخ وقيم ومثل رفيعة.
أمين صالح من الطليعة الأولى التي أبت الخضوع والاستسلام لطغيان واستبداد واستعمار صنعاء، وأنذرت نفسها لبذر ثورة في وعي وضمير ووجدان شعبها وأجيالها ضد ذلك الطغيان والاحتلال التدميري للأرض والإنسان، منذ نكسة 1994م على الجنوب، عمل أمين صالح بجد واخلاص وتفاني وبذل وتضحية على خلق وعي جمعي ثائر ومقاوم لطغيان واستبداد صنعاء وهندسة وتنظيم كل وسائل الرفض والمقاومة تلك، فأسس اللجان الشعبية فكانت الزنازين والسجون والمحاكمات الصورية رفيقة رحلته تلك، خسر كل مصادر دخله واعالة اسرته، وظل مستمراً دون كلل أو ملل رغم كل الإحباطات والانتكاسات التي تعرضت لها خلايا وأطر المقاومة تلك، وظل يعمل بصمت الحكماء وإيثار النبلاء وصلابة الشجعان، ويقين الأنبياء بعدالة القضية التي يحملها وحتمية انتصارها.
بكل تفاصيل مراحل ثورة الجنوب كان أمين صالح حاضراً، صانعاً وفاعلاً ولكن كان يؤثر الانزواء بعيداً عن الأضواء وعدسات الإعلام والتلميع، والمنصات، كان دائماً يردد مقولته الشهيرة: مهمتنا كيف نخلق وعياً قادراً على استعادة وطن وادارته بعيداً عن مآسي الماضي.
كان يمقت العنصرية بكل اشكالها ويمقت أكثر النزق والتعجرف تحت كل الشعارات وخصوصاً المتدثرة بجلابيب الثورة أو الوطن أو المناطقية، وهذا أكثر ما كان يخشاه على قضية وطنه التي آمن بها وأنذر حياته في سبيل انتصاراتها.
أمين صالح رمز الحكمة والاعتدال والتسامح، هكذا اختط لنفسه نهجاً كفاحياً قائماً على تلك القيم، ونذر حياته في سبيل الانتصار لقضيته الوطنية عبر تلك القيم وكلما علت أصوات النزقين والانتهازيين ولصوص تضحيات الصادقين المخلصين، تنحى جانباً حتى انقشاع غبار ريحهم العابرة.
أمين صالح كبير مهندسي وصانعي المجلس الانتقالي الجنوبي، والحديث عن هذه المحطة من حياته التي عاصرت وعايشت كل تفاصيلها معه طيلة ثمانية اشهر سابقة على اعلان تأسيس المجلس الانتقالي، ثم ما أعقبها حتى وفاته، تحتاج وقفات عديدة، ومع ذلك لم يظهر أمين صالح في المنصات والبرامج والمنشورات الإعلامية، لذا لا يعرف عنه الكثيرون حتى داخل المجلس، وللأسف لم يكن بيان نعي المجلس لابرز مؤسسيه وصانعي ثورة شعب الجنوب، بالمستوى الذي يليق به!!.
لست بمقام ولا بمزاج الحديث عن سيرة رجل بحجم ومكانة أمين صالح، فمازلت تحت وقع الصدمة برحيله المؤلم الفاجع.
خسارة فادحة مني بها الجنوب وثورته، برحيل شخصية محورية صانعة احداث وتوجهات، تجسدت في شخص أمين صالح محمد، خصوصاً في مثل الظروف وواقع الحال الذي يمر به الجنوب حالياً.
عظم الله اجر الوطن برحيل أبرز رموزه الوطنية النقية المخلصة، وعظم الله أجر أهله وأولاده وألهمهم الصبر والسلوان.
رحمة الله تغشاك استاذي واخي وصديقي وجاري خلال الثلاث السنوات الماضية، دعوت لك مخلصاً طيلة شهر رمضان بكل صلواتي وأوقاتي فكان قدر الله سابقاً.
نم قرير العين أيها الحبيب فقد تركت فراغاً كبيراً في حياتنا وغصة ستظل توجع الشعور وتهرق الدموع عند ذكراك وتفاصيل حياتنا مليئة بذكراك وحضورك الاستثنائي فيها.