كتب : أحمد عمر حسين
من الاهمية ان نقرأ الامور كمايجب ، وليس كما نحب ، وهناك بون شاسع بين الحالتين .. حالة الوقوع في سجن الهوى والنظر للأشياء كما نحب حيث سنستيقظ منها وبكل تاكيد بعد فوات الاوان على مائدة فارغة ، وحالة القراءة كما يجب حيث تحررنا من الأنا المضللة.
وطالما الجميع وأعني جنوباً يدركون حجم المشكلة والمؤامرة على الجنوب من ابناءجلدتنا المغيبين والمتعاونين والمتمصلحين وبمعية رعاة كبار لهم داخلياً واقليمياً ويدركون اليوم إنه لايمكن لأي طرف جنوبي مهما كان كبيراً كالانتقالي مثلا ، كونه الاكبر جنوباً ، او غيره ، لايمكن له الغاء الاطراف الاخرى ، فمن الواقعي اذاً ان نقر بذلك من خلال الافعال وذلك عن طريق التقارب فعلا ، على الاقل مع الاطراف الجنوبية المتواجدة خارج إطار الشرعية مثلا ، فهم على الاقل سيرجحون كفة الانتقالي كثيراً فوق ماهي راجحة حاليا ، رغم ان طرف الشرعية قد خلق مؤخراً خلخلة واعباء قد تربك الانتقالي وتقلل من شعبيته.
وليس معيباً ان نخطئ ، ولكن العيب الاستمرار في الخطأ ، والاستشارات ليست نقصاً لدى من يستشير ابداً ، وإنما هي الحكمة والشورى في توسيع دائرة صنع القرارات وتحليل الاوضاع.
ولابد من الاعتراف كذلك بإن هناك بعض افراد وهم قلة قليلة وموجودين في جميع مكونات الجنوب ، أولئك النفر ومن مختلف المشارب السياسية لايزالوا متأثرين برواسب الصراعات الماضية ، منذ العام 1967م وليس فقط صراع 1986م والذي لاشك انه الاكبر والاعمق.
حقيقة هناك نفر قليل في كل المكونات لازالت هناك ترسبات في اعماقهم وإن اخفوها بسبب التصالح والتسامح ، إلا إنها بادية عملياً من خلال إن جميع من يجمع على إستعادة دولة الجنوب لم يضمهم كيان واحد او جبهه عريضه رغم واحدية الهدف.
اما بالنسبة للقروية فهي ليست المشكلة بحد ذاتها ، فاخلاق القرى واهلها 90% منها إيجابية ورائعة ، ولنا عبرة في قيادات قادت دول عربية كبرى مثل ( مصر ) عبدالناصر (فهو من القريه وليس ابن مدينه ) وكذلك الرئيس قحطان رحمة الله عليه وسالم ربيع علي رحمة الله عليهما جميعاً.
ونستخلص مماسبق إن مشكلتنا حقيقة في رموز معينة تظهر غير ماتبطن فالترسبات لاتزال هي من تتحكم بفعلها وحركتها سلباً او ايجاباً ، وفي اعتقادي اننا لن نصل لبر الامان دون ان تتخلص تلك الرموز من براثن وترسبات الماضي ، لان من يتمسك بإرث الماضي لن يستطيع العيش بالحاضر ولن يصل الى المستقبل ابداً.
ونريد ممن فيه ترسبات وهو يعلم نفسه ان يتطهر من تلك الترسبات اللعينه لان الجميع سيغرق لا محالة في حال تمسك بعضنا بمخلفات صراع الماضي.
كما نريد ممن يعلم عن نفسه إنه ليس ذا كفاءة ممتازة بإن يكثر من الاستشارة والتشاور ، ولانريد منه ان يظل يخشى من امر الشورى ، فهو إن ظل يخاف ان تحسب الاستشارة ضعف فهنا مصيبة كبرى ، وعليه إن يدرك إن الاستشارة والتشاور هي الحكمة والقوة والشورى التي تعتبر ضالة المؤمن إينما وجدها فهو أحق بها.
للأمانه ان الترسبات من الماضي يجب ان تنتهي إذا ما اردنا الانطلاق في خطوة صحيحة وقوية في الحاضر ونحو المستقبل .. ونهاية الحديث وقصارى القول إن ( القروية ) ليست المشكلة بتاتاً وإنما هي ترسبات الماضي التي تمثل العقبة التي ماتزال تكبل ( بعض ) قيادات الجنوب ومن كافة الاطياف بصراحه ، وليس في طرف واحد فقط .. بل ان جميع اطراف الجنوب يوجد فيها بعض ممن لايزالون أسرى لصراعات الماضي ، وعليهم ان يتطهروا جميعاً ويعمقوا التصالح والتسامح اولا وثانياً وثالثاً ورابعاً ، لان القيادات يجب أن تجسد التصالح والتسامح حقيقة معاشة وماثلة للعيان قبل القواعد.