كريتر نت – الرصيف بري
خلال الأيام الماضية وبشكل مفاجئ تصدرت قيادات ونشطاء من حزب الإصلاح في تعز الحديث عن الفساد والعبث في المحافظة والدعوة الى مكافحته.
وفيما يشبه الحملة المنظمة ، اسهب العشرات من قيادات ونشطاء الحزب على مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن مشاهد الفوضى وتردي الخدمات في المحافظة والاعتراف بوجود فساد في إدارة مؤسسات الدولة وعن ضرورة اقالة القيادات الفاسدة ، بل وصل بالبعض منهم الى المطالبة برحيل جماعي للمسئولين في المحافظة.
موقفاً بداً غريباً لدى المتابع للأحداث في تعز منذ بداية الحرب الى لحظة تفجر هذه المواقف ومن طرف سياسي ظل يعتبر مجرد الحديث عن وجود أي خطأ او خلل بأنه خيانة وطنية لصالح أعداء تعز، بل كان يجزم بان الأصوات الناقدة لما يحصل من جرائم وفوضى بأنها “مؤامرة ممولة ” لإفشال معركة تحرير تعز من حصار مليشيات الحوثي، وهو يحافظ على ماكسبه من الفوضى والاستحواذ على المواقع في الجيش والأمن والسلطة المدنية.
وظل هذا الخطاب حاضراً حتى مع تصدر الحزب دعوات مكافحة الفساد ، حيث ظهر في التوجيه الذي أصدره يوم الأربعاء الوكيل عارف جامل الى مدير عام أمن تعز للتصدي لدعوات التظاهر التي اطلقها نشطاء في تعز الخميس ، حيث وجه جامل مدير الأمن “برفع الجاهزية الأمنية وضبط كل المخالفين الذين يحاولون اقلاق الأمن والسكينة العامة واحالتهم للجهات الخاصة”.
وبرر جامل هذه التوجيهات بوجود دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي “لإثارة الفوضى والوضع” ، زاعماً بأن ذلك يوثر على ” سير النفير العام نحو استكمال التحرير”.
جامل الذي يعد من ابرز أدوات الإصلاح في تعز ، يجسد هنا في توجيه عقلية الحزب والمنظومة المتحالفة معه والتي ادارت تعز منذ 6 سنوات وانتجت هذه المحصلة من الفوضى والعبث والفشل الشامل في كل الملفات الخدمية والأمنية والعسكرية.
ولم تكتفي هذه منظومة بصناعة الفساد والعبث من خلال إدارتها للوضع في تعز ، بل عملت على منع محاولات التصحيح النادرة خلال السنوات الست الماضية ، ويمكن الإشارة هنا الى تجربة المحافظ السابق امين محمود الذي لم يكمل في منصبه عاماً واحداً كانت مؤشر التنمية والاستقرار حاضره رغم قصر الفترة بعدها نجح الإصلاح ومليشياته بالإطاحة به.
تجربة حافلة بالأحداث والشواهد التي اثبتت ان الإصلاح هو الأب الشرعي لكل جريمة فساد وعبث في تعز والحامي لها ، ويكفي الإشارة الى ما كشفه هشام السامعي سكرتير المحافظ السابق الدكتور امين محمود في منشور له على “الفيس بوك” عن احدى هذه الشواهد.
تحدث السامعي عن القرارات التي أصدرها المحافظ امين محمود بتعيين مدراء بعض المديريات ، وقال بان الإصلاح سارع مباشرة الى رفض القرارات واوعز لبعض المدراء المقالين بالتمرد على القرارات .
يكشف السامعي عن عقد لقاء حينها في استراحة المحافظة جمع المحافظ السابق وعبدالحافظ الفقيه رئيس اصلاح تعز ، الذي قال بأنه بدأ حديثه مباشرة بعدم قبول قرار تغيير أحد مدراء المديريات ، وان المدير من رجالات المقاومة.
يضيف السامعي : اخبره المحافظ أن هناك ملف مخالفات وفساد محال من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ضد المدير المقال ، الفقيه برر ذلك وقال : ولو ، هذا من رجال المقاومة ومن ثوار الساحة ، يعلق السامعي بالقول :ايه والله هكذا قالها الفقيه .
كعادتها جماعة الإخوان تخلق مبررت وفتاوي لتبرير فسادها وعبثها والفوضى التي خلفتها وتعاني منها المدينة باسم المقاومة وانهم مقاوميين.
يشير السامعي في حديثه هنا الى قرار المحافظ السابق بإقالة مدير عام مديرية المسراخ القيادي الإصلاحي يحيى إسماعيل منتصف 2018م والذي سارع الى رفضه ومنع المدير المعين من المحافظ بقرار من رئيس الوزراء عبدالقوي الوجيه من مزاولة عمله، معتمداً على مليشيات الإصلاح التي يقودها في المديرية.
ولم يكتفي هذا القيادي الإصلاحي بذلك ، بل اقدم على الانتقام من المحافظ السابق باحراق منزله في الأحداث التي شهدتها مديرية المسراخ في مايو 2019م وأصدرت بموجبها النيابة الجزائية في عدن امراً قبض قهري ضده ، ولا يزال رغم ذلك في منصبه بقوة مليشيات حزبه ورضوخ المحافظ الاداة الطيعة بيد الجماعة.
شواهد عديدة ضمن سجل طويل تؤكد صناعة الإصلاح والمنظومة المتحالفة معه لمشهد الخراب الذي تعيشه تعز اليوم ، ما يجعل من أي حديث يصدر عنه برفض الفساد او اقالة الفاسدين مثيراً لشكوك والتساؤلات عن الأسباب الحقيقة وراء ذلك وان الامر ليس صحوة ضمير متأخرة ، او توبة عنه ، فالتوبة تبدأ بالإقرار بالذنب أولاً وعدم التكرار.
احتمالات كثيرة يمكن طرحها لتفسير هذه المواقف ، قد يشير احداها الى رغبة الإصلاح في ركوب موجه الغضب الشعبي المتصاعد من تدهور الأوضاع في تعز محاولة لصرف الأنظار عن علاقتها بالفساد والفوضى التي خلفتها منذ سنوات وكذا التخلص من بعض ادواته التي استخدمتها الجماعة لتنفيذ اجنداتها في التمكين، والتضحية بهم والانحناء امام الغضب الشعبي حتى لا يفقد كل أوراقه.
كما لا يمكن اغفال ان يكون الأمر محاولة من الجماعة لصرف الانظار عن أكذوبة “التعبئة العامة” بعد مرور شهرين عليها دون تحقيق شيء يذكر على الأرض في الجبهات ، ومنع أي تساؤل عن مصير مئات الملايين التي حولت الأمر الى تعبئة عامة لخزائن الجماعة ومنظومتها الفاسدة المتحكمة والمتسلطة على راقب أبناء تعز ومحافظتهم