كريتر نت – عمان
كشفت سلسلة من البيانات التابعة لجهات رسمية وأهلية أردنية عن تصعيد مفاجئ بين السلطات والعشائر، وهو ما اعتبرته مصادر أردنية مطلعة دليلا على فشل الوساطة التي هدفت إلى تطويق قضية الأمير حمزة بن الحسين وإعادة الود بين المؤسسة الرسمية الأردنية والعشائر كقوة اجتماعية وسياسية مؤثرة.
وحذّر بيان صادر عن وزير الداخلية مازن الفراية السبت من أيّ “تجمعات تمس بسيادة القانون”، ملوّحا بأن وزارته لن تسمح “باستغلال هذه التجمعات لتنفيذ أجندات خاصة”. وتزامن بيان الداخلية مع بيان ناري لمجلس الأعيان حث فيه على “إنفاذ القانون والحفاظ على النظام العام ومحاسبة كل من تسوّل له نفسه العبث بالسلم الأهلي”.
وقالت المصادر الأردنية في تصريح لـ”العرب” إن البيانين يأتيان بعد فشل الوساطة التي قام بها رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز مع العشائر، وإن السلطات لم تستطع إقناع شيوخ العشائر برؤيتها لقضية الأمير حمزة.
وكشفت عن أن بعض القيادات العشائرية الوازنة اعتبرت أن الحل لا يكمن في تجريد الأمير حمزة من حقه في الحديث إلى الإعلام والتعبير عن مواقفه وعزله عن أنصاره، وإنما في معالجة جوهر القضية التي طرحها وأدّت إلى الغضب الرسمي عليه.
وأشارت إلى أن هذه القيادات اشترطت خروج الأمير حمزة إلى العلن والعودة إلى نشاطه العادي كمؤشر حسن نية عن رغبة السلطة في إقامة حوار مثمر وذي جدوى مع العشائر، معتبرة أن ما تحدث به ولي العهد السابق هو دفاع عن العشائر وتبيان لحقها على الدولة، ولأجل ذلك فإن العشائر لا تقبل ما يحصل معه، وهي حريصة على إذابة الجليد بينه وبين بقية الأسرة الحاكمة.
وتعهد وزير الداخلية الأردني بأن تقوم الأجهزة الأمنية بإنفاذ القانون ومنع أيّ تجمعات ومظاهر خارجة عن القانون.
وأضاف ” شهدت الأيام الأخيرة ممارسات وتجمعات كانت في مضمونها ومحتواها تمسّ بتماسك النسيج الوطني الأردني، وتضمنت الدعوة إلى تحشيدات تتنافى ومبدأ سيادة القانون وتنخر السلم والأمن المجتمعي”.
وشدد على أن وزارته لن تسمح “باستغلال هذه التجمعات لتنفيذ أجندات خاصة والمس بالوحدة الوطنية وتماسكنا المجتمعي وتسخير هذه الوقفات للعبث بالأمن الوطني وترويع المواطنين الآمنين”.
من جانبه قال مجلس الأعيان إنه يرفض “محاولات البعض للتعبئة الشعبية باستخدام مظلمة غير واقعية من أجل نشر الفوضى بمختلف الوسائل داخل الوطن في إطار ممنهج ومدروس يستهدف تشويه سمعة الأردن”.
وتابع المجلس في البيان “إن أيّ مطلب حق أو مشروع لن يتحقّق بأساليب الاستقواء أو الإملاء ولكن بالحوار والنقاش”.
وأشار إلى أن “ترك الساحة للعابثين بأمننا ومثيري الفوضى في الوطن والمعتدين على مقدراتنا ومؤسساتنا الوطنية لا يمكن القبول به، ويجب التصدي له بقوة”، مؤكدا “ثقته الكبيرة بالأجهزة الأمنية وقدرتها على مواجهة هذه الأفعال”.
ويبدو أن حرب غزة والتصعيد الأردني مع إسرائيل كانا فاصل استراحة لعمّان قبل العودة إلى مواجهة مشكلة العشائر. لكن تجميد عضوية النائب أسامة العجارمة لمدة عام واحد وقطع مخصصاته المالية أعاد التصعيد إلى الواجهة، وأظهر أن الوساطات فشلت في إذابة الجليد بين العشائر والمؤسسة الرسمية.
واتخذ العجارمة من قضية الانتصار لغزة فرصة لإظهار قوة العشائر واستعدادها للتصعيد في أيّ وقت وقدرتها على حشد الشارع وراءها.
وقامت قوة أمنية السبت بتفريق تجمّع نظمته عشيرة العجارمة غرب عمّان على طريق البحر الميت في مدينة ناعور وهي إحدى مناطق انتشار العشيرة. كما قامت بهدم “بيوت شَعر” كانت مهيأة لاستقبال مؤيدين ومؤازرين للنائب أسامة العجارمة، ما دفع إلى تكاثر عدد المشاركين، ثم سمحت بتجمع آخر بعيدا عن الطريق يشمل عشائر أخرى تضامنت مع النائب.
ورغم تحذير وزارة الداخلية بثت حسابات على فيسبوك وتوتير مشاهد مباشرة لتوافد المؤدين والمؤازرين إلى ديوان العجارمة.
وكان العجارمة قال إن انقطاع التيار الكهربائي عن عموم المملكة كان “متعمدا”، لمنع مسيرات تضامنية للعشائر مع فلسطين.
ورفض رئيس مجلس النواب عبدالمنعم العودات كلام النائب معتبرا أن حديثه “يخالف النظام الداخلي؛ لأنه خارج عن مضمون الجلسة”.
وردّ العجارمة على ذلك بعد أن غادر مكانه قائلا “طز بمجلس النواب (تبا لمجلس النواب) وطز بالنظام الداخلي”، وفق مقطع مصور تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي.
وناشدت جماعة عمّان لحوارات المستقبل العشائر الأردنية أن تظل ركيزة أساسية من ركائز استقرار الوطن، وألا تسمح لأحد باستغلال اسمها في تحقيق مطامع شخصية أو تحويلها إلى أداة من أدوات الهدم ونشر الفوضى في بلدنا الحبيب.
وطالبت الجماعة في بيان لها السبت بلجم ما أسمتها “حالة التنمر التي بدأت الأصوات النشاز بممارستها لفرض إيقاع غريب على مجتمعنا الأردني”.
وتابعت أن “البعض أصبح يفسر سياسة الحِلم واللين ضعفا، والصبر خورا، فتمادى في غيه دون التبصر بعواقب الأمور”.
المصدر : العرب اللندنية