بقلم الاعلامية / ابتسام احمد ..
يومان وأناملي فاقدة الوعي امام كل الوجع الذي مررتي به قبل وبعد الحرب ..
عجزت روحي عن الكلام عن اللحظات الاخيرة بيننا على مرفأ التواهي حين افترقنا بلا عودة ..
كم تعرضتي للظلم وكم كنت اشعر بوجعك ومعاناتك حين نلتقي صدفة على الرصيف معاناة العمل الاهل الاصدقاء لكنك في المقابل كنتي امرأة حديدية ..
يازميلتي العزيزة اول مرة رايتك فيه في القسم الفرنسي بكلية الاداب جذبني نحوك حديثك باللغة الفرنسية بطلاقة
مع المسيو باسكال الساعة الثانية عشر ظهرا العام ٢٠٠١ ، كنت مازلت في المستوى الاول وانتي في الرابع ..
بعدها عرفت انك جارتي في البنجسار ، وبعد عملي في صيحفة ١٤ اكتوبر صرنا قريبتين من بعض ..
الخامس من مايو ٢٠١٥ كان اخر يوم بيننا ، حينها كنت مستجدة في قناة عدن لاسبوعين قبل اقتحام مليشيات الحوثي لمدينة التواهي التي عشنا فيها ٤٠ يوما بلا كهرباء حينها ..
الخامس من مايو كان الفصل حين كنتي في استوديو الاخبار تستعدين للاخبار اظنها كانت الساعة ١١ عشرة ، حين قفزت الى قسم الاخبار لانبهك بأن الحوثيين اقتحموا التواهي وانهم يقصفون بالمنطا وقناص فوق جبل عين يتصيد البوابة الرئيسية لقناة عدن ، حذرتك لتسرعي بالخروج لان الاستوديو مكتوم الصوت ولا تسمع فيه اي تفجيرات ..
اذكر تماما حينها هرب الجميع ولم يبقى في القناة الا انا وانتي والاطفال ومعك قرابة ٧ شنط عفش كبيرة ، في شقتك المستاجرة الملاصقة للقناة والتي كان القناص الحوثي يستهدفها ..
بقيت برهة افكر هل اتركها تواجه مصيرها واذهب لالحق باهلي في الميناء الحربي ، ام اساعدها على الذهاب الى احد الموانيء التي كانت مزدحمة بالناس الفارين من القذائف !
قررت المساعدة وصعدت تحت ضربات القناص وطلبت منك ترك شنطك لاننا لن نستطيع اخراجها او حملها لثقلها ونحن نريد الخروج من مبنى التلفزيون قبل وصول الحوثيين وتحت ضربات القناص ..
بالكاد اقنعتها ترك اشيائها التي كانت هي واطفالها متمسكون بها ، لانه بالكاد نستطيع الخروج الى خارج بوابة القناة المحاصرة برصاص القناص ..
بقينا نبحث عن فرصة للهروب من القنص لكن معنا الاطفال فطلبت منك البقاء والانتظار حتى اجري تحت الرصاص الى الجهة الامنة مقابل التلفزيون واحتمي بأشجار حدائق عدن واحضر تاكسي ليدخل الى حوش القناة واخذك والاطفال والخروج بنا جميعا الى الميناء وكلها ٣ كم فقط لكنها كانت مسافة محفوفة بالموت ..
نجونا ووصلنا الى الميناء لكن هناك ضعنا بين الزحام و كنت اظن انك في بر الامان وانك ستصعدين السفينة من ميناء التواهي الى ميناء الزيت في البريقة ..
انقطع كل شيء بيننا فقد كنا اشبه بمشهد الهروب الى القوارب الصغيرة بفلم التايتنك ..
بعدها بقينا انا واهلي يومين في احد المساجد بالخيسة مصدومين بالكهرباء التي حرمنا منها اياما كثيرة ، غير مستوعبين اننا لم نكن ضمن قوارب الموت التي قصفها الحوثيون بعد خروجنا بساعات ..
٣ ايام صحينا من الصدمة وحاولت الاتصال بك واخبرتيني بأنك بخير في منزلك بالتواهي وان المليشيا الحوثية طمانتك واعادتك الى بيتك بعد ان فشلتي بالصعود الى اخد القوارب قبل وصول الحوثيين الى كامل التواهي ..
حينها بقيتي اسبوع وبعدها سمح لك الحوثيون بالخروج من التواهي مع احدى العائلات ووصلتي الى الشيخ عثمان وهنا بدات معاناتك مع النزوح داخل الدكان بعد الاستيلاء على منزلك ..
اخر اتصال بيننا كنتي تبلغني بحالتك الصعبة وكنت قد وصلت الى الرياض حاولت الوصول للوزير الاصبحي ورئيس الوزراء خالد بحاح لاخبرهم عنك ولم استطع فأنا ايضا لم استطع الالتحاق بالاعلام الرسمي لولا ان وجدت عمل خاص ساعدني في الغربة عاما كاملا حتى استطعت العودة الى الاعلام الرسمي الذي عملت فيه لاكثر ١٥ عاما..
صدمني موتك ولست استوعبه حتى الان ، وسبحان الله العيال كبروا وصاروا شباب الله يحفظهم .. ليتك ترينهم الان وانتي من كنتي لهم الاب والام ..
اذكر في اول ايام عيد الحج ٢٠١٤ وجدتك صدفة في احد الباصات الصغيرة ذاهبة لكريتر عشان تشتري كناري للاطفال مع الناس مغلقين بس العيال صمموا يشتوا الطيور وانتي لبيتي رغبتهم ، كانوا كل ثروتك في الحياة ..
سلام لروحك الجميلة ايتها الجميلة اسال الله لك الرحمة والمغفرة