كريتر نت – الرصيف برس
في حواره الصحفي الأخير كشف القيادي الاخواني البارز حميد الأحمر عن كيان سياسي جديد حمل اسم “الجبهة اليمنية للإنقاذ”، في خضم اجواء المعركة الشرسة التي دشنتها جماعة الاخوان ضد التحالف العربي تحت مزاعم انتهاك السيادة وانشاء قواعد عسكرية في جزيرة ميون.
الأحمر في حواره الصحفي حدد مهام هذه الجبهة وقال بأنها تسعى “لتجاوز الخلل الكبير في أداء الشرعية وتصحيح العلاقة بين الشرعية والتحالف، والبحث عن مخارج مجتمعية لإنقاذ اليمن”.
وكعادة حواراته ومواقفه الأخيرة، لم ينسى الأحمر في الحوار الذي اجراءه مع صحيفة “القدس العربي” ان يهاجم التحالف العربي بشكل حاد، ووصل الى القول بإن ” الأذى الذي تسبب التحالف لليمنيين لا يقل عن الأذى الذي تسببت به إيران”.
ودائما ما تؤخذ تصريحات الرجل على محمل الجد بالنظر الى نفوذه وتأثير الكبير داخل جماعة الاخوان في اليمن، ما يعني أن تصريحه حول ما يسمى “الجبهة اليمنية للإنقاذ” يمثل توجها حقيقاً للجماعة او على الأقل لقطاع كبير داخلها لإيجاد كيان سياسي خارج إطار الشرعية – رغم انها تسيطر على قرارها – موجه ضد التحالف وربما أيضا يكون بديلاً للشرعية ذاتها.
سبق للأحمر ان كشف عن التوجه لتشكيل هذه الكيان ، في حواره مع موقع “الجزيرة نت” القطري في فبراير الماضي دعا فيه الى ضرورة إيجاد ما اسماها ” قوة مجتمعية” تعمل على “اجبار الشرعية على العودة وتصحيح العلاقة مع التحالف”.
وتلى حديث الأحمر تصريحات وتحركات تشير نحو انشاء وتفريخ كيانات سياسية خارج الشرعية وموجه ضد التحالف، كان ابرزها ما قاله وزير الداخلية السابق احمد الميسري حول انشاء “حامل سياسي” في الجنوب في مقابلته في مارس الماضي مع “الجزيرة” التي قال فيها بان المعركة باتت مع التحالف من المهرة الى باب المندب.
وعقب شهر من حديث الميسري تم الكشف في سقطرى عن ما يسمى “لجنة اعتصام سقطرى” في استنساخ لتجربة المهرة وما تسمى بلجنة الاعتصام الممولة من عُمان وتديرها جماعة الإخوان وتصف تواجد التحالف في المحافظة بالاحتلال ، وقد توعدت مؤخراً بتصعيد قادم ضد التحالف.
وبالتزامن مع ذلك كان هناك تحرك موازي في ذات التوجه لرجل الأعمال الإخواني احمد العيسي الذي يعد نسخة مشابهة للأحمر في النفوذ القائم على المال، حيث يرأس العيسي ما يسمى بالائتلاف الجنوبي الوطني ، أحد أهم أدوات الإخوان في الجنوب بعد فضح نشاط الجماعة وتقزيم حضورها في الجنوب.
ومطلع مايو الماضي التقى العيسي بقيادات جنوبية ضمن ما يعرف بالمجلس الأعلى للحراك الثوري “ضمن جهود توحيد المكونات الجنوبية تحت لافتة واحدة”، بحسب الخبر الصادر عن اللقاء الذي أشار أيضا الى وجود “اتصالات مع مكون الحراك الجنوبي السلمي برئاسة ياسين مكاوي مستشار رئيس الجمهورية، والمؤتمر الشعبي الجنوبي برئاسة الميسري”.
وجاءت تحركات العيسي بعد تصريحاته التي اثارت الجدل والتي عبر فيها عن احقية للحكم بديلاً لهادي ، في حوار مطول اجراه مع “مركز صنعاء للدراسات”، في تصريح اُعتبر بأن مؤشراً على ان جماعة الإخوان بدأت بالتفكير في مرحلة ما بعد هادي.
وما عزز من هذه الفكرة هو التقرير المطول الذي نشره المركز مؤخراً – والذي يقول مراقبون بانه تابع للعيس ويتلقى تمويله الرئيسي منه – ، ودعا الى تطبيق فكرة المجلس الرئاسي والتأكيد على فشل هادي في إدارة الأمور ، ولاقت هذه الفكرة تأييداً بين نشطاء الاخوان على مواقع التواصل الاجتماعي.
التأكيد على فشل هادي كمبرر للبحث عن خيارات “إخوانية” بديلة ، هي ذات الفكرة التي حاول الأحمر تسويقها بشكل اخر لتبرير “جبهة الأنقاذ” في حواره الصحفي ، حيث قال بان الرئاسة والحكومة والبرلمان جميعها تحت الإقامة الجبرية من قبل التحالف ، الذي وصفه الأحمر بانه “استعمار” في حديثه عن مزاعم القواعد العسكرية في ميون وسقطرى.
اللافت ان التصعيد جماعة الإخوان ضد التحالف يأتي في الوقت الذي تبدلت فيه مواقف داعميها في تركيا وقطر من دول التحالف مؤخراً من العداء الشديد الى الالحاح في استعادة العلاقة وتجاوز هذا العداء، ما قد يهدد قدرة الجماعة على استمرارها في خطها المعادي ضد التحالف وقد يضعف ايضاً من نفوذها داخل الشرعية.
ويرى مراقبون بان هذا المأزق ربما يكون دافعاً لجماعة الإخوان الى البحث عن كيان سياسي في اليمن يضمن لها قدراً من الضغط ولتتمكن من خلاله ممارسة الابتزاز ضد التحالف العربي، كما قد يمثل بديل لشرعية هادي المتحكم بها جماعة الإخوان ويمكن ان يمثل مشروعاً اضافيا لهادي وشرعيته في اسناد اجندة ومطامع الجماعة في مواجهة خصوم الجماعة
كما لا يستبعد المراقبين ان يكون هدف الجماعة من وراء انشاء كيان سياسي هو استخدامه كوسيلة او كورقة ضغط لتحسين وضع الجماعة في أي تسوية سياسية قادمة في حالة نجاح التوجه الأمريكي والأممي في الدفع نحو مفاوضات متعددة الأطراف وبعد حضور المجلس الانتقالي وكذا انشاء المجلس السياسي في الساحل الغربي، وبدلاً من حصرها بين طرفي الشرعية والحوثي فقط.
هذا التوجه ترى فيه الجماعة ضربة قوية لطموحها السياسي المعتمد على اختطافها لقرار الشرعية ، ما يضعف مكاسبها من أي تسوية سياسية تنتج عن مفاوضات من اطراف متعددة تجعل منها طرفاً ضمن قائمة طويلة من الأطراف والكيانات ، وهو ما يعني ان عليها العمل لتفريغ كيانات مختلفة او تجميع ادواتها في الداخل ضمن كيان واحد يحقق لها مكاسب تفاوضية اكبر.