كريتر نت – العرب
تؤكد الحكومة الفرنسية، وبمرور الوقت، أنها لن تتسامح مع الانفصالية الإسلامية التي تتبنى أفكارا وسلوكيات تتعارض مع هوية فرنسا وثقافتها، خاصة بعد أن حصلت على دعم قوي من البرلمان الجمعة من خلال إقرار قانون “مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية”، والذي يرفع لواء “مكافحة الإسلام الانفصالي”.
وأقالت وزارة الداخلية الفرنسية إمام مسجد في إقليم لوار وسط البلاد بسبب ما وصفته بالخطاب المتطرف الذي تحدث به خلال خطبة العيد، وفيه ترويج لأفكار وفتاوى بشأن النساء لا تتماشى مع قيم المجتمع الفرنسي.
وطلب وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إقالة مادي أحمدا، إمام مسجد سانت شاموند الكبير بعد مشاركة إيزابيل سربلي، عضو المجلس البلدي عن حزب الجمهوريون، مقطع فيديو للخطبة عبر الإنترنت.
وطلب دارمانان من مكتب حاكم لوار فصل الإمام والتأكد من عدم تجديد تصريح إقامته، لأنه “يجد هذه العبارات غير مقبولة “و”يعتبرها ضد المساواة بين الجنسين”.
لكن الإمام المقال قال إن بعض العبارات والآيات في الخطبة تم أخذها واستخدامها خارج سياقها، وإنه لم يحثّ على بقاء النساء في المنازل.
وأضاف “فتياتنا ليس عليهن البقاء في المنزل، فهن يصبحن طبيبات أو مهندسات”.
كما أقالت إماما آخر في إقليم هوت دو سين بسبب خطاب انتقد فيه لباس نساء الجالية واندماجهم في المجتمع الفرنسي. وطلب وزير الداخلية من سلطات الإقليم التدخل وتعليق أنشطة المسجد إذا تكررت خطبة مماثلة، باستخدام الأدوات الجديدة التي يسمح بها القانون “لتعزيز احترام مبادئ الجمهورية”.
ويقول مراقبون إن هذه الإقالات تظهر جدية السلطات الفرنسية في مواجهة المتطرفين الذين يسيطرون على المساجد ويروّجون لأفكار تتعارض مع قيم فرنسا، وأغلبهم ينفذ أجندات دول وجماعات خارجية.
ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن بعض الأئمة يهتمون بتنفيذ الأجندات الخارجية أكثر من التفكير في التضييقات التي تتعرض لها الجالية بسبب أجنداتهم، خاصة في ظل تمسكهم بفتاوى لم يعد أحد يقبل بها داخل الجالية ولا حتى في مجتمعات عربية وإسلامية.
ويراهن هؤلاء الأئمة على استقطاب الشباب الغاضب من السياسات الاجتماعية وعدم تكافؤ الفرص في التوظيف وفرص العمل لإغرائهم بتبني أفكار متشددة ما يجعلهم في مواجهة مع الدولة الفرنسية التي لم تعد تسمح بأيّ أنشطة تحرّض على الانفصال أو كراهية المجتمع، والترويج لقيم غير مسموح بها مثل تعدد الزوجات أو الزواج القسري أو إلزام الفتيات بالحجاب.
وصوّت البرلمان الفرنسي الجمعة على مشروع القانون المثير للجدل ضد النزعة الانفصالية والذي يستهدف الإسلام المتطرف وتم تبنيه بشكل نهائي.
إيمانويل ماكرون تعهد بقمع الحركة الانفصالية الإسلاموية بعد سلسلة من الهجمات
وبعد سبعة أشهر بين أخذ ورد بين البرلمان ومجلس الشيوخ، صادق النواب على نص “احترام مبادئ الجمهورية” المقدم كعلاج لـ”سيطرة الإسلاميين” على المجتمع، بأغلبية 49 صوتا مع معارضة 19 وامتناع 5 عن التصويت.
ويضم هذا النص الذي دعمه الوزير جيرالد دارمانان مجموعة من التدابير حول حيادية الخدمات العامة ومكافحة الكراهية عبر الإنترنت وحماية الموظفين الرسميين والأساتذة، والإشراف على التربية الأسرية وتعزيز الرقابة على الجمعيات وتحسين شفافية الممارسات الدينية وتمويلها وحتى محاربة تعدد الزوجات والزواج القسري.
وواجه هذا النص هجوما شديدا من بعض الزعماء والحركات الإسلامية في كل أنحاء العالم ولاسيما تركيا بزعامة رجب طيب إردوغان ما تسبب في أشهر من التوتر بين باريس وأنقرة.
وأعلن ماكرون عن القانون الجديد في أكتوبر الماضي، إذ تعهد بقمع الحركة الانفصالية الإسلاموية بعد سلسلة من الهجمات، أودت بحياة أكثر من 250 شخصا.
وتعهد الرئيس الفرنسي بوضع حد لما سماه “التدخل التركي” في شؤون فرنسا و”الانفصالية الإسلامية”، مشددا على أنه “لا يمكن تطبيق القوانين التركية على أراضي فرنسا”.
وفي كلمة ألقاها في مدينة ملوز شمال شرق فرنسا المعروفة بالحضور القوي للجالية التركية، قال ماكرون “عدونا هو الانفصالية.. الانفصالية الإسلامية تتعارض مع قيم الحرية والمساواة وسلامة الجمهورية ووحدة الأمة”.
وأضاف “على تركيا أن تدرك أن باريس لا تقبل أن يقوم أيّ بلد بدعم متشددين لهم توجهات انفصالية في الجمهورية الفرنسية”.
من جانبه، قال وزير الداخلية إننا “نعطي أنفسنا الوسائل لمحاربة أولئك الذين يسيئون استخدام الدين للتشكيك في قيم الجمهورية”.