كريتر / الأناضول
سيطرت القوات الحكومية اليمنية، في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على قرى ومواقع عسكرية كانت خاضعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) جنوبي مديرية دمت في محافظة الضالع (جنوب).
وبذلك انتقلت المواجهات إلى الأطراف الجنوبية لمدينة دمت، مركز المديرية؛ ما دفع بالآلاف من السكان إلى النزوح من مساكنهم إلى مناطق شبه آمنة بعيدًا عن المواجهات، التي تعد الأشرس في اليمن حاليا. وتوقف التصعيد في أغلب جبهات القتال الأخرى في البلد العربي، بالتزامن مع جولة مشاروات جديدة بدأت في السويد، الخميس الماضي، بين طرفي النزاع، برعاية الأمم المتحدة.
ويقاتل الحوثيون بضراوة في محاولة للاحتفاظ بمحافظات يسيطرون عليها بالقوة، منها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/أيلول 2014.
للمرة الأولى منذ 600 عام أكثر القرى تعرضا للقصف هي قرية الحقب، وهي من أكبر قرى مديرية دمت، نزح سكان القرية بشكل كلي منذ الأيام الأولى للمواجهات، بداية الشهر الماضي، بعدما قتل القصف 11 مدنيا، بينهم 3 نساء.
وللجمعة الخامسة على التوالي، لم تقام صلاة الجمعة في مسجد القرية يوم 7 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وحدث هذا للمرة الأولى في عمر القرية البالغ أكثر من 600 سنة، حسب ما قال نازحون لمراسل الأناضول. ووثقت منظمة “سام” للحقوق والحريات، ومقرها جنيف، نزوح أكثر من ألف نسمة من الحقب، وتدمير 3 منازل من جانب مسلحين حوثيين، حسب تقرير أصدرته الشهر الماضي. المنظمة أضافت أن الحوثيين حاصروا القرية، ومنعوا الجرحى من الوصول إلى مراكز العلاج خارج القرية. وتابعت أن الحوثيين استهدفوا السكان العزل بالقنص؛ ما دفعهم إلى النزوح بشكل جماعي، تاركين بيوتهم وثرواتهم الحيوانية، التي يعتمدون عليها.
ونقل التقرير عن شهود عيان من القرية قولهم إن قوات الحوثي تمركزت في الجبال الخلفية للقرية وبدأت محاصرتها، وقطع الطريق عنها لعزلها عن مدينة دمت المجاورة، والتي تعد السوق التجارية للمديرية وفيها المستشفى. وما يزال عدد من أبناء القرية، معتقلين لدى جماعة الحوثي، عقب اقتحام منازلهم، منذ 10 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقالت مصادر محلية، طلبت عدم نشر أسمائها لدواعٍ أمنية، لمراسل الأناضول، إن أهلي المعتقلين لا يعرفون شيئًا عن مصيرهم. ومن بين المعتقلين: محمد علي جراب (65 سنة)، وضاح الفقيه (38 سنة)، وأمين الأشرف (42 سنة)، ومصلح الظاهري (55 سنة)، ومانع الدبيلي (60 سنة)، وشقيقه ناصر (50 سنة). بدورها، وثقت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، تضم 11 منظمة يمنية غير حكومية، انتهاكات ارتكبها الحوثيون بحق سكان الحقب.
وأفادت بأن الانتهاكات شملت: قصف منازل بقذائف الهاون، وقنص مدنيين في الشوارع وتهجير سكان تحت النيران، ما لم يتح لهم حمل ما يحتاجونه، فضلًا عن اعتقال مواطنين. ونقلت الشبكة، في بيان صدر الأسبوع الماضي، عن أحد النازحين قوله إن الحوثيين كسروا أبواب المنازل، واقتحموها ونهبوا كل ما تحتويه من مال ومقتنيات وذهب وأجهزة إلكترونية، ولم يصدر ردا من الإدارة الحوثية على تقرير المنظمتين الحقوقيتين. قصف مدفعي متواصل لم تتوقف المواجهات عند هذا الحد، إذ اتسعت رقعتها جنوب مدينة دمت، لتشمل عددًا من القرى والمناطق السكنية، وفقًا لمصادر عسكرية في القوات الحكومية وسكان محليين. من هذه القرى: بيت اليزيدي، الرباط، خاب، الرحبة، كرش، إضافة إلى قرى جبل كنـّة الأربع، وقريتي المعرش والأثلة.
واستكمل أهالي قرى الرباط و بيت اليزيدي و خاب، خلال الأسبوعين الماضيين، النزوح بشكل كلي، بعدما استهدف القصف العشوائي عددًا من المنازل.
وقبل أيام، بدأ بعض سكان جنوبي مدينة دمت النزوح إلى مناطق بعيدة، عقب تمدد المواجهات شمالا باتجاه المدينة. وقال شهود عيان إن طرفي القتال يستخدمان القصف المدفعي بشكل متواصل، ما يعرض حياة المدنيين للخطر.
وينفذ تحالف عربي، تقوده الجارة، السعودية، منذ مارس/آذار 2015، عمليات عسكرية في اليمن، دعمًا للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين، المتهمين بتلقي دعم إيراني. وقال سكان في قرية كرش، شرق قرية الحقب، للأناضول، إن القرية أصبحت شبه محاصرة بعد اقتراب المواجهات منها، واستحداث الحوثيون مواقع جديدة في المرتفعات المطلة على القرية. وأضافوا أن هذا الوضع منع السكان من الحركة، لا سيما بعد إصابة 3 منهم برصاص المسلحين الحوثيين، الذين يتهمون أبناء قرية كرش بالتعاون مع القوات الحكومية. ومع استمرار المعارك يُضاف يوميًا نازحون جدد إلى 2.3 مليون نازح في اليمن، الذي يواجه نصف سكانه، أي حوالي 14 مليون نسمة، خطر مجاعة وشيكة، في ظل احتياج أكثر من 22 مليون نسمة لمساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.