كريتر نت – العرب
أرسلت الولايات المتحدة الخميس أقوى رسالة دعم لتونس منذ إعلان الرئيس قيس سعيد تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة؛ وذلك من خلال إعلانها دعم البلاد التي تواجه أزمة اقتصادية حادة في مفاوضاتها مع المؤسسات المالية العالمية والجهات الدولية المانحة.
ويبدد الدعم الأميركي رهان حركة النهضة على موقف أميركي يعارض ما يجري ويقوض الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس سعيد الأحد.
جاء ذلك على لسان نائب مساعد وزير الخزينة الأميركي المكلف بأفريقيا والشرق الأوسط إيريك ماير خلال لقائه الأربعاء مع مروان العباسي محافظ البنك المركزي التونسي في العاصمة التونسية.
وبحسب بيان للمركزي التونسي تطرّق اللقاء إلى “مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تعتزم السلطات التونسية وضعها والانطلاق في تنفيذها خلال الأشهر المقبلة وأهم مستجدات المشاورات مع صندوق النقد الدولي”.
إيريك ماير: مستعدون لدعم المساعي التونسية لاسيما لدعم تونس
وتجري تونس منذ مايو الماضي مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لاقتراض أربعة مليارات دولار، لكن الصندوق اشترط توفر مناخ من الاستقرار السياسي.
وشهدت البلاد قبل إعلان الرئيس سعيد تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب وإقالة الحكومة انسدادا سياسيا استمر أشهرًا، ففي حين يشترط قيس سعيد استقالة هشام المشيشي تصر حركة النهضة على بقائه. وأكد ماير استعداد بلاده لـ”دعم المساعي التونسية لاسيما لدى المؤسسات الدولية المالية”.
وفي المقابل دعا المسؤول الأميركي إلى “ضرورة التعجيل باستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتفادي تفاقم الأزمة الاقتصادية في تونس والتي زادتها انعكاسات الجائحة الصحية حدّة وتعقيدا”.
وكانت صفحات داعمة لحركة النهضة ووسائل إعلام قد روجت أن إجراءات قيس سعيد ستكون لها عواقب وخيمة على الاقتصاد وثقة المانحين الدوليين.
وتلقفت تلك الصفحات بيانا لوكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني صدر عقب يوم من إعلان الرئيس سعيد إجراءاته وأقرّ بإمكانية أن يقلّل هذا القرار من استعداد الشركاء الغربيين لدعم تونس.
وأضافت أن “هذا القرار قد يضيف المزيد من التأخير في برنامج صندوق النقد الدولي، الذي من شأنه أن يخفف من ضغوط التمويل الكبيرة في البلاد”.
وتعكس التصريحات الأميركية فشل حركة النهضة في إقناع الإدارة الأميركية بفكرة أن ما جرى في تونس “انقلاب” على الشرعية والديمقراطية.
وحاول الإسلاميون ووسائل الإعلام التابعة لهم استثمار تصريحات صادرة عن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، دعا خلالها قيس سعيد إلى الالتزام بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، للإيهام بوجود موقف أميركي معارض لما يجري في البلاد.
وقال مراقبون إن هذه التصريحات تقطع مع كل التأويلات التي حاولت حركة النهضة الترويج لها خلال الأيام الماضية لأن ذلك يعني أن الولايات المتحدة تدعم حكومة انقلابية، وهو ما يتعارض مع القوانين الأميركية.
وأرسلت الولايات المتحدة مساء الاثنين أكثر من 300 أسطوانة تحتوي على مليون لتر من الأكسجين، في إطار مساهمتها في دعم جهود مواجهة تفشّي فايروس كورونا، وهو ما بعث برسائل دعم لقيس سعيد.
وفاجأ موقف الولايات المتحدة والإدارة الديمقراطية المعروفة بدعمها للإسلاميين متابعي الشأن السياسي التونسي الذين توقعوا أن تتخذ الولايات المتحدة موقفا صارما ضد إجراءات قيس سعيد، وخاصة أن لدى أغلب التونسيين انطباعا بأن واشنطن هي من يقف خلف وصول الإسلاميين إلى السلطة عقب الإطاحة بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 2011.
ويرى مراقبون أن الطريقة السلمية التي اعتمدها قيس سعيد في مواجهة حركة النهضة وحلفائها خففت عنه الضغوط الدولية وجرّدت الحركة من شعارات المظلومية التي كان يمكن أن تستخدمها لو اتخذ الرئيس والجيش إجراءات تتسم بالعنف كما حصل في مصر عام 2013.
ولم تعبّر أغلب الدول عن دعمها المباشر لإجراءات الرئيس سعيد، لكنها لم ترفضها أيضا، في حين استمرت بعض الدول في إرسال المساعدات الطبية لمواجهة جائحة كورونا إذ أرسلت إيطاليا الثلاثاء دفعة من المستلزمات الطبية.
واختار قيس سعيد اللجوء إلى القضاء حيث تم فتح عدد من الملفات، ومن بين ذلك قضية للتحقيق في تلقي أحزاب -من بينها حركة النهضة- تمويلا أجنبيا خلال حملة الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة التي جرت في 2019.
ويقول مراقبون إن الهدف من فتح تلك الملفات سحب الشرعية الانتخابية عن الأحزاب المتورطة التي من بينها أيضا حزب قلب تونس الذي احتل المرتبة الثانية في الانتخابات بعد حركة النهضة وشكل معها تحالفا غير معلن.