كريتر نت – متابعات
أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد خلال جولة له في تونس العاصمة مساء السبت أن تشكيل الحكومة سيتم في أقرب الآجال، متحدثا من جهة ثانية عن إمكان إدخال تعديلات على دستور البلاد.
وقال سعيّد في تصريحات للتلفزيون الرسمي التونسي بعد جولة له في شارع الحبيب بورقيبة وسط حراسة مشددة، إن الحكومة ستشكل “في أقرب الأوقات” بعد اختيار الأشخاص الذين “لا تشوبهم شائبة”، من دون أن يحدد موعدا لذلك.
وأضاف “سنواصل البحث عن الأشخاص الذين يشعرون بثقل الأمانة ويحملونها”.
وأوضح سعيّد أثناء جولته في الشارع الشهير بالعاصمة “احترمنا القانون، واحترمنا الأخلاق وكل القيم، وعاهدناهم على كلمة الحق، ولكن من اتفقنا معهم نكثوا الوعود”. وتابع “هناك من يتحدثون عن الشرعية ولا يحترمونها، ولا نخاف ممن خانوا أوطانهم وعهودهم، وسنعمل على تشكيل الحكومة في أقرب وقت”.
ويرفض الرئيس التونسي التسرع في تعيين رئيس حكومة تتعلق به شبهات فساد مثلما حدث ذلك مع رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ، الذي استقال من منصبه بعد أن حرّكت حركة النهضة الإسلامية وحليفاها حزب قلب تونس وائتلاف الكرامة ماكينة النيابة العمومية لتوجيه تهمة تضارب مصالح له، ليبرئه القضاء في ما بعد، كما يرفض سعيّد أن يختار شخصية تدير ظهرها له وترتمي في أحضان الأحزاب السياسية مثلما حصل ذلك مع رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي.
وتتداول أوساط سياسية وإعلامية هذه الأيام أخبارا مفادها أن الرئيس سعيّد من المنتظر أن يعين مكلفا بتسيير شؤون رئاسة الحكومة وهو الذي سيتولى تشكيل حكومة لن تتجاوز مدة عملها 8 أشهر، مشيرة إلى أن من الأسماء المرشحة لتولي المنصب وزير الدّاخلية الأسبق توفيق شرف الدين ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي.
وتطرق سعيّد إلى أنه يستعد لتعديل دستور البلاد، لكنه شدد في الوقت نفسه على أنه لن يفعل ذلك إلا باستخدام الوسائل الدستورية القائمة.
وأضاف متحدثا على الهواء عبر التلفزيون التونسي من شارع “الحبيب بورقيبة ” وسط العاصمة تونس، حيث التقى عددا من المواطنين واستمع إلى مشاغلهم، أنه يحترم دستور عام 2014 الديمقراطي، لكنه ليس أبديا ويمكن تعديله.
واعتبر أن “الشعب سئم الدستور والقواعد القانونية التي وضعوها على المقاس، ولا بد من إدخال تعديلات في إطار الدستور”.
وأردف “الدساتير ليست أبدية ويمكن إحداث تعديلات تستجيب للشعب التونسي، لأن السيادة للشعب ومن حقه التعبير عن إرادته”.
وفي تونس هناك نظام يتقاسم فيه الرئيس ورئيس الحكومة الصلاحيات و”الحكومة مسؤولة أمام مجلس نواب الشعب (البرلمان)”، وفق المادة 95 من دستور 2014 الجاري به العمل الآن.
وكان المستشار بالقصر الرئاسي وليد الحجام صرح بأن هناك توجها لتعليق الدستور الحالي ووضع تنظيم مؤقت للسلطات وتغيير النظام السياسي، والذهاب إلى استفتاء قبل إعلان انتخابات مبكرة.
ويرى خبراء القانون الدستوري أن الخطوة كانت منتظرة من قبل الرئيس سعيّد تفعيلا للإجراءات المتخذة نهاية يوليو الماضي، مؤكدا وجود ثغرات في دستور 2014 عطّلت سير الحياة السياسية وساهمت في استشراء الفساد بمؤسسات الدولة خدمة لمصالح المنظومة السابقة.
وأثارت الدعوة إلى تعليق الدستور معارضة الأحزاب السياسية والاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر المنظمات النقابية والوطنية في البلاد وذي النفوذ التقليدي في الحياة السياسية، حيث طالب الرئيس سعيّد بتوضيح المسار الذي ستسلكه البلاد، وحثه على أن ينحو منحى تشاركيا في مناقشة الإصلاحات السياسية.
وأظهرت صور نشرتها صفحة الرئاسة التونسية على فيسبوك سعيّد وهو يتجول في الشارع بينما كان هناك حشد يلقي عليه التحية ويردد النشيد الوطني، قبل أن يتوقف الرئيس للتحدث إلى القناة التلفزيونية.
كان سعيّد، أستاذ القانون الذي انتخب رئيسا نهاية 2019، قد أعلن تفعيل فصل دستوري يخوله اتخاذ تدابير في حال وجود “خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقرارها”، وأقال رئيس الحكومة وعلّق عمل البرلمان 30 يوما في مرحلة أولى.
ثم أعلن في الخامس والعشرين من أغسطس تمديد تعليق عمل البرلمان “حتى إشعار آخر”. ولم يعين الرئيس منذ الخامس والعشرين من يوليو رئيسا جديدا للحكومة، كما لم يكشف “خارطة طريق” تطالب بها أحزاب ومنظمات عدة من المجتمع المدني.
ويقول معارضو سعيّد إنه دفع البلاد إلى أتون أزمة دستورية وأثار مخاوف على مستقبل النظام الديمقراطي، فيما يؤكد هو أن تدخله يتوافق مع الدستور وضروري لوجود وضع طارئ، ناجم عن شلل سياسي وارتفاع معدلات الإصابة بفايروس كورونا والاحتجاجات.