كريتر نت – متابعات
على الرغم من أكثر من ست سنوات من الهجوم العسكري بقيادة السعودية ضد الحوثيين، لا يزال الوضع في اليمن معقدًا للغاية وصعبًا على المملكة. وسيطر الحوثيون على أجزاء كبيرة من الأراضي اليمنية في شمال غرب البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء. ولم يتحقق الهدف المزدوج للتحالف العسكري بقيادة السعودية المتمثل في طرد الحوثيين من صنعاء وإعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليًا.
هكذا بدأ الكاتب والمحلل السياسي “براسانتا كومار برادان” الباحث في معهد مانوهار باريكار للدراسات والتحليلات الدفاعية (IDSA)، نيودلهي، بدأ تقريره عن حرب اليمن على منصة المعهد الرسمية والمقرب من الحكومة الهندية.
وأضاف كومار: “ويستمر الجمود في اليمن حيث فرض التحالف الذي تقوده السعودية حصارًا جويًا وبحريًا وجادل بضرورة تقييد الوصول إلى الموانئ من أجل منع التدفق غير المشروع للأسلحة إلى الحوثيين”.
من ناحية أخرى، طالب الحوثيون بإزالة القيود المفروضة على الموانئ قبل الخوض في أي اتفاق لوقف إطلاق النار، وهذا عامل رئيسي يعرقل المفاوضات السياسية ووقف إطلاق النار بين الحوثيين والحكومة اليمنية مما أوصل الأمور إلى طريق مسدود.
ولم تسفر الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق النار وحل النزاع عن طريق التفاوض عن أي نتائج ملموسة، حيث انتهك الجانبان اتفاقيات وقف إطلاق النار في وقت سابق. وتظل القضايا العالقة الأخرى مثل تبادل الأسرى وإيصال المساعدات الإنسانية غير مستقرة في ظل عدم وجود توافق بين الطرفين.
بالنسبة للسعودية، يرتبط أمنها القومي ارتباطًا وثيقًا بالاستقرار والأمن في اليمن ؛ وكان سقوط العاصمة صنعاء خطاً أحمر بالنسبة للسعودية لاعتقادها أن الحوثيين مدعومون من خصمها اللدود إيران.
وهاجم الحوثيون السعودية بالصواريخ وطائرات بدون طيار استهدفت عددا من المنشآت الحيوية منها مطارات وقواعد عسكرية ومنشآت نفطية، فيما اعترضت الأخيرة ودمرت عددًا كبيرًا من الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقها الحوثيون صوبها.
ويرى الكاتب الهندي أن الوضع الحالي ترك للسعودية خيارات محدودة للمناورة في اليمن “إنها عالقة بين صمود الحوثيين على الاستمرار في قتالهم من ناحية، والتكلفة المتزايدة للحرب ومزاعم وقوع الأبرياء ضحايا لغاراتهم الجوية، من ناحية أخرى”.
إن الانسحاب من العملية العسكرية في اليمن أيضا خيار صعب للسعودية، كونه سيترك قوات الرئيس هادي عرضة لهجمات الحوثيين ، وفي حال انسحاب قوات التحالف بقيادة الرياض، يمكن للحوثيين السيطرة على المزيد من الأراضي في البلاد.
علاوة على ذلك، فإن الانسحاب السعودي من شأنه أن يترك إيران تلعب دورًا مهيمنًا في اليمن، مما سيكون له تداعيات خطيرة على المملكة من الناحية الأمنية والإستراتيجية.
ويتابع المحلل أن الانسحاب “لن يؤدي فقط إلى زيادة النفوذ الإيراني في اليمن ولكن أيضًا في المجالات البحرية المجاورة مثل البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن أيضًا”. إن الهيمنة الإيرانية في هذه الممرات المائية المهمة إستراتيجيًا ستجعل المملكة العربية السعودية غير مرتاحة للغاية.
من ناحية أخرى، فإن استمرار الاشتباك العسكري ضد الحوثيين سيعني إطالة أمد الصراع دون أي نهاية تلوح في الأفق حتى بعد أكثر من ست سنوات من القتال. كما أن ذلك سيعني تكاليف باهظة على الخزانة السعودية والجيش إلى جانب ذلك، ستستمر في مواجهة الانتقادات لمزاعم قتل المدنيين الأبرياء وانتهاك حقوق الإنسان وفرض الحصار على عدة أجزاء من البلاد.
علاوة على ذلك، فإن السياسة الأمريكية المتغيرة تجاه اليمن في عهد الرئيس بايدن تمثل تحديًا آخر للمملكة العربية السعودية، وفقا للتقرير.
ففي يناير 2021، صنفت إدارة ترامب الحوثيين منظمة إرهابية، غير أنه وبعد أن تولى بايدن منصبه، ألغت إدارته القرار في فبراير من العام ذاته، بينما أكدت للمملكة دعم أمريكا ضد هجمات الحوثيين.
وفي وقت سابق، من نفس الشهر، أعلن الرئيس بايدن انسحاب الولايات المتحدة من “العمليات الهجومية في حرب اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة ذات الصلة”. وأكدت إدارة بايدن الحل الدبلوماسي للأزمة اليمنية وعينت تيموثي ليندركينغ مبعوثًا خاصًا إلى اليمن.
ويرى الكاتب أن الدعم الأمريكي ضروري للسعودية لمواصلة العمليات العسكرية في اليمن، حيث إنه من المؤكد أن انخفاض الدعم العسكري الأمريكي في القتال ضد الحوثيين يزيد من مخاوف المملكة في حربها.
بالنسبة لإيران، فإن البقاء على اتصال مع الحوثيين في اليمن يعمل لصالحها الإستراتيجي ضد المملكة.
ونددت إيران بالضربات العسكرية وحثت التحالف على إنهاء الحصار المفروض على اليمن.
ومن خلال دعم الحوثيين، برزت إيران كلاعب رئيسي ومن المرجح أن يكون لها دور مؤثر في مستقبل اليمن. حيث إن مثل هذا الدعم الإيراني الثابت للحوثيين يقيد الخيارات السعودية في اليمن.
ويضيف الكاتب أنه وعلى الرغم من أن المسؤولين الإيرانيين والسعوديين أجروا محادثات في بغداد لمناقشة اليمن وقضايا أخرى في أبريل/نيسان من هذا العام، إلا أنه لم يظهر أي حل عملي، حيث لا يزال يتعين على الرياض التفاوض مع طهران لإيجاد حل مستدام للأزمة اليمنية.
ومع ذلك، وبالنظر إلى تاريخ العلاقات المتوترة بين البلدين، فإن إمكانية مثل هذا التفاهم تبدو بعيدة الاحتمال إلى حد كبير.
فضلا عن ذلك، شكلت الأزمة اليمنية تحديًا لمكانة السعودية وسمعتها كقائدة للعالم العربي والإسلامي.
وانخرطت المملكة في الأزمة منذ البداية، من التفاوض مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى التنحي إلى صياغة “مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي”، ومن توجيه عملية انتقال السلطة إلى العمل الاستباقي مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى استعادة الاستقرار في البلاد.
إن الانسحاب من البلاد دون أي مكاسب كبيرة، مثل استعادة الاستقرار في اليمن أو ضمان أمنها القومي، سيكون بمثابة إحراج للمملكة العربية السعودية على أيدي الحوثيين المدعومين من إيران. وقد تستلزم العوامل العسكرية والإستراتيجية تدخلاً عسكرياً سعودياً مطولاً في اليمن طالما لم يكن الوضع في صالحها. لكن هناك بالتأكيد تكلفة مالية وبشرية ضخمة للحرب الطويلة وغير المؤكدة في اليمن.
واستطرد التقرير أن السعودية وافقت الآن على إجراء محادثات مع الحوثيين لوقف إطلاق النار وحل سياسي للأزمة. وقد يكون هذا نتيجة الإدراك المتزايد من جانب المملكة أن اليمن بحاجة إلى حل سياسي للأزمة الحالية.
وسيكون أفضل سيناريو ممكن للرياض هو خروج مشرف من اليمن مع عدم المساومة على مصالحها الأمنية الوطنية. قول هذا أسهل من فعله، لكن من الواضح أن خيارات الرياض في اليمن في الوقت الحالي محدودة ومتقلصة.