كريتر – متابعات
ستكون “منظمة شنغهاي للتعاون”، التي تعقد قمتها في عاصمة طاجيكستان، أمام اختبار لقدرتها على التأثير في القضايا الخاصة بآسيا الوسطى من خلال إقرارها انضمام إيران إلى عضويتها، وكذلك كيفية تعاملها مع استلام حركة طالبان الحكم في أفغانستان، ومدى استطاعتها منافسة الولايات المتحدة في المنطقة.
ووافق أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون، بقيادة موسكو وبكين، الجمعة على عضوية إيران المستقبلية في هذا التحالف الذي يسعى لأن يكون نظيرا للنفوذ الأميركي حتى لو بقي عمله الملموس محدودا.
ومن الواضح أن إيران قد سارعت في تحريك وضعها من صفة مراقب إلى عضوية كاملة بالرهان على علاقتها المتينة بروسيا لتستبق حضورا عربيا في المنظمة خصوصا لدولة الإمارات والسعودية اللتين ستكتفيان حاليا بصفة الشريك في الحوار.
ويقول مراقبون إن التحدي الأكبر بالنسبة إلى القمة هو كيفية التعاطي مع صعود طالبان التي بدت أقرب إلى الصين ومراهنة على دورها المستقبلي في أفغانستان أكثر من الرهان على روسيا أو إيران وبقية دول الجوار الأفغاني، خاصة أن الحركة لا تبدي أي مؤشرات جدية على التغيير بما من شأنه طمأنة الراغبين في الاعتراف بها.
إيران سارعت في تحريك وضعها من صفة مراقب إلى عضوية كاملة لتستبق حضور الإمارات والسعودية
ودعت المجموعة، التي تأسست قبل 20 عاما لتكون منتدى للحوار بين روسيا والصين ودول الاتحاد السوفييتي السابق في وسط آسيا، إلى الحوار مع طالبان وتمويل مساعدات إلى أفغانستان، وحثت الحركة في الوقت نفسه على تسليم السلطة إلى حكومة أكثر شمولا.
وقال مراقبون إن التلويح بالانفتاح على طالبان، وربما الاعتراف بها، هو ورقة ضغط على الأميركيين الذين انسحبوا من أفغانستان دون أن يضعوا خطة واضحة للتعاطي لاحقا مع حكم طالبان، وخاصة مع استثمار الخصوم لهذا الانسحاب.
وقال زعماء المنظمة إن مسؤولية الغرب بوجه عام والولايات المتحدة على وجه الخصوص هي المساعدة على منع كارثة إنسانية في أفغانستان حيث كانت مساعدات الغرب تدعم الحكومة التي أطاحت بها طالبان في الشهر الماضي.
وإذا كانت الصين هي المحرك الأكبر للحلف/المنظمة باعتبارها الهدف المعلن للسياسة الأميركية في المرحلة القادمة، فإن روسيا تحرص من وراء هذا التجمع على تأكيد دورها كقوة مؤثرة في آسيا الوسطى.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن منظمة شنغهاي للتعاون يجب أن تفرض نفسها كشريك لطالبان بهدف جعلها تحترم وعدها بمكافحة “الإرهاب”.
وأشار بوتين عبر الفيديو أثناء قمة دوشانبي إلى أنه “من المهمّ تعبئة قدرات المنظمة لتسهيل بدء حوار أفغاني جامع وأيضا بهدف وقف تهديدات الإرهاب وتجارة المخدرات والتطرف الديني التي يمثلها هذا البلد”.
وأضاف أن عناصر “طالبان يسيطرون عمليا على كافة أراضي أفغانستان وينبغي تحفيز السلطات الأفغانية الجديدة كي تفي بوعودها”، بعد أن تعهّدت “بإرساء السلام وتطبيع الحياة العامة وضمان سلامة الجميع”.
ودعا الرئيس الصيني شي جينبينغ، خلال مشاركته في القمة عبر الفيديو، إلى “تشجيع أفغانستان على وضع إطار سياسي واسع وشامل” و”محاربة جميع أشكال الإرهاب بحزم” والعيش بسلام مع جيرانها.
من جهته، دعا الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن خلال القمة إلى إنشاء “حزام أمان موثوق حول أفغانستان” لمنع تمدد محتمل لـ”جماعات إرهابية”.
أما رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان فقد تحدث عن “فرصة نادرة لإنهاء 40 عاما من الحرب في أفغانستان”، داعيا طالبان إلى ضمان وجود كل الجماعات الإثنية داخل حكومتها.
وقال خان، الذي تربطه بطالبان علاقات أوثق من بقية البلدان المجاورة، إن الأولوية هي “الحيلولة دون حدوث أزمة إنسانية وانهيار اقتصادي. علينا أن نتذكر أن الحكومة السابقة كانت تعتمد بشدة على المساعدات الأجنبية، ووقف هذه المساعدات قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي”.
وتضم منظمة شنغهاي للتعاون كلا من روسيا والهند وكازاخستان والصين وقرغيزستان وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان وإيران، وتشغل كل من أفغانستان وبيلاروسيا ومنغوليا صفة مراقب.