كريتر نت – العرب
لم تبد أوساط سياسية أردنية تفاؤلها حيال مآل التوصيات التي أعدتها اللجنة الملكية بشأن الإصلاح السياسي، مشيرة إلى أن المزاج الذي صاحب تشكيلها قد تغير، وأن الشارع الأردني لم تعد تشغله اللجنة ولا الجدل الذي رافق عملية تشكيلها، فالأمور قد هدأت تماما على الجبهة السياسية والاجتماعية، ما يثير الشكوك بشأن مصير تلك التوصيات وهل سيتم تنفيذها أم ستهمل؟
وترى هذه الأوساط أن الغاية من تشكيل اللجنة كانت تهدئة غضب شعبي وسياسي ثار على هامش قضية الفتنة وخاصة تململ العشائر التي بدأت تتحدث عن تهميش وإهمال، لكن الأوضاع تغيرت الآن؛ فقد مرت المحاكمة الخاصة بقضية الفتنة بسلام، وتم تطويق مخلفات أزمة النائب المستقيل أسامة العجارمة. كما نجح العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في تهدئة خواطر رجال العشائر، وبات الحديث عن القضيتين أمرا روتينيا، ولم يعد يثير مخاوف من تجدد الأزمة بين الفينة والأخرى.
جميل النمري: المواطن سيصوت لحزب سياسي وليس لأشخاص
ولم يكتف الملك عبدالله الثاني بامتصاص الغضب الداخلي بشأن التوترات التي رافقت قضية الفتنة والأمير حمزة بن الحسين، بل قطع الطريق على أي استثمار خارجي في القضية خاصة مع الولايات المتحدة التي زارها في يوليو الماضي، وسعى لكسب ثقة إدارة الرئيس جو بايدن وإعادة تحريك دور الأردن في عملية السلام، وبدد بذلك أي فرضية للحديث عن ضغوط أميركية بشأن الأوضاع الداخلية في الأردن من بوابة قضية الفتنة أو غيرها.
كما استفاد الأردن من تغير المناخ السياسي في الخليج وتركيز الأنظار هناك على المصالحة الشاملة ومتطلباتها، وانشغال السعودية بتقوية الجبهة الخليجية وبحسابات أمنها القومي، وهي التي استمر التلميح إلى أن لها يدا في قضية الفتنة، وراج حديث عن أنها ربما تتدخل لفائدة المتهم الرئيسي في القضية باسم عوض الله الذي حكم عليه في مختلف مراحل التقاضي بالسجن 15 سنة.
ومن المقرر أن ترفع اللجنة تقريرها النهائي إلى الملك عبدالله الثاني قبل انعقاد دورة البرلمان العادية في أكتوبر المقبل.
وتساءل متابعون للشأن الأردني عن جدوى عمل اللجنة التي كان الهدف منها بالأساس امتصاص غضب الشارع، بوجود السيطرة الملكية على أدق تفاصيل العمل السياسي والحكومي؟ وهل أن مشاكل الأردنيين تكمن في إجراء تعديلات على الشأن السياسي دون غيره؟
واستكملت “اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية” عملها الأحد بإقرار مسودة قانون الانتخاب ومقترحات لتعديلات دستورية متصلة بقانونيْ الانتخاب والأحزاب وآليات العمل النيابي، بعد الانتقادات الشديدة الموجهة للقانون الحالي الذي يهمش الأحزاب، حسب قول سياسيين.
وتشكلت اللجنة في العاشر من يونيو الماضي، وتتألف من 92 عضوا، وتضم 6 لجان فرعية، هي: الشباب، المرأة، الإدارة المحلية، قانون الانتخاب، الأحزاب، والتعديلات الدستورية.
عامر بني عامر: ستكون هناك امرأة وشاب أو شابة في المرشحين بالقائمة الوطنية
وقال عامر بني عامر، مقرر لجنة الانتخاب الفرعية في اللجنة الملكية، إن “اللجنة أنهت عملها وأقرت المسودة الأولى لمشروع قانون الانتخاب، متضمنة تحديد عدد مقاعد مجلس النواب بـ138 مقعدا، وزيادة مقاعد السيدات لتكون سيدة لكل دائرة انتخابية (18 دائرة انتخابية بـ18 سيدة)، وبقاء الحد الأدنى للمسيحيين والشركس، حيث حدد للمسيحيين 7 في الدوائر المحلية و2 في الدائرة الوطنية، والشركس 2 في الدوائر المحلية و1 في القائمة الوطنية”.
وأضاف بني عامر في مقابلة عبر التلفزيون الأردني الرسمي “ستكون هناك دائرة عامة حزبية نسبية مغلقة، بنسبة 30 في المئة من المقاعد وبعدد 41 مقعدا على المستوى الوطني، والدوائر على المستوى المحلي 97 مقعدا”.
وأوضح أنه سيكون من حقّ أبناء البادية الترشح خارج دوائر البادية، ولأي ناخب الترشح في دوائر البادية. كما ستكون هناك امرأة في أول 3 مرشحين بالقائمة الوطنية، وسيكون هناك من أول 5 مرشحين في القائمة الوطنية شاب أو شابة لتشجيع مشاركتهم، كما جرى تخفيض عمر الشباب الذين يحق لهم الترشح إلى 25 عاما.
وأشار إلى أنه جرى إقرار 74 تعديلا وإضافة على قانون الانتخاب، حيث تم الحفاظ على نسبة تمثيل المحافظات وإعادة ترسيم الدوائر الانتخابية لتكون أكثر عدالة.
وقال جميل النمري عضو اللجنة الملكية إن “المواطن في الانتخابات المقبلة سيصوت لحزب سياسي وليس لأشخاص، حيث سيكون على ورقة الاقتراع اسم الحزب ورمزه، وهذا يحدث للمرة الأولى في الأردن”.
وتظهر المسودة أن هناك 41 مقعدا وفقا لنظام القائمة النسبية المغلقة على مستوى الدائرة العامة، تُشكل من الأحزاب أو الائتلافات الحزبية على مستوى الوطن.
وأكد عضو اللجنة وائل السقا أن “اللجنة بمجموعها سلكت أسلوب التدرج، سواء في الحكم المحلي أو في قانون الانتخاب”، مشيرا إلى أن أبرز التعديلات المقترحة أن الهيئة المستقلة للانتخاب أصبحت مرجعية الأحزاب بدلا من وزارة الشؤون السياسية، وأنه إذا سحبت الثقة من الحكومة فلا يجوز إعادة تكليف رئيسها مرة أخرى.
وأوضح السقا في تصريحات لتلفزيون المملكة أن العتبة هي الأهم في الحياة الحزبية، وهي في مخرجات قانون الانتخاب 2.5 في المئة للقائمة الوطنية و7 في المئة للقائمة المحلية. وأضاف أن الشخص الحزبي في الأردن ليس شرطا أن يكون منتميا إلى حزب، بمعنى أن العقلية الحزبية موجودة لدى الكثير من الناس وليسوا أعضاء في الأحزاب.
وفي حديثه عن مستقبل “الكوتا” في مجلس النواب قال السقا إن آخر دورة للكوتا ستكون بالدورة القادمة الـ20، مضيفا أن التوجه هو أن تصبح الكوتا تابعة للأحزاب، فيما قال النمري إن القانون حسم قضية نقل الكوتا إلى القوائم الحزبية ولا يلغيها.
وفي كتاب تكليفه لرئيس اللجنة، رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، أوضح العاهل الأردني محاور التحديث المطلوبة، على أن تصدر اللجنة نتائجها من توصيات ومشاريع قوانين قبل انعقاد الدورة العادية لمجلس الأمة (البرلمان بشقيه).
وبحسب رسالة الملك إلى الرفاعي إبان تشكيل اللجنة، فإن مهمتها هي وضع مشروعي قانون جديدين للانتخاب والأحزاب، والنظر في التعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، وتقديم توصيات متعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار.
هذا بالإضافة إلى إجراء إصلاح دستوري حقيقي يؤكد الفصل بين السلطات ضمن نظام نيابي ملكي، وتلازم السلطة والمسؤولية، والتداول السلمي للسلطة في سياق تعددية سياسية متحررة من الهيمنة الأجنبية ومن وصاية السلطة السياسية أو الأمنية، مع وجود سلطة تشريعية ينتخبها الشعب بحرية وسلطة قضائية مستقلة. كما طالبت بإصلاحات تشريعية لعدد من القوانين الأساسية، وإطلاق الحريات العامة والشخصية، والإصلاح الاقتصادي، وفق البيان.