كريتر نت – متابعات
كشف تحقيق صحفي عن معلومات صادمة حول قيام عدد من المستشفيات الخاصة في مدينة تعز بإجراء عمليات بتر لأعضاء سليمة للعشرات من الجرحى ، بغرض التربح المالي من هذه العمليات.
التحقيق الذي استمر لعامين ونصف نشرته رابطة “أريج” للصحافة الاستقصائية، كشف عن فساد وعبث من قبل المستشفيات الخاصة التي تعاقد معها مركز سلمان للإغاثة لعلاج الجرحى ، وصلت حد اجراء عمليات بتر لأعضاء سليمة بهدف الحصول على المبلغ المخصص من المركز لهذه العمليات.
وأوضح التحقيق بأن مركز سلمان تعاقد مع مستشفيات البريهي، الصفوة، والروضة، ووفق لهذه العقود فأن المركز يدفع عن هذه العمليات 1200 دولار كحد أدنى و4000 دولار كحد أقصى، عن كل حالة تُعالَج ، ما دفع بهذه المستشفيات الى التركيز على عمليات البتر للجرحى بهدف الحصول على الحد الأعلى وهو 4000 دولار ، لافتاً الى أن البيانات تشير الى زيادة حالات البتر من حالة واحدة عام 2015، قبل توقيع العقود المذكورة لتتخطى 230 حالة عام 2016 وتزيد عن 200 حالة عام 2017.
وأوردت التحقيق شهادات لعدد من الجرحى الذي تعرضوا لعمليات بتر لأطرافهم رغم عدم الحاجة لها من قبل هذه المستشفيات ، ومن بينهم الشابة دليلة محمد التي تعرضت لانفجار لغم أدى لبتر رجلها اليمين ، في حين تمت عملية بتر لرجلها اليسرى في رغم تأكيد الدكتور أبو ذر الجندي، عميد كلية الطب في جامعة تعز عدم الحاجة لذلك.
وتكرر الأمر مع الطفلة آلاء عبد الفتاح (ثلاث سنوات) ، التي أصابتها قذيفة وهي في منزلها في حي الثورة في تعز، وبترت رجلها اليسرى من دون داعٍ ، وأشار والدها بان مستشفى الصفوة “عارض وبشدة نقلها إلى مستشفى آخر في المدينة، وأن الممانعة لم تكن من أجل محاولة إنقاذها ، وإنما لإجراء عملية البتر”.
وأشار التقرير الى ان المريض بجروح جراء لغم أو مقذوف حين يصل الى أحد المستشفيات المتعاقدة مع مركز سلمان يستقبله طبيب عام ويُحوَّله على البتر من دون الرجوع إلى اختصاصي عظام وتجميل وأوعية دموية، بحسب شهادات لجرحى وثقها التحقيق.
في حين يقول الدكتور أبو ذر الجندي، عميد كلية الطب في جامعة تعز، بأن قرار البتر ينبغي أن يكون قراراً جماعياً يشترك فيه فريق مكوّن من استشاري في الأوعية الدموية، واستشاري في العظام واستشاري في الأعصاب.
التحقيق كشف عن اسم الدكتور المسئول عن نحو 44 من عمليات البتر وهو المدعو فيكتور كراسنيكوف Viktor Krasnikov طبيب أوكراني الجنسية، حيث اكد مدير عام مكتب الصحة في تعز الدكتور عبد الرحيم السامعي، بأن “شهادة الاختصاص غير متوفرة”..
في حين لا يملك الرجل ترخيص مزاولة مهنة الطب من نقابة الأطباء في تعز، والمجلس الطبي في صنعاء، بحسب تأكيد مكتب الصحة والسكان في تعز ، وأكد التحقيق نفي وزارة الصحة الأوكرانية صحة شهادة كراشنيكوف.
جراح العظام مختار المليك الذي عمل في مستشفيات متعاقدة مع مركز الملك سلمان، كشف في التحقيق عن استغناء هذه المستشفيات عن طلب استشارته، بعد أن رفض عمليات بتر قرر المستشفى إجراءها ، ويقول عن إحدى الحالات: “وصلتُ إلى غرفة العمليات وشاهدت الجريح، طلبتُ أن نعطي فرصة للمريض بعدم بتر رجله، إلا أن إدارة المستشفى رفضت بحجة أن العظام متضررة”.
وأورد التقرير قصة الشاب سهيل النجاشي (18 عاماً) الذي أصيب بطلقات نارية اخترقت مناطق متفرقة من جسده، لتسارع مستشفيات تعز المتعاقدة مع مركز الملك سلمان، الى إقناعه بضرورة بتر ساقه ، وهو ما رفضه ليذهب للعلاج في مصر ويعود الى تعز سليماً يمشي على قدميه.
في حين افاد صلاح ثابت إسماعيل (28 عاماً) بأن مستشفيات الصفوة والبريهي المتعاقدان مع مركز الملك سلمان قررا بتر رِجله دون أي محاولة علاجية أخرى”، وأضاف: “تعالجتُ على نفقتي لكي أستطيع المشي على قدمي” ، حيث انتقل صلاح إلى مستشفى تعز، وهو مستشفى غير متعاقد مع مركز الملك سلمان، وهناك أجريت له تحاليل وفحوصات أكدت عدم حاجته للبتر.
الدكتورة إيلان عبد الحق وكيلة محافظة تعز للشئون الصحية أكدت في إفادتها للتحقيق بأنه لم تكن هناك حاجة لإجراء معظم عمليات البتر التي جرت في المستشفيات المتعاقدة مع مركز الملك سلمان، وأشارت إلى أن عمليات البتر في مستشفيات تعز هي بغالبها لحالات لا تستدعي البتر.
وفي رده على استفسارات التحقيق الصحفي ، قال مركز الملك سلمان بأن دوره ” يقتصر على تمويل العلاج ضمن خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن؛ وأنه ليس مخولا بالتدخل في الآراء الطبية، وليس جهة رقابية على تلك المستشفيات، وليس له علاقة باختيار الكوادر الطبية التابعة لها، وإنما تعود متابعة ذلك لوزارة الصحة العامة والسكان اليمنية”.