كتب : امين الوائلي
جميع من قاتل ويقاتل الحوثيين هم اليوم في دائرة الاستهداف السياسي والإعلامي والعسكري، وفي معركة الشرعية وخطوط التماس، من يبذل دمه يباع كقضية في كواليس وغرف تفاوض مغلقة. شرعية المعركة الوطنية الكبيرة تصادَر لحساب شرعية رمزية تدير الصفقات وتوطّن الخراب.
حارب الجنوبيون، بضراوة، لتحرير مدن ومحافظات مترامية، بينما يحافظ جيش الشرعية الوطني على مواقعه في جبهات الشمال والشرق والوسط، وعندما استكملت مهمة ومعركة تحرير عدن وأخواتها لوّحت الشرعية بمظلتها، وبدأت معاركها ضد قوى وقوات التحرير الجنوبية من عدن وحتى حضرموت مروراً بشبوة، ونشط إخوان الشرعية على جبهات شيطنة وتخوين ضد أصحاب الأرض الذين ينظمون حياتهم وأمن مدنهم ومحافظاتهم بقوات محلية.
تكاثر وتضخم جيش الشرعية في عهدة الإصلاح، من مأرب والجوف وحجة وحتى تعز، مروراً بالضالع أو بإب التي تعسكر في الضالع كما تعسكر في مأرب أيضاً والبيضاء، وريمة وذمار اللتين تعسكران في مأرب، وصنعاء ونهم وهي تعسكر أيضاً في مأرب. طوال أربعة أعوام لم يحرر هذا الجيش محافظة واحدة أو يؤمّن حتى مأرب من صرواح.
والاتهامات والتحريض كان -دائماً- من نصيب الجنوبيين، بكياناتهم السياسية ونخبهم الحضرمية والشبوانية والأحزمة الأمنية، القوات التي حرّرت وأمّنت مدنها ومحافظاتها، ومنحت الشرعية فرصة لتستند إلى أرض وجغرافيا، لكنها بقيت تفضل المنفى متعالية على وطنية وتوطين شرعية الممارسة والحضور، واكتفت باستثمار مظلة الشرعية كعنوان انتهازي وابتزازي.
وفي تعز كان أبو العباس ومن ثم الحمادي، الهدف الأول لنقمة وتحريض واستهداف الشرعية بإصلاحييها، الكثرة الغالبة والمؤثرة في صناعة القرار العسكري والسياسي، انطلاقاً من مركز الدولة البديل في مأرب، أو من مركز دولة مأرب البديلة للدولة.
القوى الفاعلة في محاربة ومواجهة الحوثيين من اليوم الأول، تُفْرَز كعدو أول حتى قبل الحوثيين بكثير بالنسبة إلى الإصلاح أو قميص الشرعية الذي يرتديه الإصلاح.
أما في صعدة، ولأنها جبهة حرب حقيقية، فقد تركت لتشارك الفاعلين المجدين، لأن الإصلاحيين سيفضلون التخييم المزمن في نهم أو في قانية بالبيضاء على واجبات الزحف والقتال اليومية في جبهات مران وحيدان وكتاف وحتى حرض وميدي.
الآلة الإعلامية والدعائية الضخمة للإصلاحيين تجرف في طريقها القلاع والقوى والقيادات والجبهات الوطنية، وتعيد تلوين الجبهات والجهات، بحسب ما تمليه نزوعات وحسابات الجماعة/الدولة. مسلسل راكم حلقات شيطنة الجميع بالتساوي وعلى دفعات، جميع من يقاتلون فعلياً ضد الحوثيين ولكن ليس تحت تصرف وطاعة الإصلاح. تحت هذه الطائلة تعثرت أو تبعثرت مجهودات معارك ومقاتلي التحرير في تعز والبيضاء بصفة خاصة.
لمن الشرعية في المعركة مع الانقلابيين؟ للمقاتلين أم للسياسيين؟ للجمهوريين تحت الشمس وأمام الموت أم للإصلاحيين تحت المكيفات وأمام أجهزة اللابتوب والدوت نت؟ جيش ومنطقة عسكرية بعشرات الألوية أنجزت بضع مديريات في حجة مقابل أربعة أضعافها بقيت مع الحوثيين.
لكن حجة ليست هي شبوة التي تدافعت ألويتها عبر صحراء عسيلان وبيحان مقتحمة البيضاء وتقاتل إلى اليوم، ولا تملك آلة إعلامية من أي نوع لتلميع أو حتى إنصاف قادتها وجنودها.
في مران كان الوصابي الناحل والجسور الجمهوري عبدالكريم السدعي يقود رجال ألوية العروبة (المحرومين من مرتباتهم خلال عامين) إلى اكتساح الحوثيين تباعاً، وعوقب رجال العروبة بمنعهم مرتباتهم على مدار أكثر من 24 شهراً.
لأن الشرعية، كانت كما لا تزال، منشغلة بتسوية أوضاع عشرات الآلاف من الجنود الوهميين، في معسكرات مفترضة، على محوري الجوف ومأرب، أو المحسوبين على معسكرات ريمة وذمار وإب، وألوية الإصلاح في البيضاء، التي لا تحارب الحوثيين.
بينما يتوغل محور بيحان من شبوة في عمق البيضاء للقتال، إلى مقربة يستقبل الإصلاحيون في معسكراتهم قوافل التغذية والتموين ليكملوا مشاهدة قوات القائد بحيبح تخوض غمار الحرب مع الحوثيين ويقدم أولاده الأربعة تباعاً قرباناً لمعركة جمهورية تتحول لدى الشرعية إلى معركة استنزاف للجمهوريين.
وفي هذه الأثناء، تنشب معركة إصلاحية ضارية ضد لواء الحمادي في الحجرية وتتأسس معسكرات إصلاحية جديدة في جبل حبشي، لا لتحارب الحوثيين وإنما لتزاحم وتنازل الحماديين أو جنود الحمادي وتزحف جنوباً جهة التربة ومنفذ تعز الجنوبي إلى عدن.
ويقال في الإعلام إن الحمادي المتمرد على شرعية الأركان الإصلاحية يرفض أوامر القيادة الشرعية بالتخلي عن المطالبة بمرتبات الجنود، وتلصق به اتهامات الموالاة العابرة للحدود شرقاً، بينما يحل الإصلاحيون ضيوفاً في قصر رئاسة أبو ظبي والإمارات.
يُستدعى لواء المرادي من البقع إلى جبهة قانية، ليعوض عن فراغ ألوية الإصلاح الممنوعة من التعرض لضربات الشمس وتجفف البشرة، حتى إنها لم تعترض ولو بالصوت على التفاف حوثي واسع باغت قوات محور بيحان المتقدمة، من الخلف ومن طريق يمر بمحاذاة سور لواء إصلاحي ذهاباً وعودة.
ويخلي الحوثيون كثيراً من قواتهم في نهم إلى الحقب ودمت في الضالع لمعاقبة الأهالي وتهجير سكان قرى بأكملها، لكن المخيمين في نهم لا يرون ذلك أو أنه لم يخبرهم أحد وإلا لكانوا فعلوا شيئاً. وعندما فعلوا في تلك الأثناء، في مواجهة انتقادات في الإعلام، أثاروا زوبعة في الإعلام بتحرك جبهة نهم عقب تعيين المقدشي وزيراً، وتطوع مغردون لتصدير عناوين نارية، وفي الصباح كانت الأجواء باردة لا أكثر.
بالأمس القريب، بينما الحوثيون يشعلون الحديدة بالنيران من كل اتجاه، تسكت جبهات الحرب جميعها تاركة للحوثيين فرصة التركيز، وحتى لا تشغلهم عما هم فيه.
وفي حين اتفاق السويد يُفترض أنه أسس لوقف النار في الحديدة، اشتعلت النار في الحديدة، والتزمت الجبهات الأخرى كافة، بهدنة لم يقررها أحد، وكان عليها أن تحارب بضراوة للتعويض عن هدنة مفترضة في الساحل. خرج الإصلاحيون، على مدى يومين، بأخبار عن اشتعال جبهة نهم. وبعد يوم وليلة، كانت التهاني تملأ الشبكات، مرفقة بصورة طائرة صغيرة مسيرة أُسقطت في نهم. وهذا كل شيء. وعندما أنجزت قوات غير إصلاحية والحزام الضالعي مكاسب كبيرة في يومين من مريس وحتى بوابة دمت الجنوبية، جاء الإصلاحيون وقيادة نائب الرئيس الأحمر بقائد محور إب المخيم في مأرب من عامين لم يخض معركة، وسلموه قيادة معركة جبهة دمت.
وبداية من هنا والآن سوف تتحول القوات الزاحفة والمهاجمة إلى مدافعين يتلقون الضربات، وتعثرت الجبهة وارتدت المعركة عن بوابة دمت. وعلى مدار شهرين إلى اليوم والقتال يتنقل جبلياً من تبة لمنحدر فضاعت المعركة بين دمت والرضمة ودون الحقب.
ويهولون من شأن جولة صغيرة حول منحدر صغير في طريق جانبي يشرف على طريق الرضمة، ليتحول هذا إلى انتصار مدوٍ في إعلام لا يرى ما يفعله عمالقة وحراس وتهامية الساحل الغربي وإلى قلب الحديدة. .. وصولاً إلى الحديدة، تعمقت قوات العمالقة والمقاومة الوطنية والتهامية من باب المندب وذوباب وحتى كيلو 16 والمطار والجامعة وقرب الكورنيش وعلى مشارف الميناء.
الإصلاحيون كانوا في شغل من أمرهم، حول ما إذا كان طارق صالح والعمالقة يحاربون لخدمة الشرعية ودولة مأرب ورئاسة المنفى الاختياري المريح؟ قبل أن تقرر الشرعية مقايضة الحديدة، كجبهة ومعركة تحرير وطنية، بصفقة مع الحوثيين ولحساب الراعي البريطاني صاحب السوابق والأسبقية مع الرئاسة الانتقالية بداية من قرار الفصل السابع وحتى قرار الفصل السابع الآن الذي يُحاك للحديدة.
المحاربون، بدمهم في الجبهات، يتعرضون لحروب كثيرة أسوأها من الشرعية التي تمارس دور مسمار جحا في الرؤوس الجمهورية المقاتِلة. وتكتفي بنغمة المرجعيات الثلاث لتبرير تجاوز كل مرجعية تعطي مشروعية لمعركة الجمهورية المستنزفة على جبهات تتعرض للخيانة والخذلان..لمن الشرعية اليوم.
المصدر : المرصد