كتب – جهاد عوض
كم هي الماسي والأحزان كثيرة, والتي جرتها الحرب المستمرة والمشتعلة في مناطق اليمن المختلفة على المواطن, وكم هي الأثار والأحداث التي خطت بها هذه الحرب ورسمتها على مشاعر واجساد الكثير من البشر .
فالمواطن العادي هو من يقاسي ويعاني ويلاتها, الذي تتقطع السبل أمامه ويكون فريسه سهله لقسوتها وماسيها عليه, فما بالك بفتاة معاقة أبتلاها الله بإعاقة حركية والتواء بالعمود الفقري وبأمراض كثيرة لا تفارقها, فتاة عجزت وانهارت قواها أمام الضروف الصحية والمعيشية القاسية المحيطة بها, ولم يبقى لها الا أيمان قلبها بالله سبحانه وتعالى أنه لن يتخلى عنها, فتاة جل حياتها المداومة على زيارات المستشفيات وتعاطي العلاجات, لدرجة أنها ملت وأصبح البقاء او ترك هذه الدنيا لا يهمها كثيرا .
وبعد عناء وتعب السنين وهي تبحث عن العلاج, نصحها دكتور لا تتعبي نفسك هنا باليمن, اذا تبقى شيئا بيدك أحزمي امتعتك وسافري لعل وعسى تجدي ضالتك هناك, والحقيقة لم يتبقى لها شيئا لها ولذويها, لقد باعت كل ما تملك بحثا عن شفاء كان بعيد المنال خلال الأعوام الماضية, ولأصالة أهل اليمن البسطاء ونبلهم وكرمهم, لم يبخلوا ويتخلوا عنها ولم يتركوها فريسة سهلة لمرضها وأحزانها, الحقيقة التي أسعدت قلبها وفجرت ينابيع الأمل فيها, بعد إهمال وتجاهل متعمد لها حيث لم ينظر لها المسولين قيادات وجهات صحية في صنعاء, لانهم بنظرهم لا تستحق أي دعم ومساعدة باعتبارها معاقة ومن أسرة فقيرة, وهذا كان الأقسى وما زاد ألمها ومعاناتها النفسية .
وبفضل الله ثم بتعاون أهل الخير معها, فرض وطلب منها لتحقيق حلمها وسفرها أن تنزل الى عدن لقطع الجواز واستكمال اجرات السفر, وهي لم تزور عدن من قبل ولم تعرف أحد فيها, إلا شخص واحد معاق بشلل رباعي وعبر وسائل التواصل الاجتماعي فقط, جمعت بينهما هم الإعاقة المشتركة ومعاناتها .
قالت له : سأنزل لعدن قال : اهلا وسهلا وأتمنى مساعدتك, انما تعرفي أني معاق لا أخرج من منزلي الا نادرا, قالت : أعرف, أنما ليس لي بعد الله إلا أنت بعدن, والايجارات مرتفعة وضرفي ما يسمح أسكن بالفنادق, قال لها تفضلي على الرحب والسعه بداري, وارسل من يستقبلها ومرافقيها وثاني يوم اتصل بقريب له ليأخذهم للهجرة والجوازات للمعاملة وبعد أسبوع تم سفرها للخارج .
وهنا السؤال أين المسولين والقيادات بوزارة الصحة وصندوق المعاقين ومن يهمهم الأمر, الذين تخلو عن أداء الواجب وغاب الضمير الإنساني في تعاملهم مع تلك المعاقة وغيرها, أليس بمقدورهما أن يقدما لها ما تسمح به إمكانياتهم وصلاحيتهم, وأن يكونا مثل زميلها المعاق الجنوبي الأصيل الذي هو بأمس الحاجة لمن يساعده, إلا أنه ابى أن يتفرج ويتخلى عنها في ضيقها وشدتها, ألا يحسون بالذنب والتقصير تجاه مثل هكذا حالة إنسانية ومرضية, اللعنة والعار لمن كان السبب والمستفيد في هذه الحرب واستمرارها0