هدى الطرابلسي
كلف الرئيس التونسي قيس سعيد وزارة تكنولوجيات الاتصال، إحداث منصات للتواصل الافتراضي لتمكين الشباب وجميع فئات الشعب التونسي من المشاركة في حوار وطني حقيقي عبر عرض مقترحاتهم وتصوراتهم في جميع المجالات.
وخلال اجتماع لمجلس الوزراء بقصر قرطاج، أعلن سعيد، الخميس الماضي، قرب إطلاق حوار وطني “صادق ونزيه بمشاركة الشباب”، موضحاً أنه سيكون “مختلفا تماماً عن التجارب السابقة”، وأنه “سيتطرق إلى عدة مواضيع، بينها النظامان السياسي والانتخابي في البلاد”.
وأوضح، أن “هذا الحوار سيتم في إطار سقف زمني متفق عليه، وضمن آليات وصيغ وتصورات جديدة”. وأشار إلى “أن الحوار الوطني المرتقب لن يشمل من استولى على أموال الشعب أو من باع ذمته إلى الخارج”. وشدد على رفض كل محاولات الاستقواء بالخارج من أجل التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد أو الإساءة إليها”.
ويرى مراقبون، “أن هذا الحوار سيكون عبارة عن استفتاء حول نظامي الحكم والانتخاب في البلاد، وهما النظامان اللذان يشكلان أزمة تونس السياسية الحقيقية”، بحسب رأيهم.
وتوضح بثينة بن كريديس، عضو الحملة التفسيرية لقيس سعيد، في تصريح خاص، أنه “بحسب تصريح رئيس الجمهورية قريباً سيصدر أمر رئاسي يحدد آليات وطرق هذا الحوار”. وأشارت إلى “أن رئيس الجمهورية يريده حواراً حقيقياً وليس تقليدياً يدور بين الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية في غياب الشباب بصفة مباشرة”، وتصفه بأنه سيكون “عصرياً مع الشعب عبر منصات إلكترونية لضمان التشاركية والشفافية”.
وفي شأن إقصاء الأحزاب والمنظمات الوطنية تقول، “إن الحوار لن يقصي إلا من يريد استبعاد نفسه والفاسدين ومن ذهب إلى الخارج للإضرار بمصالح تونس في الخارج”، مضيفة، “الكل يعرف من هم، ولدينا كل الأسماء والمنظمات التي سعت لتشويه صورة البلاد”.
يذكر أنه منذ إقرار إجراءات 25 يوليو (تموز)، الذي تم بموجبها إغلاق البرلمان وتعليق العمل بالدستور، توسعت القاعدة الداخلية والخارجية لقيس سعيد، مطالبين بوضع سقف زمني محدد لإنهاء هذه الحالة الاستثنائية، وأيضاً تنظيم حوار وطني يضم كل الأطراف السياسية لإنهاء هذه الفترة.
الأمر لا يتطلب حواراً
وفي تصريح خاص يقول الناشط السياسي والوزير السابق محمد عبو، “طرحت في 2012 مسألة الحوار الوطني خلال حكومة الترويكا”، موضحاً، “أنه كان من المقرر أن يتم مع المتخصصين، ولم أستدعِ الأحزاب ربحاً للوقت”، مستدركاً، “اليوم لدينا أزمة سياسية، والوضع مختلف”، مفسراً، “الوضع لا يتطلب حواراً، بل أول شيء يجب على رئيس الجمهورية فعله هو التراجع عن خرق الدستور، والمضي في محاسبة الفاسدين فعلياً، وليس عبر شعارات يكررها يومياً”، مواصلاً، “سكوته عن الفاسدين الحقيقيين إما أن يكون قد رضخ لهم، أو أن لديه حسابات سياسية”، مضيفاً، “بالتالي، اليوم بقينا بين طبقة سياسية بائدة أفسدت البلاد في السنوات العشر دون محاسبة وبين رئيس جاء ليكسر هذه المنظومة، لكن للأسف أصبح جزءاً من الأزمة”.
من جهة أخرى، وفي سياق تعامل الخارج مع الأزمة التونسية، صوّت البرلمان الأوروبي، الخميس الماضي، على مشروع قرار حول الأوضاع في تونس بأغلبية الأصوات، ويدعو القرار إلى استئناف العمل الطبيعي لمؤسسات الدولة، بما في ذلك العودة إلى الديمقراطية الكاملة والنشاط البرلماني في أقرب وقت ممكن كجزء من الحوار الوطني، والإعلان عن خريطة طريق واضحة.
وأقر البرلمان الأوروبي بالدور الرئيس الذي تؤديه اللجنة الرباعية للحوار الوطني، المكونة من الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والنقابة التونسية للمحامين في تيسير إقامة شاملة للجميع.
وفي بيان له صدر قبل أيام، طالب الاتحاد العام التونسي للشغل بتوضيح الأهداف والآليات والتدابير المتعلقة بالحوار الوطني الذي أعلنه رئيس الجمهورية، واعتبر إنقاذ البلاد مسؤولية جماعية، وحمّل جميع الأطراف مسؤوليتها في ضرورة التصدي للمخاطر التي تترصد بلادنا على جميع المستويات، ولم تعد تنتظر مزيداً من إهدار الوقت وتبديد الجهود والطاقات.
المصدر : أندبندنت عربية