كريتر نت – متابعات
تقود بريطانيا حراكا دوليا لإنهاء العمل بالقرار الأممي رقم 2216 الذي تتمسك به السلطة الشرعية في اليمن كأحد مخرجات الحل السياسي للأزمة المتفجرة منذ نحو سبع سنوات.
وشهدت المنطقة مؤخرا تحركات مكثفة لمسؤولين بريطانيين من ضمنهم زيارة وزيرة الخارجية ليز تراس الأسبوع الماضي للرياض وقبلها بأيام قيام الوزير البريطاني المختص بشؤون الشرق الأوسط جيمس كليفرلي بجولة شملت سلطنة عمان والسعودية.
وتقول أوساط سياسية إن مشروع قرار يجري العمل عليه من قبل بريطانيا، لطرحه بمجلس الأمن ويستهدف وقف إطلاق النارفي اليمن، غير مستبعدين أن يتضمن القرار التفافا على صلاحيات القرار رقم 2216.
وتتبنى لندن توجها يدعو إلى ضرورة تغيير المقاربة المتبعة حيال التسوية في اليمن، بناء على التغيرات التي أفرزتها الحرب هناك، وسط قناعة بأن الشرعية اليمنية التي يمثلها الرئيس عبدربه منصور هادي ستكون الحلقة الأضعف ضمن هذا المسار الذي لم تتضح معالمه بعد.
وسبق أن لمح السفير البريطاني في اليمن ريتشارد أوبنهايم، مؤخرا لوجود نوايا دولية بإنهاء العمل بالقرار رقم 2216 الذي صدر عن مجلس الأمن في العام 2015 والذي ينتصر صراحة للشرعية اليمنية، ويطالب المتمردين الحوثيين بضرورة وقف تجاوزاتهم والانسحاب من المناطق التي يسيطرون عليها وإنهاء العنف.
ولم يجد هذا القرار كما غيره من القرارات الأممية، التي صدرت بشأن اليمن طريقها إلى التنفيذ منذ تفجر النزاع في العام 2014، لدوافع مختلفة في صدارتها تعنت المتمردين الحوثيين، الذين يحضون بدعم وإسناد قويين من إيران، وانغماس قوى الشرعية اليمنية في خلافات في ما بينها أدت إلى تشظيها.
وقال أوبنهايم في معرض تصريحات إعلامية “إن فجوة حدثت بين مضمون القرار 2216 الذي أصدره مجلس الأمن في العام 2015، والوضع على الأرض الذي يتغير يوميا”.
ويرى مراقبون أن الموقف البريطاني، لم يكن مفاجئا، وأن القوى الوطنية في اليمن تتحمل المسؤولية الكبرى عن هذا المسار في ظل عجزها عن توحيد صفوفها الأمر الذي سمح للحوثيين بتوظيف ذلك وعملوا على تحقيق اختراقات ليست فقط عسكرية بل وسياسية أيضا.
وقال وزير الخارجية الأسبق أبوبكر القربي إن المجتمع الدولي بدأ فعليا في إعادة النظر بشأن الحرب في اليمن.
وأوضح القربي في تغريدة عبر حسابه على تويتر، أن حديث السفير البريطاني يحمل رسائل واضحة إلى كافة أطراف الصراع وأهمها أن المجتمع الدولي يعيد النظر في مواقفه.
وشدد على أنه “يجب على أطراف الصراع مراجعة مواقفها وأن يكون قرارها لمصلحة اليمنيين أولا”، مشيرا إلى أنه يجب التعامل مع هذه الرسائل بحكمة وبرؤى تنهي الحرب وتسهل تحقيق السلام.
في المقابل اعتبر الناشط السياسي اليمني عادل الشبحي أن التوجه بإلغاء قرار 2216 يمثل قوة دفع إضافية لميليشيات الحوثيين. وقال في تغريدة على حسابه في تويتر، “إن إلغاء القرار مع عدم إنصاف الجنوب وقضيته والواقع الموجود على الأرض تمثل قوة إضافية للحوثي الذي يعد الخصم الأصعب للجنوب”.
ورأى أن “الشرعية بهذا الوضع الضعيف أفضل ألف مرة من منح الحوثي سلاحا جديدا يضاف إلى ما يملكه من أسلحة. الأفضل أن نقاتل خصما بخصم آخر من أن نقاتله بأنفسنا”.
ويقول محللون إن هناك استدارة واضحة في المواقف الدولية تجاه اليمن، وهذا تطور خطير يصب في صالح المتمردين الحوثيين، الذين سينظرون إلى الأمر على أنه دافع جديد للاستمرار في تصعيدهم العسكري في أنحاء من اليمن وخاصة في محافظة مأرب الاستراتيجية.
ويشن المتمردون الحوثيون منذ أسابيع عمليات عسكرية ضخمة على جنوب مأرب في سياق محاولة الاستيلاء على آخر محافظة في شمال البلاد، بهدف قلب موازين الصراع الذي ظل على مدار السنوات يتأرجح دون حسم لهذا الطرف أو ذاك.
ويشير المحللون إلى أن القرار الأممي الذي تدعو بريطانيا اليوم صراحة إلى إعادة النظر فيه سيزيد من عمق أزمة السلطة الشرعية بقيادة عبدربه منصور هادي، حيث أنه سيسحب منها إحدى أبرز أوراقها على طاولة التسوية.
وأصدر مجلس الأمن الدولي في أبريل من العام 2015 القرار رقم 2216 الذي يتضمن ديباجة مطولة و25 مادة، وكان هذا القرار الذي حصل على تأييد 14 عضوا بمجلس الأمن، وامتناع دولة وحيدة هي روسيا عن التصويت، قد أقر بعد أقل من شهر من إعلان التحالف الدولي بقيادة السعودية عن “عاصفة الحزم” لدعم الشرعية اليمنية أمام اجتياح الحوثيين للمحافظات والمدن اليمنية.
وينص القرار على الالتزام بوحدة وسيادة اليمن وشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، ويدعو إلى ضرورة العودة إلى مبادرة مجلس التعاون الخليجي ونتائج مؤتمر الحوار الوطني، وصياغة دستور جديد، وتنظيم انتخابات في البلاد.
ويطالب القرار الأممي المتمردين الحوثيين بسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها، ومن ضمنها العاصمة صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية.
ويدعو إلى الامتناع عن الإتيان بأي استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة، وعلى ضرورة قيام جميع الأطراف بكفالة سلامة المدنيين وضمان أمن موظفي الإغاثة وموظفي الأمم المتحدة وتيسير إيصال المساعدات الإنسانية على نحو سريع وآمن دون عوائق.
وينص القرار على فرض عقوبات على زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، والرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي قتل لاحقا على يد المتمردين.