كريتر نت – منصتي ٣٠ : شيماء الهاتف
عشرون عاما مضت منذ صدور القرار الأممي التاريخي 1325 في تشرين الأول أكتوبر 2000م الذي ركز على أثر النزاع المسلح على المرأة وعلى دورها في حفظ وبناء السلام وكيف أن القيادة النسائية ضرورية لتحقيق السلام والأمن والتقدم للجميع. لم يكن وقع صدور هذا القرار الأممي عادياً على النساء حول العالم وخصوصاً في الدول التي تعاني من ويلات الحروب وتبعاتها أو تلك التي ماتزال المرأة فيها تقاوم حتى تخرج من دائرة التهميش لتصبح رقماً صعباً في صناعة القرار. وفي مجتمع مثل المجتمع اليمني مازال في مراحله الأولى في مجال استيعاب ضرورة تمكين المرأة ووجودها في مراكز صنع القرار فمن الصعب تغيير طريقة تفكير المجتمع في يوم وليلة ولكن يمكن جداً أن تنجح كل الجهود في وضع الخطوات الصحيحة للتغيير في المستقبل.
الحالة اليمنية
حصلت المرأة اليمنية خلال العقدين الماضيين على الكثير من الحقوق نتيجة لنضالات النساء المستمرة خصوصا في جوانب التعليم والعمل. بل إن السنوات الأخيرة شهدت نماذج نسائية مشرفة استطعن أن يحصدن جوائز عالمية في النضال الحقوقي والصحفي والسلام. حتى في الشأن السياسي ورغم تأكيد الدستور اليمني على حق المرأة في الانخراط والمشاركة في الحياة السياسية وصناعة القرار. ورغم الجهود النسوية في العشرين سنة الماضية إلا أن مشاركة المرأة اليمنية في الحياة السياسية تبقى مشاركة خجولة جداً ناهيك عن الكثير من العادات والتقاليد التي تحكم المجتمع اليمني وتحد خروج المرأة من بوتقة عزلتها والتي يستمر نضال النساء لمحاولة كسرها.
النموذج السياسي اليمني له ظروفه الخاصة والتي تختلف كثيراً عن عديد نماذج في بلدان مختلفة استطاعت فيها المرأة أن تتبوأ مراكز سياسية مهمة، وأسهمت بشكل فعال في صناعة القرار. في النموذج اليمني يرفض الذكور أنفسهم تقاسم السلطة فكل حزب يرى نفسه الأجدر بامتلاك السلطة السياسية في البلاد ناهيك عن رغبته أن يخضع الجميع حوله لإملاءاته. ورغم كل هذه التعقيدات السياسية وظروف الحرب والصراع في اليمن إلا أن المرأة اليمنية تواجدت في الأحزاب وفي المنظمات المدنية ووصلت إلى البرلمان ومجلس الشورى ولكنها تغيبت عن صنع القرار السياسي.
من العورة إلى الثورة
كانت المرأة اليمنية في مقدمة الصفوف في ثورة فبراير 2011م، وسقطت العديد من النساء اليمنيات في ساحات الاحتجاجات كما جرحت الكثير منهن. ورغم كل تضحيات النساء اليمنيات خصوصاً في العشر سنوات الأخيرة إلا أن هناك نسبة كبيرة يتم استغلالهن لمصالح الأحزاب والجماعات.
في البدايات الأولى لثورة 2011 عشرات الآلاف من النساء تركن منازلهن واعتصمن في الساحات للوهلة الأولى تقبل الجميع فكرة وجود المرأة إلى جانب الرجل في الشارع دون أي من المضايقات المعتادة التي كانت النساء تواجهها في الأماكن العامة. وكأن في أوقات الثورات تحصل المعجزات دوماً. لكن خرجت المرأة اليمنية من رحم الثورة إلى جحيم الحرب وكل الصراعات مابعدها. رغم أنه لم تكن كل هذه المشاركة والتضحيات نزهة فقد عادت المرأة بعدها إلى المنزل حين قوُضت كل الجهود لإنجاح مسار التغيير السياسي في اليمن لتتفاقم حدود القيود على النساء اليمنيات مع تفاقم حدة الصراعات وظهور الجماعات المتشددة، بل اعتبرت العديد من النساء الناشطات في الوقت الحاضر ثورة 2011 الانطلاقة الفعلية للاستمرار في النضال لاكتساب حقوقهن والمساواة وعدم التمييز بين الجنسين.
المرأة والسلام
النزاعات التي تنطوي على عنف تلقي بتأثيرها غير المتكافىء على النساء وتضاعف من حدة عدم المساواة والتمييز بين الجنسين القائمة مسبقاً. وهذا ما يعانيه اليمن منذ اندلاع الحرب الدائرة في مارس 2015م لا بل كان هذا العنف ممتداً لسنوات طويلة قبل اندلاع الحرب، شهدت فيها البلاد حالة من الفوضى السياسية ألقت بثقلها على وضع المرأة في الحياة العامة. فلا بد من وجود حراك نسوي حقيقي في اليمن يعكس كل التطلعات التي تنشدها المرأة ويوحد كل الجهود النسوية لرفع وعي المرأة بحقوقها وأهمية وجودها لحفظ الأمن المجتمعي وصنع السلام.
ومنذ تبني القرار قبل عقدين من الزمان خطت النساء خطوات مهمة نحو الإدماج، لكن المساواة بين الجنسين ماتزال بعيدة. فالنساء مازلن مستبعدات إلى حد كبير عن الوفود المشاركة في محادثات السلام والمفاوضات. فلا يمكن انتظار عشرين سنة قادمة لتنفيذ أجندة المرأة والسلام والأمن. ولا يمكن أن يأتي السلام على حساب حقوق المرأة وتهميش دورها، بل إن حفظ حقوق النساء وإشراكهن في صنع القرار السياسي هو الضمانة الرئيسية لحفظ السلام والأمن والاستقرار الاقتصادي في اليمن.