كريتر نت – وكالات
ستة أعوام من الحرب الطاحنة في اليمن بين الحكومة المعترف بها دوليًّا، وجماعة الحوثيين المسلحة (أنصار الله)، ومن خلفهما السعودية والإمارات من جهة، وإيران من جهة أخرى.
تدخلت السعودية بشكل مباشر في الحرب نهاية مارس/ آذار 2015، بهدف إنهاء انقلاب الحوثيين على حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، وإعادة الأخير إلى سدة الحكم.
بينما دعمت إيران بقوة جماعة الحوثيين، ومنذ ذلك الحين نجحت طهران فيما بدا أن الرياض قد أخفقت.
خلال العامين الأخيرين امتلك الحوثيون زمام المبادرة، وتحولوا من الدفاع للهجوم، واستعادوا السيطرة على مواقع استراتيجية كانوا خسروها خلال سنوات الحرب، وأصبحوا على وشك السيطرة على مدينة مأرب (شرق العاصمة صنعاء)، منبع النفط والغاز في البلاد.
ويعزو مراقبون تغيّر معادلة الصراع في اليمن إلى الداعمين الإقليميين لطرفي النزاع بصورة كبيرة، إذ دعمت طهران بشكل مكثف ومُركز جماعة الحوثيين على عدة مستويات، بينما ظهر الدعم في الجانب الآخر مشتتًا.
الدعم الإيراني
حرصت الدبلوماسية الإيرانية على التصريح مرارًا بأن طهران ليس لها يد مباشرة في حرب اليمن، إلا أن قادتها العسكريين كانوا أكثر صراحة، على غرار ما أشار إليه اللواء غلام رشيد، القيادي في الحرس الثوري، بأن قوات الحوثيين ضمن ستة جيوش خارج الحدود الإيرانية ستقاتل من أجل طهران.
وقال رشيد، إن اللواء قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس”، بالحرس الثوري، قال للقيادة العسكرية الإيرانية المشتركة، قبل مقتله بغارة أمريكية، إنه أسس ستة جيوش خارج الأراضي الإيرانية، بينها جماعة الحوثي في اليمن.
وتعتمد إيران على شبكات تهريب واسعة، وشبكات مالية سرية لدعم الحوثيين، نظرًا لحظر وصول الأسلحة إلى اليمن.
ويتحكم التحالف العربي الذي تقوده السعودية، بالمنافذ اليمنية، وكان وصول السفير الإيراني لدى الحوثيين حسن إيرلو، إلى صنعاء، حدثا مهما، عزز الاتهامات الحكومية لطهران بتهريب خبراء من الحرس الثوري، و”حزب الله” اللبناني، للقتال في اليمن.
وقال المساعد الاقتصادي لقائد “فيلق القدس”، الجنرال رستم قاسمي، خلال حديثه لقناة “روسيا اليوم”، في أبريل/ نيسان الماضي، إن مستشارين عسكريين إيرانيين موجودون إلى جانب الحوثيين.
واعترضت القوات الحكومية اليمنية والتحالف العربي والبحرية الأمريكية، خلال السنوات الست الماضية، شحنات أسلحة مهربة، من بينها طائرات مسيّرة، وصواريخ نوعية.
فيما قال قاسمي، إن كل ما يمتلكه الحوثيون من أسلحة بفضل مساعدة إيران.
ويهرّب الإيرانيون الوقود إلى الحوثيين، وبدرجة أقل الأموال، ومؤخرًا بات الحوثيون يملكون عوائد مالية ضخمة جراء الإتاوات من اليمنيين، ونهب المساعدات الإنسانية وأكثر من 4 مليارات دولار كانت في البنك المركزي.
ووفق تحقيق نشره موقع “المصدر أونلاين” اليمني، فإن عملية التهريب تجري عبر مرحلتين: بحرية وبرّية.
تنقسم المرحلة البحرية إلى ثلاث مراحل؛ الأولى تبدأ من الموانئ الإيرانية وتنتهي في نقطة محددة بين بحر عُمان وإيران، ومنها تبدأ المرحلة الثانية، وتنتهي إما قبالة سواحل عُمان واليمن، وإما تتخذ مسارًا آخر عبر الشحن من إيران إلى تايلاند، ثم من تايلاند إلى اليمن، إذ لا يوجد تركيز على البضائع القادمة من تايلاند إلى الموانئ اليمنية.
ومن تايلاند إلى سواحل الصومال وجيبوتي عبر شركات وهمية، وهناك تبدأ المرحلة الثالثة التي تنتهي جميعها على بعد خمسة أميال من شواطئ اليمن، إذ تفرّغ على متن قوارب بحرية صغيرة.
وبالنسبة للمرحلة البرية، يذكر تحقيق “المصدر أونلاين”، استنادا إلى مصادر لم يسمها، أن “التهريب عبر سلطنة عمان إلى محافظة المهرة (شرقي اليمن) يُعد من الطرق الرئيسية، رغم احتجاج التحالف والحكومة اليمنية لدى السلطات العُمانية”.
ووفق تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع للأمم المتحدة، فإن مجموعة متزايدة من الأدلّة تشير إلى أنّ أفراداً أو كيانات في إيران تزوّد الحوثيين بكميات كبيرة من الأسلحة والمكوّنات، ووثقوا طرق إمداد عدّة للحوثيين في بحر العرب، باستخدام سفن شراعية تقليدية.
وأوضح التقرير، أن “الأسلحة والمعدّات تُنقل في المياه العمانية والصومالية إلى قوارب أصغر، ويتم توصيل هذه الشحنات إلى موانئ تقع على الساحل الجنوبي لليمن وتهريبها برّاً إلى الحوثيين، وفي بعض الحالات، عبر باب المندب مباشرة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين”.
الدعم السعودي
خلال الأعوام الثلاثة من عمر الحرب، قدمت الرياض دعمًا سخيًّا للحرب والحكومة اليمنية، تمثّل في تمويل الحرب عبر صرف الأسلحة النوعية للمقاومة الشعبية، وتشكيل المعسكرات، والمشاركة في العمليات القتالية الجوية والبرية والبحرية، إضافة إلى استقبال الرئاسة والحكومة والمسؤولين الحكوميين في الرياض.
ولا توجد أي سجلات واضحة لحجم الدعم السعودي، غير أن مصدر مطّلع، قال للأناضول، إن الدعم كان يُمنح عبر الديوان الملكي، واللجنة الخاصة، والمخابرات، وقيادة التحالف العربي، والسفير السعودي، ومركز الملك سلمان للإغاثة، الأمر الذي خلّف حالة من الفوضى، انعكست على مسار الحرب حتى اللحظة.
ووفق ذات المصدر، وظّفت السعودية الرئيس هادي، ونائبه، والحكومة والسياسيين والدبلوماسيين والعسكريين اليمنيين، وقادة الأحزاب وزعماء ورجال القبائل والنشطاء والمدونين على مواقع التواصل، ومنحتهم عروضًا مالية سخيّة.
وكان زعماء القبائل من أكثر الجهات تمويلًا من الرياض، إذ منحت لهم العطايا بشكل مباشر، ليتحولوا إلى زعماء حرب.
ولارتفاع الكلفة وتراجع عائدات النفط، قلّصت السعودية الدعم منذ 2017، واقتصر على تغطية التكاليف المتعلقة بالحرب، ما دفع آلافا من المحسوبين على الحكومة من سياسيين ونشطاء وصحفيين وقادة أحزاب لمغادرة المملكة إلى القاهرة وإسطنبول.
وحاليًّا يتمثل الدعم السعودي في تغطية نفقات الرئيس هادي، وطاقمه المقيم في الرياض، والحكومة وقواتها، التي تخوض معارك ضد الحوثيين، حسب ذات المصدر.
وذكر مصدر عسكري، للأناضول، أن السعودية عمدت إلى شبكات التحويل المالية والبنوك التجارية ومتعهدين لإمداد القوات الحكومية بالرواتب والدعم اللوجستي.
ومؤخرًا باتت الرواتب للقوات الحكومية تصل على انقطاع، وقلّت شحنات الأسلحة المقدمة من السعودية.
وتتكتم الرياض على الإفصاح عن حجم الدعم المقدم لحلفائها، وتكتفي فقط بالحديث عن الدعم الإنساني.
ووفق عبد الله الربيعة، المستشار بالديوان الملكي، المشرف العام على “مركز الملك سلمان للإغاثة”، فإن المساعدات السعودية المقدمة لليمن، تجاوزت حاجز 17.3 مليار دولار.