توفيق علي
على الرغم من التحذيرات الصادرة عن المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، فإن ميليشيات الحوثي تمضي في إجراءاتها بحبس الفنانة وعارضة الأزياء اليمنية، انتصار الحمادي بعدما أصدرت محكمة في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الموالية لإيران حكماً بسجنها لمدة خمس سنوات بتهمة “تعاطي المخدرات وممارسة الدعارة”، في قضية شابتها انتهاكات جسيمة بحسب محاميها ومنظمات حقوقية.
وأصدرت محكمة تابعة لسلطة الميليشيات، حكماً بسجن الحمادي خمس سنوات بتهمة ارتكاب “فعل فاضح”.
كما حكم بالسجن على ثلاث أخريات كن برفقتها بفترات تتراوح من سنة إلى ثلاث سنوات.
وجاء قرار المحكمة الحوثية عقب محاكمة وصفها حقوقيون بـ”الصورية” بعد أكثر من 9 أشهر على اختطاف الحمادي ورفيقاتها حينما كانت في طريقها مع زميلتين لها وصديق إلى جلسة تصوير، في 20 فبراير (شباط) الماضي.
المحامي: الحكم سياسي
وفي تعليقه على الحكم الصادر بحق موكلته، وصف محامي الفنانة اليمنية، خالد الكمال، الحكم بأنه “سياسي وانتقامي بامتياز”.
وقال خلال حديثه لـ”اندبندنت عربية”، إن السلطات القضائية بصنعاء، أصدرت “حكماً سياسياً انتقامياً ضد انتصار الحمادي جراء فضحها لهم (الحوثيون) بابتزازها العمل في الدعارة والإيقاع بالمعارضين السياسيين”.
ولم ترد سلطات الميليشيات في صنعاء على “اندبندنت عربية” التي حاولت الاستماع إلى ردها حول هذه التهمة التي أكدتها منظمات حقوقية دولية.
وأضاف “ما استند عليه الحكم مخالف للقانون، ويتعارض مع إجراءات القضاء جملة وتفصيلاً”.
وأضاف مدللاً “لو كان هناك فعل مخل بالآداب لموكلتي، وهو ما لم تقترفه، فعقوبته القانونية لا تتعدى الستة أشهر بالسجن، فكيف يمكن فهم معاقبتها بسجنها وتعذيبها نفسياً وجسدياً ست سنوات”.
إدانة دولية
من جانبها، أدانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحكم، وقالت إن القضية “شابتها انتهاكات ومخالفات”.
فيما ذكرت وكالة أنباء “سبأ” التابعة للميليشيات الحوثية، أن محكمة في صنعاء أدانت انتصار الحمادي، بتهمة ارتكاب فعل فاضح وحيازة المخدرات. وقالت إن الحمادي وامرأة أخرى نالتا حكماً بالسجن خمس سنوات، بينما حكم على الأخريات بالسجن مدد تتراوح ما بين سنة وثلاث سنوات.
“فضحتهم فسجنوها”
عن الدوافع التي تقف خلف استخدام فنانة وعارضة للكيد السياسي بسجنها، قال محاميها “انتقاماً منها بسبب فضحها لهم أمام لجنة برلمانية وحقوقية وقضائية من مجلسي النواب والشورى الذين زاروها بناءً على اجتهاد شخصي منهم، بعد اطلاعهم على جملة الإجراءات التعسفية وبطلان القبض والتفتيش وعدم وجود أدلة على التهم المنسوبة بحقها”.
وأفاد، أن موكلته “كشفت أمام اللجنة البرلمانية والحقوقية قيام الحوثيين بابتزازها بالجنس، بعد أن طلبوا منها العمل معهم في الدعارة للإيقاع بالمعارضين السياسيين.
وفي أول إجراء احتجاجي على الحكم الصادر ضد الفنانة، قال “قيدنا استئنافها بُعيد النطق بالحكم الجائر المسيس، وسنبدأ في إجراءات الطعن فيه”.
وتتهم السلطات الحوثية الفنانة الحمادي (20 عاماً) بارتكاب “فعل مخل بالآداب”، وحيازة المخدرات، وهي معتقلة في السجن المركزي في صنعاء منذ فبراير (شباط) الماضي، وهو ما ينفيه محاميها.
من هي انتصار؟
وتعمل الحمادي المولودة لأب يمني وأم إثيوبية، عارضة أزياء منذ أربع سنوات، وخاضت تجربة درامية بعد أن مثلت في مسلسلين تلفزيونيين يمنيين عام 2020.
وبحسب محاميها الذي أكد في تصريحات سابقة، فإن موكلته هي المعيل الوحيد لأسرتها المكونة من أربعة أفراد، بمن فيهم والدها الكفيف وشقيقها الذي يعاني من إعاقة جسدية.
كما أكد أن المعتقلة تحدثت إلى مجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان، وقالت إنها أجبرت معصوبة العينين، على التوقيع على وثائق، ورد أنها تتضمن اعترافاً بجرائم عدة.
وقوبل الحكم الحوثي بحق الفنانة الشابة بإدانات واسعة عبر عنه قطاع واسع من النشطاء والحقوقيين اليمنيين والعرب والمنظمات الدولية والعالمية.
بينما قال وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، إن هذه أمثلة على “آلاف الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها ميليشيات الحوثي الإرهابية، بحق المرأة اليمنية”.
الجنس للإيقاع بالخصوم
وكشفت “رايتس ووتش” عن قيام الحوثيين، بإجبار الفنانة على “توقيع وثيقة وهي معصوبة العينين أثناء الاستجواب، وعرضت إطلاق سراحها إذا ساعدتهم في إيقاع أعدائهم بالجنس والمخدرات”.
وأضافت، أن “حراس السجن أساؤوا إليها لفظياً”، ووصفوها بـ”العاهرة”.
وأكدت المنظمة أن السلطات منعت المحامي من الوصول إلى وثائق المحكمة منذ تعيينه للتعامل مع قضيتها في مارس (آذار)، ومنعته من المثول أمام المحكمة منذ أواخر مايو (أيار)، انتقاماً على ما يبدو لتعليقاته العلنية على القضية.
ويؤكد محامي الفنانة أن موكلته اعتقلت مساء 20 فبراير (شباط) الماضي، بينما كانت في طريقها مع زميلتين لها إلى جلسة تصوير في منطقة شملان، بعد احتجازها في نقطة تفتيش مستحدثة أوقفتها “من دون مذكرة ومن دون توجيه أي تهم إليها”.
الهرب بالموت
وفي يونيو (حزيران) حاولت العارضة السمراء الانتحار قبل أن تتمكن بعض السجينات من إنقاذها في آخر اللحظات هرباً من الظرف القاسي الذي تعيشه في السجون الحوثية سيئة الصيت، حيث تقبع مئات السجينات في سجون سرية ومنازل وفلل تديرها الجماعة الموالية لإيران.
ويومها، أكد محاميها أن موكلته حاولت شنق نفسها في إحدى زوايا حوش السجن المركزي في 28 يونيو (حزيران) الماضي.
وأوضح أن طفلاً سجيناً مع والدته اكتشف الحمادي مصادفة وصرخ مذعوراً بأعلى صوته لتهب السجينات لإنقاذها وهي في حالة حرجة، ليتم إسعافها على وجه السرعة إلى مستشفى داخل السجن.
ويشير الكمال إلى أن إقدام الحمادي على محاولة الانتحار، جاء بسبب قرار إدارة السجن المركزي إحالتها إلى قسم السجينات بتهم الدعارة، الأمر الذي، فاقم من تدهور حالتها النفسية والجسدية.
من أضواء الفن إلى ظلمة السجن
ولم تعلم الحمادي، أن تصميم الأزياء وعرضها والتمثيل ستقودها يوماً إلى الزنازين المظلمة في صنعاء.
وظلت الشابة السمراء تحلم بأن تغدو عارضة أزياء، وشقت في سبيل ذلك طرقاً وعرة في بلد غارق في العادات التقليدية المتشددة، وحققت نجاحات لافتة في مجالها الذي منحها دخلاً ثابتاً يعول أسرتها الفقيرة.
المصدر : أندبندنت عربية