كريتر نت – متابعات
تكشف التطورات المتسارعة للحرب القائمة وحجم الخيانات التي تمارسها الشرعية الإخوانية، أن مليشيا الحوثي باتت شهيتها مفتوحة صوب الجنوب، مدعومة من بالانسحابات المتواصلة لعناصر مليشيا حزب الإصلاح من المواقع، وهو ما يفرض ضرورة اتخاذ مواقف عاجلة لصد هذا التمدد.
ميدانيًّا يحاول الحوثي حسم معركة مأرب سريعًا، مستيعنًا في الوقت نفسه بتمادي الشرعية تجاه سيطرته على الأرض في محافظة شبوة وتسلمه مديريات بيحان والعين وعسيلان من قِبل مليشيا الشرعية الإخوانية، وبالتالي تتمكن المليشيات المدعومة من إيران من فتح طريق مفتوح يمكنها من التوغل أكثر صوب الجنوب، وضمان استمرار التحشيد العسكري سواء أفرادًا أو عتادًا.
هذا الواقع المخيف يفرض ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان وقف التمدد الحوثي، وقد أثيرت في هذا الصدد بعض الآليات لمواجهة هذا العدوان، بينها “التعبئة الشعبية” للوقوف في وجه المليشيات الإرهابية وإجبارها على التراجع.
يتفق مع هذا الطرح الخبير الاستراتيجي العميد الدكتور أحمد القرني أستاذ العلاقات الدوليّة والعلوم الاستراتيجية بجامعة سوربون الفرنسية، الذي شدّد على أهمية التعبئة الشعبية في الجنوب لحمايته من تمدُّد مليشيا الحوثي الإرهابية، بالتزامن مع خيانات مليشيات الشرعية الإخوانية وتسليمها الجبهات.
القرني قال تغريدة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “الحرب في شمال اليمن في ظل تقدم الحوثي المستمر تحولت لاستنزاف دون مكاسب ميدانية في ظل ضعف الأداء العسكري للجيش الوطني ومماطلة الإصلاح”.
وأضاف: “تبرز الآن أولوية استراتيجية للتحالف لتصميم استراتيجية عسكرية دفاعية”، مشددا على ضرورة تعبئة شعبية للجنوبيين لوقف التمدد الحوثي جنوبا وإجباره للتراجع شمالًا.
وكان الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، قد دعا منذ أسابيع رجال المقاومة الجنوبية وكافة أبناء الشعب على امتداد الجنوب، جباله وسهوله ورماله وهضابه وسواحله، إلى التعبئة العامة، والاستعداد لرفد الجبهات القتالية بالرجال والمال والعتاد، للتصدي لهذه الميليشيات الغازية ومواجهتها بكل قوة وبسالة، وتسجيل مآثر بطولية جديدة.
التعبئة الشعبية قد تكون السلاح الناجع في مواجهة الإرهاب الحوثي، لا سيّما أن التهديدات تتخذ نطاقًا يتسع يومًا بعد يوم، إلى الحد الذي وصلت فيه لأنْ تكون تهديدات وجودية للقضية الجنوبية، وهو ما يستلزم تحركات على نطاق واسع لمجابهة هذه المخاطر.
كما أنّ التعبئة العامة تعني أن جيشًا جرارًا من الجنوبيين سيحتشدون ويلتحمون بعضهم البعض، ويُشكلون جدارًا صلبًا في مواجهة التهديدات الحوثية ودحرها؛ ثقة في قدرات الجنوبيين التي كانت واضحة على مدار السنوات الماضية في مكافحة ومجابهة الإرهاب.
ويبدو أنّ الشرعية تعيش رعبًا من “تعبئة الجنوبيين”، إذ حاولت في كثير من المناسبات الترويج بأن المجلس الانتقالي تراجع عن هذه الخطوة، وقد حدث ذلك مع عودة بعض وزراء الحكومة إلى العاصمة عدن في الأيام الماضية، وهو ما يعبّر عن حجم الرعب الذي ينتاب الشرعية من خطر احتشاد الجنوبيين في مواجهة المليشيات الحوثية.
ولا تريد الشرعية الإخوانية أي خطوات تعكِّر على المليشيات الحوثية خطواتها نحو التوغل صوب الجنوب، فهدفها الرئيسي هو استقطاب المليشيات الحوثية المدعومة من إيران إلى الجنوب من جديد، ضمن إرهاب يستهدف إحراق الجنوب وضرب قضيته ونسف تطلعات شعبه نحو تحقيق حلم استعادة الدولة.
يتصل ذلك بأنّ الشرعية لا تتوارى خجلًا عن أنّها لا تعتبر المليشيات الحوثية عدوًا لها، بل تنظر إليها بأنها حليف مقرب، بدليل حجم تسليم الجبهات والمواقع للمليشيات الحوثية وهي خيانات تفاقمت كثيرًا في الفترة الماضية، ومكّنت الحوثيين – رغم ضفعهم – من الظهور بمظهر القوي المنتصر، على الرغم من أنّ القوات المسلحة الجنوبية كانت قد حققت – بأقل الإمكانيات – انتصارات ساحقة على المليشيات الإرهابية.
إزاء ذلك، فإنّ التعبئة العامة تظل هاجسًا سواء للحوثيين الذي قد يفرون إذا رأوا حشود الجنوب تشكل جدار الصد المنيع، وأيضًا تمثّل رعبًا للشرعية التي تخشى أن ينهار نفوذها في الجنوب وبالتالي تكون قد خسرت كل شيء.