هدى الطرابلسي
مثلت عودة قنوات التواصل بين رئيس الجمهورية قيس سعيد والاتحاد العام التونسي للشغل نقطة ضوء قد تسهم في حلحلة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتأزمة في البلاد، إذ تبعث رسائل طمأنة إلى المانحين الماليين، فعلى الرغم من التناسق في المواقف بين الأول والثاني بخصوص إجراءات 25 يوليو (تموز)، فإنها للمرة الأولى قد تترجم على أرض الواقع.
وكتب الناطق الرسمي للاتحاد التونسي تدوينة قال فيها، “لا لعودة المجلس النيابي المجمد الذي عانى منه التونسيون الأمرين. لا بد من خطوة إلى الأمام وأي تأخير هو فرصة للمستنصرين بالخارج”، في رسالة إلى رئاسة الجمهورية من أجل توسيع الحوار مع الأطراف المهمة في البلاد على رأسهم المنظمة الشغيلة.
لقاء إيجابي
وأشرفت رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان، مساء الاثنين، بقصر الحكومة بالقصبة في العاصمة تونس، على جلسة الحوار الأولى التي جمعت الحكومة والمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، برئاسة أمينه العام نور الدين الطبوبي، الذي أكد، في تصريح صحافي عقب انتهاء الاجتماع، أن “أول لقاء بين الوفد الحكومي والمكتب التنفيذي لاتحاد الشغل اتسم بالصراحة، ومثل مناسبة لطرح عدد من الملفات الاجتماعية والاقتصادية، مبرزاً الإرادة الكبيرة للحكومة من أجل المضي قدماً نحو حلحلة كل الملفات العالقة”. وأضاف “أن العمل مع الحكومة سيتواصل من أجل الانكباب على الإصلاحات الضرورية التي تؤسس لدولة ديمقراطية ومدنية”.
من جانبه اعتبر وزير التشغيل والتكوين المهني، نصر الدين النصيبي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، “أن اللقاء الأولي مع اتحاد الشغل كان إيجابياً، ومثل مناسبة للاتفاق حول منهجية عمل تشاركية بين الحكومة والمنظمة الشغيلة في إطار لجان مشتركة”. واستبشر عدد من المحللين والفاعلين السياسيين بهذا اللقاء، الذي أذاب الجليد بين الطرفين، بخاصة بين قيس سعيد والمنظمة الشغيلة.
يقول أمين عام التيار الشعبي، زهير المغزاوي، “إن قنوات الحوار بين الاتحاد والحكومة كانت شبه منعدمة، بينما الاتحاد فاعل أساس وموقعه في الصفوف الأمامية مع الشعب التونسي، وعليه فإن القطيعة التي كانت بين الطرفين في هذه المرحلة تخدم خصوم تونس”، موضحاً أن “عودة المحادثات ستفتح الباب لحل بعض الملفات العالقة، خصوصاً الحوار مع الاتحاد نظراً إلى اشتراط صندوق النقد الدولي مشاركة المنظمات الكبرى”.
انطلاقة مشجعة
ويرى المحلل والكاتب الصحافي، محمد بوعود في حديث خاص، أن “اللقاء ليس عودة بقدر ما هو استمرار لمشاورات خبت أحياناً وسدت نوعاً ما قنوات التواصل بين المنظمة الشغيلة ومؤسسة رئاسة الجمهورية أحياناً أخرى، لكن الطرفين حرصا على عدم قطعها، وخير دليل على ذلك مبادرة الأمين العام المتمثلة في اتصاله برئيس الجمهورية قبل لقائه رئيسة الحكومة، حتى يكون الجميع على بينة من هذه الانطلاقة التي تبدو مشجعة، يكون فيها الاتحاد العام التونسي للشغل شريكاً كما حرص دائماً على هذه المكانة، وتعلم فيها الحكومة بالخطوات المقبلة”.
ويلاحظ بوعود أن اللقاء الرسمي الأول بين الحكومة والمنظمة الشغيلة اتسم “بالتفاؤل من الطرفين، خصوصاً عندما تعهدت الحكومة بتفعيل الاتفاقات السابقة بما سمي باستمرارية الدولة، وبعد تصريح ناطقها الرسمي الذي قال إن المرحلة تقتضي الشفافية والمصارحة وإن الاتحاد متفهم للوضع الحالي”.
وسياسياً يرى بوعود أن “اللقاء إحياء لقناة اتصال مهمة، تكاد تكون الرابط الوحيد بين رئاسة الجمهورية والفاعلين الاجتماعيين والسياسيين لكنها تعطلت في بعض الأحيان”.
وتابع، “اتحاد الشغل كان واضحاً في رفض قياداته العودة إلى ما قبل 25 يوليو”، مفسراً، “وفي ذلك توافق تام مع رئيس الجمهورية”.
كما يرى أن “التصريحات التي أعقبت الاجتماع مع الحكومة دليل على هذا التناسق في المواقف السياسية مما حدث يوم الأحد من قبل الطيف السياسي السابق من خلال تظاهرة في الشارع مطالبة بالرجوع إلى ما قبل 25 يوليو، وبالتالي ربما ما تحدث عنه بعض المحللين من تحالف بين قيس سعيد واتحاد الشغل بدأ نوعاً ما يظهر، لكن ما يعطله نظرة رئيس الجمهورية الأحادية الجانب، إذ يعتبر كل من شارك خلال السنوات العشر السابقة يجب تحييده”.
بينما “اتحاد الشغل لا يمكن أن يخدم أجندات سياسية لطرف معين، ولا يمكن أيضاً أن يكون تابعاً حتى لرئيس الجمهورية بل هو شريك له كامل حقوق الشراكة”.
يذكر أن الاتحاد العام التونسي للشغل الطرف الاجتماعي الأهم الذي تسعى كل الحكومات لتجنب غضبه وتحاول جلبه إلى صالحها.
المصدر : أندبندنت عربية