كتب : علي ناصر محمد
تلقينا ببالغ الأسى والحزن الخبر المؤلم عن وفاة المناضل الكبير شعفل عمر صباح هذا اليوم 20 نوفمبر في القاهرة، بعد معاناة مع المرض.
تربطني بالفقيد رحلة كفاح طويلة في العديد من مراحل الثورة من أجل الاستقلال الوطني وبناء الدولة، وخلال كل المراحل كان مثالاً للوطني المخلص والثائر النموذجي، الذي يعمل بصمت وهدوء، مثالاً لرجل الدولة، وصاحب اليد البيضاء واللسان العفيف والرأي السديد، الصلب والصابر على الشدائد والمحن في أصعب وأقسى الظروف.
تعرفت على المناضل الفقيد شعفل عمر قبل الثورة وبعدها والتقينا في عدن أكثر من مرة أثناء فترة الكفاح المسلح.
وأتذكر أنني كنت في مهمة مع المناضل والنقابي الكبير أحمد صالح الشاعر لالتقاء بعض قيادات الجبهة القومية في كلٍّ من لحج وعدن وأبين.. وكنا حينها في لقاء تنظيمي فيما كان يسمى (عمارة الملكيين) في الشيخ عثمان.
وكنت قد وصلتُ بالقرب من العمارة حين شاهدت المناضل شعفل في الطريق ورجعتُ حتى لا يراني، وهو أيضاً بالمقابل كان قد رآني وتراجع حرضاً منه ألا أراه، حرصاً على السرية التي كنا نتبعها، ولم نكن نعرف أننا نتوجه الى نفس الاجتماع إلا بعد أن التقينا في مقر الاجتماع السري، وكان الاجتماع برئاسة المسؤول التنظيمي في عدن حينها المناضل سالم ربيع علي وشارك فيه علي صالح عباد (مقبل) ومحمود عشيش وعدد من القيادات التنظيمية في عدن وغيرها من المحافظات لمناقشة بعض الانقسامات التي حصلت في الجبهة القومية بعد الإعلان عن الدمج وقيام جبهة التحرير في يناير من عام 1966م.
وتواصلت اللقاءات معه في عدن بعد تعيينه مديراً لمكتب رئيس الوزراء المناضل محمد علي هيثم وغير ذلك من اللقاءات التي تمت في عدن وخارجها بعد ذلك.
وكان الفقيد قد تقلّد العديد من المناصب في الدولة، وكان يتصف بالهدوء والتواضع والإخلاص في عمله والمواقف المتوازنة بعيداً عن التطرف الذي شهدته التجربة في بعض المراحل.
وكان يحظى باهتمام واحترام كل الذين عرفوه في السلطة وخارجها، وكنا نلتقي باستمرار في القاهرة، حيث استقر به المقام بعد خروجه من الوطن بعد حرب العام 1994م، في معظم الزيارات لمناقشة آخر التطورات السياسية في البلاد.
وكان من القيادات الجنوبية البارزة في التحضير والمشاركة لمؤتمر القاهرة وكثيراً ما كنا نلتقي لمناقشة آخر التطورات في القضية الجنوبية والوطن عموماً.
وعلمتُ مؤخراً بمرضه عن طريق الدكتور عبد الله مسعد الشعيبي الذي تربطه علاقات أسرية بالمناضل الفقيد شعفل عمر.
وكنتُ على تواصل مستمر معه لمتابعة آخر تطورات حالته والاطمئنان على صحته، وحاولت أيضاً التواصل مع بعض المسؤولين لمساعدته في العلاج ولكن مع الأسف دون جدوى.. وقد فارق الحياة بعد صراع مع المرض.
وبوفاته خسرتُ صديقاً وخسر الوطن مناضلاً أفنى حياته في خدمته وشعبه.
عزاءنا لأنفسنا ولجميع أفراد أسرته ومحبيه وذويه وللوطن وشعبنا العظيم.
تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته..
وإنا لله وإنا إليه راجعون..