كريتر نت – صحف
أثار تصنيف بريطانيا، الرسمي لحركة حماس الفلسطينية بجناحيها السياسي والعسكري كمنظمة إرهابية، تساؤلات حول تداعيات هذا القرار على جملة من القضايا المرتبطة بالحركة، وأبرزها ملف التمويل، حيث تتخذ “جماعة الإخوان” المرجعية الفكرية والتنظيمية لحماس، من بريطانيا ساحة لتعزيز استثماراتها.
وسلطت صحف عربية صادرة اليوم الثلاثاء، الضوء على القرار البريطاني، وأبعاده وارتباطه بتحرك بريطاني شامل ضد نشاط “الإخوان المسلمين” بعد تزايد المخاطر من هجمات إرهابية في بريطانيا.
تجفيف المنابع
وقالت عائشة المري الكاتبة في صحيفة “الاتحاد”، إنه “منذ تأسيس حماس في نهاية الثمانينيات كانت بريطانيا مركز دعم لها، بسبب الوجود المكثف لجماعة الإخوان المسلمين على الأراضي البريطانية، والذين طالما شكلت لندن ملاذاً آمناً لهم”.
وأضافت “سيؤدي القرار البريطاني إلى تجفيف منابع التمويل لقطاع غزة من جانب المنظمات الإسلامية والمنظمات الإنسانية العاملة من بريطانيا، خشية التجريم حتى ولو لم تكن المساعدات موجهة لدعم حماس، فواقعياً لا يمكن إيصال المساعدات التي تقدمها المملكة المتحدة لقطاع غزة من دون التنسيق مع حماس التي تسيطر على القطاع”.
وتابعت “لقد بدأت بريطانيا بالفعل إعادة النظر في علاقتها مع الإخوان بسبب الهجمات الإرهابية على أراضيها، وبعدما حذّرت عدة تقارير أمنية واستخباراتية من خطر تنامي الإخوان داخل البلاد، بما يمثل تهديداً للأمن العام، لذا لم يكن القرار البريطاني مفاجئاً”.
وأشارت إلى أنه من المتوقع أن يكون للقرار البريطاني انعكاس فوري وتداعيات مباشرة على التنظيمات الإسلامية الأخرى المتواجدة في بريطانيا، بما فيها التنظيم الدولي الإخوان المسلمين على مستوى خطابه السياسي والإعلامي، حيث أنهى هذا القرار الربيع الإخواني في بريطانيا.
معلومات استخباراتية
وقالت الكاتبة في صحيفة “الدستور” سارة شريف، إن “القرار يؤثر بشكل حيوي ومباشر على المنظومة المالية التي أقامتها حماس في لندن بعد التضييق عليها في دول أخرى، وهو ما يجعل عشرات المليارات من الدولارات في خطر، فهذا المال من من المفترض أن يصل إلى قيادة حماس لاستثماره في دول مختلفة في العالم من بريطانيا، والقرار يهدد هذا المال”.
وأضافت “يساهم القرار البريطاني في الدعاية التي تشنها إسرائيل ضد حماس منذ سنوات، ويشجع ربما في القريب دولًا أخرى كي تحذو حذو بريطانيا وتصنّف حماس تنظيماً إرهابياً”
وتابعت “من الناحية الدبلوماسية، فإن القرار يدعم المواقف الإسرائيلية ضد الدعاوى الفلسطينية في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، والتي تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم وإرهاب في المناطق الفلسطينية، فعندما تعلن بريطانيا أن حركة حماس، التي تسيطر على حياة أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، هي تنظيم إرهابي، فإنه سيكون دعماً للعمليات الإسرائيلية التي تشنها ضد حماس”.
يقظة العالم
ورأت الكاتبة في صحيفة “الشرق الأوسط” أمل عبد العزيز الهزاني، أن القرار البريطاني تأخر كثيراً، مضيفة أن القرار “نتائج عمل هذه الجماعات على الساحة الدولية وتأثيرها على السلم الدولي، حيث استنزفت جماعات مثل حزب الله اللبناني وجماعة الإخوان المسلمين المصرية بفروعها، كل جهودها السياسية والدبلوماسية في محاولة تبرئة نفسها والالتفاف حول الحقائق، لأن ملف الاتهامات أثقل طاولة الحكم”.
وقالت: “قد يتساءل أحدنا، ما قيمة تصنيف دولة بعيدة عن الشرق الأوسط مثل أستراليا لحزب الله جماعة إرهابية؟ والجواب أن الحزب نشاطه عابر للبحار، ليس حكراً على لبنان وسوريا والعراق واليمن، وإن أستراليا لديها تقاريرها الاستخباراتية التي تؤكد أن الحزب تهديد لأمنها، رغم المسافة، حتى أن دولة في الجهة الأخرى من العالم، وهي كولومبيا، تشتكي من أعمال غير قانونية وأنشطة مشبوهة لغسل الأموال رصدتها على الحزب، ومن المعلوم أنها ليست المرة الأولى التي يثبت تورطه في جرائم غسل أموال وتهريب للمخدرات في أمريكا اللاتينية، وتدخله حتى في دعم الحكومات المؤيدة له في دول مثل فنزويلا”.
وأضافت “حزب الله لا يختلف كثيراً عن جماعة الإخوان، من حيث الأهداف وتأثيره على تعطيل حياة الناس في الدول التي يوجد فيها، مع فارق مهم بأن حزب الله متمرس عسكرياً ومتفوق سياسياً، بعكس الجماعة التي نجحت في العمل في الظلام خلف السواتر، لكنها خابت وفشلت مع كل فرصة أتيحت لها لإدارة الدول في العلن”.
وتابعت “الجماعة ليست في أحسن أحوالها، بل ربما الأسوأ منذ تأسيسها، فهي محاصرة مفككة، وورقة للعب في أهم دولة تدعمها اليوم وهي تركيا، والحقيقة أن الجماعة كانت لعقود تعمل بجد لتلميع صورتها لدى الغرب من خلال التسويق للإسلام المعتدل، ومن خلاله استطاعت إقناع بعض أصحاب القرار هناك بأنها الخيار الأفضل لإسلام متمدن لا يؤمن بالعنف، لكن التجارب خلال العقد الماضي أوضحت أن الإخوان مثل أي جماعة إسلام سياسي، مهووسة بكرسي الحكم مهما كان الثمن، وأن شعارات الاعتدال تسويف، لأن مصلحتها بالنهاية تجتمع مع شبيهاتها مثل حركة حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وداعش والقاعدة”.
الصفقة الشاملة
وفي سياق ذي صلة، قالت صحيفة “العرب” إن “أجواء التفاؤل التي أشاعتها تصريحات رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل بشأن التوصل إلى صفقة شاملة بين إسرائيل وحركة حماس، عندما أكد أنه يعتزم القيام بزيارة إلى إسرائيل قبل نهاية نوفمبر الجاري، تراجعت”.
وأضافت “يتوقف إتمام زيارة عباس على مدى تجاوب كل من إسرائيل وحماس حول التفاصيل، الأمر الذي لم تتيقن منه القيادة المصرية لأنها تريد الحصول على وثيقة مكتوبة من حركة حماس لضمان عدم التنصل لاحقا”.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مصرية، تأكيدها أن حركة حماس قد تكرر لعبتها السياسية في كل مرة تذهب فيها مصر نحو إحداث تطور فارق في عملية التوقيع على صفقة شاملة مع إسرائيل التي تواجه حكومتها تحديات داخلية تجعلها أكثر تريثا في القبول بصفقة مع حماس يمكن أن تسبب لها متاعب سياسية مع اليمين المتشدد.
وتابعت الصحيفة “سلمت الحركة أخيرا رؤيتها السياسية مكتوبة إلى القاهرة حول مستقبل العمل الفلسطيني في الداخل والخارج، قبل أيام قليلة من اجتماع مرتقب يعقده وفد حماس مع مسؤولين في القاهرة في النصف الأول من شهر ديسمبر (كانون الاول) القادم، ولم تستبعد المصادر الفلسطينية أن تضم رؤية حماس مطالب تُعلي من مكاسب الحركة بصورة يصعب قبولها من جانب الحكومة الإسرائيلية، ما يعرقل الوصول إلى اتفاق شامل، ويجعل هناك ميلا مصريا للتوصل إلى اتفاق مبدئي مع إسرائيل على تفاصيل الصفقة، ثم الضغط على حماس للقبول بها”.
ولفتت إلى أن هناك تهدئة واقعية بين حماس وإسرائيل على الأرض، ولم تجد الاقتحامات المتتالية للمسجد الأقصى رداً من قبل الحركة التي كانت قد هددت مع نهاية الحرب الأخيرة على غزة بأنها ستعود إلى القتال حال اقتحامه.
كما أن حماس فتحت الباب أمام تسجيل العاطلين من الشباب للعمل داخل إسرائيل، ما يعني أن الهدنة الشاملة غير مستبعدة تماما، وإن حاولت الحركة إعلاء سقف طموحاتها في الورقة الجديدة التي قدمتها إلى القاهرة.