هشام الشبيلي
أثار مقطع فيديو لمروحية مقاتلة “هليكوبتر”، ضربت أهدافاً تابعة لقوات الشرعية اليمنية تساؤلات حول قدرة الميليشيا الحوثية على استخدام طائرات مقاتلة، وكيف استطاع الحوثيون الحصول عليها؟ وقال باحث عسكري إنها المرة الأولى التي تستخدم فيها الجماعة المدعومة من إيران، الطائرات في الحرب الدائرة منذ سبعة أعوام في اليمن.
ففي وقت مبكر من صباح الثلاثاء، 7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، شنت مروحية تابعة لميليشيا الحوثي ضرباتها، بينما كان جندي يمني يحمل هاتفه لتوثيق اللحظة، وقال لـ “اندبندنت عربية” إنها المرة الأولى التي يشاهد فيها طائرة تعود ملكيتها لجماعة “أنصار الله” الحوثية، واستخدم الحوثيون الطائرة المقاتلة لشن ضربات على مواقع متفرقة للجيش اليمني في المناطق الجنوبية لمدينة مأرب.
مواقع متفرقة للجيش
وعلى الرغم من التأكيدات الصادرة من جانب المواقع المستهدفة على أن الطائرة تابعة للحوثيين، إلا أن الجماعة المنقلبة على الشرعية لم تعلن بعد في وسائل الإعلام الخاصة بها حتى اللحظة عن تبعية المروحية لها، كما لم تعلن مسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف مواقع تابعة للشرعية.
“عاصفة الحزم”
وذكر مصدر عسكري تابع لقوات الشرعية اليمنية لـ “اندبندنت عربية” أن “طائرة الهليكوبتر المقاتلة استهدفت مواقع متفرقة للجيش في منطقة الطعوز والرملية واللجمة بمديرية الجوبة”، مشيراً إلى أن “الهجوم لم يسفر عن أي خسائر بشرية والطائرة عادت باتجاه مناطق تابعة للحوثيين”.
وكان التحالف العربي أعلن في الساعات الأولى من انطلاق عملية “عاصفة الحزم” في 26 مارس (آذار) 2015، أنه “تمكّن من تدمير القوة الجوية الخاضعة لسيطرة الحوثيين بعدما استخدمت الميليشيات وحلفاؤها حينها المقاتلات الحربية لاستهداف القصر الرئاسي في عدن أثناء وجود الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي فيه”.
وكانت تلك بحسب تقارير صحافية، “هي آخر مرة تقلع فيها مقاتلات حربية من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بفعل الغارات الجوية التي استهدفت القواعد والطائرات في مراكز الدفاعات الجوية”.
ومنذ مطلع عام 2016، كانت الجماعة المدعومة من إيران بدأت باستخدام الطائرات المسيّرة التي لا تزال تستعملها لاستهداف مواقع تابعة للشرعية ومواقع نفطية في السعودية، إضافة إلى المطارات والمدن المأهولة بالسكان.
ودفعت المحاولات المستمرة للسيطرة على مدينة مأرب النفطية، الميليشيا الحوثية إلى استخدام كل قواتها وآخرها، الثلاثاء، الطائرة المقاتلة.
خبراء أعادوا تأهيل أسلحة الحوثي
وقال الباحث العسكري علي الذهب بشأن الطائرة التي حيّرت القوات اليمنية إنه “كانت هناك بعض الطائرات في صنعاء وتعز ودار الرئاسة، لم تتعرّض للاستهداف من قبل التحالف”، ورأى الذهب أنه “تمت إعادة تأهيل تلك المروحية أخيراً عن طريق خبراء أجانب، ليس شرطاً أن يكونوا إيرانيين ولكن ربما يكونون من دول أخرى”، وأضاف أن “استخدامها أو الظهور بها يأتي لتحقيق مكاسب معنوية أكثر منها عسكرية لأن رد الفعل من الطرف الآخر سيكون أكبر سواء من قبل التحالف، أو من قبل الوحدات الأرضية التابعة للقوات المسلحة اليمنية التي ستواجهها وستأخذ احتياطاتها مستقبلاً للتصدّي لها”، وأشار إلى أن “دخول المروحية على خط المواجهات في هذا الظرف هو لأمرين، الأول رفع معنويات عناصر الجماعة، والثاني محاولة لكسب ثقة سكان المناطق الخاضعة لسيطرتهم”.
واعتبر أن “ضمن الأهداف التي دعت الحوثيين للجوء إلى الطائرات المقاتلة، هدف عسكري متعلق بالمواقع التي تستهدفها بعدما أحبطت قوات التحالف هجمات طائراتها المسيّرة”، وعبّر الذهب عن اعتقاده بأن دخول هذه الطائرة إلى أرض المعركة سيليه استخدام طائرات أخرى ولن يتوقف نشاطها إلا بردّ فعل طيران التحالف وقدرته على تحييدها مستقبلاً باستهداف مرابضها أو اعتراضها في الجو، وزاد الباحث العسكري أن “لجوء الحوثي إلى هذا النوع من الطائرات في المستقبل هو لاستخدامها في حدود المناطق الآمنة القريبة من مراكز انطلاقها، بمعنى أنها إذا انطلقت من صنعاء ستكون مهمتها مأرب والجوف، ولن يكون مداها أبعد من محافظة ذمار (جنوب شرقي صنعاء)”.
وأوضح أنه “في حال استخدم الحوثيون الطائرات المقاتلة، فإن ذلك سيكون حول مدينة مأرب وستكون مرابضها في مناطق قريبة من المحافظة خشية إسقاطها من قبل قوات التحالف”، وعن الحظر الجوي على اليمن، اعتبر الذهب أن “الحوثي لا يأبه لشيء من العهود والمواثيق وقد خرق كل الاتفاقات والعهود التي أُبرمت معه”.
وردّاً على سؤال حول إمكانية أن تشكل هذه الطائرات خطراً حقيقياً على العمليات العسكرية مستقبلاً، قال الباحث العسكري، نعم، معللاً ذلك بأنها “ستنطلق وفق أهداف ومعلومات مسبقة ودقيقة لأنها لا يمكن أن تغامر بمثل هذه الطائرة إلا بناء على معلومات دقيقة، وأهداف ثمينة، لتحقق الهدف، بما يضمن لها العودة، بخاصة إلى مناطقها لأنها ستنفّذ عمليتها وتعود في أقرب وقت قبل أن تصل إليها مقاتلات التحالف، هذا إذا لم تكُن هناك دفاعات جوية أرضية فاعلة لدى قوات الجيش”.
تواصل المعارك
في الأثناء، تتواصل المعارك حول مدينة مأرب، آخر معقل للحكومة في شمال البلاد التي تمزّقها الحرب، وهي المدينة التي تحاول الشرعية اليمنية بمساندة التحالف منع الجماعة الحوثية من الوصول إليها بعد أن صعّدت عملياتها العسكرية منذ فبراير (شباط) 2021.
ويعلن التحالف الذي يدعم الحكومة المعترف بها دولياً منذ عام 2015، عن غارات جوية لوقف تقدّم الحوثيين يومياً منذ شهر، أدت إلى مقتل مئات العناصر، وأشار بيان للقوات الداعمة للشرعية، مساء الإثنين الماضي، إلى أنه نفّذ نحو 47 استهدافاً للحوثيين في مأرب خلال 24 ساعة، كاشفاً عن خسائر تكبّدتها الجماعة المدعومة من إيران، وقال البيان إن العمليات أسفرت عن تدمير 34 آلية للميليشيا وموقع لتخزين الذخائر، لافتاً إلى “مقتل ما يزيد على 280 عنصراً من الحوثيين في أكبر استهداف بمأرب خلال يوم واحد”.
يُذكر أن السعودية تقود منذ عام 2015 تحالفاً عسكرياً دعماً للحكومة اليمنية التي تخوض نزاعاً دامياً ضد الحوثيين المدعومين من إيران منذ سيطرتهم على صنعاء ومناطق أخرى عام 2014.
المصدر : أندبندنت عربية