كريتر نت – متابعات
ناقشت الصحافة العربية مستقبل منطقة الشرق الأوسط إثر الإعلان عن الانسحاب الوشيك للقوات الأمريكية من العراق ومدى تأثير ذلك على العلاقات بين دول المنطقة.
ودعا العديد من الكتّاب إلى ضرورة تنسيق المواقف بين الدول العربية والتعاون السياسي والعسكري لتحقيق توازنات في المنطقة عقب الانسحاب الأمريكي.
وحذر آخرون من تردي الأوضاع السياسية والعسكرية في العراق خاصة مع عودة هجمات تنظيم الدولة الإسلامية في مناطق بالبلاد تزامنا مع انسحاب القوات الأمريكية.
وأعلن العراق انسحاب القوات القتالية للتحالف الدولي، بقيادة أمريكا، خلال الأيام المقبلة، بينما صرح قائد القيادة المركزية للقوات المسلحة الأميركية أن الولايات المتحدة ستُبقي على ألفين وخمسمائة جندي في العراق.
“ملء الفراغ الأمريكي”
الدكتور محمد المخلافي نائب أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني له رأي آخر حول الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط حيث يقول في مقال له نشر في موقع “كريتر نت ” ان الولايات المتحدة الأمريكية ترتب للتخلي عن مسؤليتها تجاه الشرق الأوسط وليس التخلي عن دورها ومصالحها وتأثيرها فيه، ولعب هذا الدور وتحقيق تلك المصالح عبر حلفائها الإستراتيجيين من الدول القوية في المنطقة.
ويرأى المخلاف ان التعويل على الفراغات التي تخلفها أمريكا على مسرح الدولي يعد رهان خاسر واي قوى تبني مواقفها على هذا المعطى ستجد نفسها ضحية سوء تقديرها للموقف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية .
وقال الكاتب في اعتقادي أن هذا الإستخلاص بالأصل يقوم على معطيات خاطئة وقراءة غير متأنية لمسعى الولايات المتحدة الأمريكية، فليس ثمة مؤشرات لإنسحاب إستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية، وإنما ثمة مؤشرات لإستراتيجية جديدة للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة هدفها الحصول على مكاسب ومغانم دون مقابل ومن مظاهر ذلك:
1- التخلي عن مسؤلية الدعم لبلدان المنطقة.
2- التخلي عن مسعى تحقيق السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط، بالسعي الى سلام يحقق مصالح إسرائيل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وهو أمر يستبعد معه إمكانية تحقيق السلام، وهو ربما ما ترغب به الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين لضمان رواق سوق السلاح في المنطقة.
3- إعتماد نهج التفكيك ونشر الفوضى – الفوضى الخلاقة تحت ذريعة محاربة اعدائه في المنطقة وفي مقدمتهم إيران، ومساندة اصدقائه وفي مقدمتهم إسرائيل وتركيا، كثلاثة مشاريع تتنافس للسيطرة على شعوب العالم العربي.
صحيفة “العرب” اللندنية: “بعد سنوات من البحث في الخارج للحصول على إجابات، يبدو الآن أن دول الشرق الأوسط تتحدث مع بعضها البعض لإيجاد حلول بعد عقدين من الزمن حددتهما الحرب والاضطرابات السياسية. وقد لعبت الانسحابات الأميركية من أفغانستان والعراق دورا في هذا التغيير”.
وقال عثمان الطاهات، في صحيفة “الدستور” الأردنية: “يبدو أنه يُعاد إنتاج التاريخ مرة أخرى، ففي عام 1968 عمدت الولايات المتحدة لـ ‘ملء الفراغ الاستراتيجي’ بالشرق الأوسط عقب الخروج البريطاني كأحد مؤشرات انحسار الإمبراطورية البريطانية، لتُعاد الدائرة مرة أخرى بالإعلان عن الخروج الأمريكي لتظهر إشكالية ديناميكية تتلخص في ‘من سيئول له ملء الفراغ الأمريكي بالمنطقة؟” وأضاف الكاتب: “الشرق الأوسط لا يبتعد عن تداعيات الإعلان الأمريكي الانسحاب من مناطق الارتكاز بالمنطقة، خاصة العراق وأفغانستان، إذ إن المنطقة ما زالت تعاني التناقضات والقلق والخلخلة التي أعقبت أحداث ما يُسمى ‘الربيع العربي’ في بدايات العقد الماضي”.
ويرى الكاتب أن هناك توجهات نحو إعادة الحديث عن نمط “التعددية القطبية”، وأنه من المرجح أن تسعى أطراف دولية “لمحاولات ‘ملء الفراغ الأمريكي’، خاصة حينما يتعلق الأمر بتوازنات أمنية/ سياسية، وأخرى اقتصادية/ تجارية، وذلك بالنظر إلى عدد من الدوافع، أبرزها: الدوافع الروسية في الشرق الأوسط”.
وقال نبيل فهمي، في صحيفة “اللواء” اللبنانية: “الإدارة الأمريكية تشعر أن الشرق الأوسط أرهق المجتمع الأمريكي، ولم يعد يوفر حافزاً كافياً لواشنطن لتبني سياسات مبادِرة ومكلِفة تجاهها… مع انتهاء الحرب الباردة، وانخفاض اعتماد الولايات المتحدة على مصادر الطاقة من المنطقة”.
وتوقع الكاتب أن “الإدارة الأمريكية الحالية لن تعرّض جنودها أو مواطنيها للمخاطر في الشرق الأوسط، ولن تنفق كثيراً في تلك المنطقة إلا إذا فرضت عليها الأحداث ذلك، وهو موقف له انعكاسات على الارتباطات الأمنية مع الدول الصديقة والحلفاء، مهما صاحبها من تأكيدات حول الاستمرار والالتزام بحفظ أمن الأصدقاء التقليديين”.
وأضاف الكاتب: “الولايات المتحدة ستتبني مواقف براغماتية تطبيقاً لسياسات واقعية، ما يفرض على الدول العربية أخد زمام المبادرة لتحقيق توازنات إقليمية والتحرك بشكل أسرع وأفضل في رسم أو الإسهام في رسم خريطة المستقبل في المنطقة، برؤى وأولويات عربية شرق أوسطية مدعمة من الأصدقاء مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وغيرهم”.
ولم يبد أحمد جمعة تفاؤلاً في مقاله في صحيفة “اليوم السابع” المصرية، إذ اعتبر أن “الحديث عن محور عربي موحد وقوى من الخيال بسبب اختلاف المصالح والرؤى بين دول الإقليم التي تتحرك كل دولة منها على حدا لحماية مصالحها، وتحاول العديد من الدول العربية وضع حد لصراع المحاور والاستقطاب الكبير والشرس الذى يجرى عقب إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من المنطقة بشكل تدريجي وهو ما أثار لعاب دول لتوسيع مناطق نفوذها سواء بالتدخل عبر عسكريا بشكل مباشر أو الدفع بوكلاء للقتال نيابة عنها”.
“ازدياد الأزمة السياسية”
في العراق قال عصام نعمان، في “القدس العربي” اللندنية: “في العراق، ثمة موقف مستجد للولايات المتحدة: غداة إعلان بغداد انتهاء الدور القتالي لقوات التحالف الدولي رسمياً، وبدء انسحابها من العراق ليتحوّل دورها استشارياً، أعلن قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال فرانك ماكنزي، أن واشنطن ستُبقي القوات الأمريكية الحالية البالغ عددها 2500 جندي في العراق، محذراً من زيادة ما وصفه بـ’هجمات الميليشيات العراقية الموالية لإيران على الأمريكيين والعراقيين’.
وأضاف الكاتب: “الموقف الأمريكي المستجد يتعارض مع قرار البرلمان العراقي، بوجوب انسحاب كل القوات الأجنبية من البلاد قبل نهاية العام الحالي.
واشنطن أحرجت بموقفها مختلف القوى السياسية العراقية، وإن كان حلفاؤها هم الأقل حرجاً. ذلك سيؤدي إلى ازدياد الأزمة السياسية احتداماً، إلى أن تعود واشنطن عن قرارها، وهل تعود قبل أن تنتهي مفاوضات فيينا إلى تسوية متوازنة، تستجيب للمصالح الأساسية للأطراف المتصارعة؟”
وحذر محمد واني، في موقع “صوت العراق”، من تكثيف تنظيم الدولة الإسلامية هجماته في العراق، مضيفا: “عزا بعض المراقبين هذا التصعيد الإرهابي المفاجئ بقرب انسحاب القوات الامريكية من العراق (آخر شهر ديسمبر/كانون الأول 2021)”.
وأضاف: “كلما اقترب هذا الموعد تصاعدت حدة الهجمات التي تعجز القوات العراقية عن مواجهتها، الأمر الذي يضطر الحكومة الى طلب المساعدة والدعم من القوات الامريكية لمواجهة الخطر، كما فعلت حكومة نوري المالكي عام 2011 عندما طلبت من الأمريكان سحب قواتهم من العراق ثم رجعت عام 2014 لتطالبهم بالعودة بعد ان غزت قوات داعش العراق واستولت على ثلث مساحته واحتلت مدينة الموصل ومدن سنية أخرى وزحفت نحو بغداد العاصمة وكادت أن تدخلها لولا الدعم الأمريكي السريع”.
وقال وائل البنداري، في “الأسبوع” المصرية: “تأتي الهجمات الأخيرة لتنظيم داعش تزامناً مع الانسحاب الأمريكي، فيما يذكِّر بنفس المشهد في أفغانستان قبل أشهر قليلة في 31 أغسطس الماضي، وقبل الموعد المحدد للانسحاب في 11 سبتمبر/أيلول الماضي”.