كتب – د. عبدالعليم محمد باعباد
الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه يعيش أجواء الفرحة بتتويج المنتخب الوطني للناشئين بطلا لغرب آسيا، ويود الجميع أن يحتضن هؤلاء الأشبال ليعبر عن إعجابه بحسن تفكيرهم و صنيعهم .
فعقليا: هؤلاء الأشبال هم كبارات اليمن وحكماؤها .
روحيا: هؤلاء هم روح الشعب اليمني وفطرته السوية؛ فقد تجاوزوا خلافات السياسيين، وكانوا روح الشعب وضميره.
رياضيا هؤلاء الأشبال أصحاب لياقة بدنية ومهارة رياضية مكنتهم من الفوز على خصومهم في الميادين !
غير أن هناك من عكّر صفو هذه الفرحة كعادته؛ إنها مليشيات الحوثي التي ساءها أن يفرح الشعب اليمني وهي التي تهديه الموت ليل نهار وحتى في ظل هذه الفرحة العامة أرسلت صاروخا باليسيتا إلى مدينة مأرب الآهلة بالسكان والنازحين، فسحقا للمليشيات الحوثية.
وهناك من فرح جذلا بهذا النصر الكبير للمنتخب الوطني ولكن خفية ! فلم يرق له أن ينسب هذا النصر لليمن، وراح يذكر محلات ميلاد هؤلاء اللاعبين الذين كانوا أكبر منا؛ طبعا لدواعٍ سياسية ما كان ينبغي أن تحضر في مثل هذا الموقف.
و لأولئك الذين لم تتفعّل عقولهم بحركة المستديرة وانحيازها لأقدام أشبال اليمن، رغم تفاعل مشاعرهم، نقول لهم: ينبغي عليكم التفرقة بين مفهوم اليمن كهوية وحضارة وتاريخ و شعب، وبين اليمن كسياسة وأنظمة سياسية ودول قامت أو تقوم على هذه الجغرافيا.
فالمفهوم الأول : مفهوم متأصل في وجدان وضمير أبناء الشعب اليمني جنوبه وشماله شرقه وغربه.
بينما اليمن السياسية – وإن كان الأصل تطابق هذا المفهوم مع المفهوم الأول – مفهوم متغير بفعل الأنظمة السياسية المرتبطة بالمتغيرات الإقليمية والدولية، ورغم هذه التغيرات السياسية التي تطرأ على هذه الجغرافيا إلا أنها لم تستصحب معها التنكر للهوية اليمنية ولا للتاريخ، ولا يمكنها ذلك حتى وإن تصور البعض إمكانه القفز على هذه الحقائق .
نعم كنا بعد الثورة اليمنية دولتين، وقد نكون دولتين على هذا الإقليم؛ بفعل السياسة التي قد تأتي وفق أهواء بعض سياسيي الداخل والخارج، لا وفق إرادة الشعب.
نعم (قد) نكون دولتين فهذه تتحكم فيها السياسة؛ لكننا قطعا ما كنا في يوم من الأيام شعبين بإسمين وتاريخين وهويتين .
إن للطبيعة الجغرافية أثرها على البشر، وما دامت اليمن الطبيعية مكانا متنوعا مرتبطا مع بعضه البعض؛ فإنه قد نتج عن ذلك التنوع خصوصية لأبناء كل منطقة على ظهر هذه الجغرافيا في إطار الهوية الجمعية؛ أي أنه تنوع عضوي مرتبط مع بعضه البعض منسجم في وحدة الوظيفة والهدف.
باختصار شديد أقول لكل متبرم من الهوية اليمنية الجامعة:
إنه من الصعب السباحة ضد التيار، ومن المستحيل إنكار حقائق التاريخ، و تجاوز الواقع الماثل؛ وذلك يعني أن المستقبل لن يكون صورة مناقضة للتاريخ ولا للحاضر، لا في اليمن ولا في غيره، فالتناقض يوجد فقط في عقول وصدور البعض .
بالله عليكم دعونا نفرح معا، واطلقوا الفرحة من أعماقكم فأنتم تخفون الفرحة فقط ، لكنها متغلغلة في داخلكم وضميركم الوطني الذي سيعود إلى سابق عهده؛ فهو ضمير نقي وإن ران عليه كدر السياسة وسخطها .