كريتر نت – BBC
ناقش معلقون في صحف عربية المشهد السياسي في السودان مع خروج الآلاف في تظاهرات تزامنت مع الذكرى الثالثة لـ”ثورة ديسمبر” التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير.
ودعت أحزاب سياسية وتجمعات نقابية ومهنية في السودان للتظاهر والاحتجاج ضد قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، الذي قاد الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وانتقد كُتاب حكومة البرهان، وحذروا من استهدافها الثورة ومطالبها، بينما عبّر آخرون عن الأمل في إحداث تغيير سياسي رغم استمرار الصراع بين قوى التغيير والمجلس السيادي.
“حراك سوداني لا يتوقف”
في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، رأى إبراهيم الأمين نائب رئيس حزب الأمة السوداني أن “ثورة ديسمبر” أحدثت “تحولا أساسيا في المسار السياسي في السودان”.
ودعا الكاتب قوى التغيير إلى “تهيئة المناخ السياسي لتأمين الانتقال السلس إلى نظام ديمقراطي مستدام، وإعطاء الغلبة للحس الوطني ومصالح البلاد العليا على ما عداها، وهو ما يتطلب الاعتراف بالأخطاء ومراجعتها ونقدها ومحاسبة مرتكبيها”.
ودعا الأمين قوى التغيير أيضا إلى “اتّباع أساليب جديدة ومبتكرة لإدارة الاختلاف وقبول الآخر، والالتزام بإقامة نظام ديمقراطي لا مركزي أهم ملامحه المشاركة الواسعة، والحوكمة الرشيدة، والشفافية، والعمل بروح تشاركية”. وفي صحيفة العين الإخبارية الإماراتية، أشار مرتضى كوكو إلى وجود “مكاسب سياسية واقتصادية عديدة حققها السودان خلال السنوات الثلاث الماضية التي أعقبت خلع نظام الإخوان ‘الإرهابي ‘ بثورة شعبية ملهمة”.
وأضاف كوكو: “يُجمع مراقبون على أنّ كسْر العزلة الدولية، وتحقيق السلام في البلاد، ودحْر الإخوان، في مقدمة المكاسب التي حققها السودان من خلع نظام البشير”.
كما تحدث الكاتب عن “حراك سوداني لا يتوقف منذ الإطاحة بنظام الإخوان من السلطة، وزخم يحكم المشهد بعد مرور ثلاث سنوات على ثورة 19 ديسمبر/كانون الأول 2018”.
وأشار كوكو إلى تجدد مظاهرات “هدفها الرئيسي ‘المسار الديمقراطي’ وسط تطورات عاصفة يشهدها الملعب السياسي”.
كما رأى الكاتب أن “السودان عاد إلى نقطة صفرية بعد أن حقق تقدما كبيرا خلال العامين الماضيين على مستوى السياسة والاقتصاد والعدالة”.
بالمثل، قال الشفيع خضر في صحيفة القدس العربي اللندنية “هلّت الذكرى الثالثة للثورة، والبلاد تعصف بها أزمة طاحنة دفعت بها إلى حافة الهاوية.
فقد وصلت العلاقة بين جماهير الثورة وقيادة الفترة الانتقالية إلى أسوأ حالاتها. وانعدام الثقة صار هو الحاكم لهذه العلاقة، خاصة بعد إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي جاءت بمثابة صبّ الزيت على النَّار”.
وأضاف الكاتب: “لا أعتقد أننا سنختلف حول أن أفضل الخيارات هو الذي يجمع ما بين التصدي المباشر لجوهر الأزمة، والكلفة الأقل التي تقي الوطن شر السقوط في مستنقع الحرب الأهلية الدموي والمدمر للوطن، وإن تبنّي هذا الخيار أو ذاك ليتبوأ موقع الأفضل، تفرضه جملة من العوامل الموضوعية والذاتية بعيدا عن الرغائبية ومجرد الأمنيات”.
وانتقد جبير بولاد في صحيفة الراكوبة السودانية المجلس السيادي، قائلا إن “برهان وحزبه المسلح لم يكونوا أقوياء و لن يكونوا، ولكنهم علي الدوام يستثمرون في أخطائنا.
هم يعلمون بسالة وجسارة هذا الشعب في كنداكاته وثواره ولكنهم يعلمون أكثر ثغراتنا والتي يجب بعد كل معركة مع وكلاء الاحتلال الجلوس لمراجعة هذه المعركة وأين كانت ثغراتها .. كيف أحسنا الصنع هنا وكيف أخطأنا هناك بكل تجرد ومسؤولية”.
في السياق ذاته، قالت صحيفة القدس العربي اللندنية: “لم تكن تلك الاحتجاجات احتفالا بإسقاط الدكتاتور السابق، بل كانت -عمليا- استكمالا للمواجهة المستعرة بين الجماهير السودانية ومنظومة الحكم القائمة”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاحتجاجات “ترفع وتيرة المعركة مع المجموعة العسكرية … التي كانت تخطط جاهدة، على مدار السنوات الثلاث الماضية، للانقلاب على منجزات الانتفاضة، وإنهاء العمل على ‘إزالة التمكين’ وإغلاق التحقيق في مسؤولية الجيش وقوات الدعم السريع والمخابرات في مجزرة ‘القيادة العامة’ وللتهرب من استحقاقات ‘الوثيقة الدستورية’ الموقعة مع التيارات السياسية السودانية، لتسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين”.
وأشادت الصحيفة بالتظاهرات، واصفة إياها بـ “محاولة جديدة لتعديل التوازن المختلّ لصالح العسكر وفرض معادلة سياسية تعكس إرادة الشارع وعقد جديد بين الحكام والمحكومين”.
الجيش “حامي” البلاد
على الجانب الآخر، أشارت أماني أيلا في صحيفة اليوم التالي السودانية إلى “بعض (المدنيين) الذين يستنكرون تدخلات الجيش في الحياة السياسية السودانية منذ القِدم وينادون اليوم بإبعاده بالكامل عن الساحة السياسية، ويرفعون الآن في عراكهم السياسي حول السلطة مع الجيش وقيادته شعارهم ذا اللاءات الثلاث (لا تفاوض، لا شراكة، لا مساومة)، ويحلمون بدولة مدنية لا وجود فيها للجيش إلا على حدود البلاد وداخل وحداته العسكرية، ويحلمون أن يكون الجيش تحت كامل إمرة وقيادة المكون المدني الحاكم يتلقون منه التعليمات ويرفعون إليه التحية والتمام وينفذون ما يؤمرون بكامل الطاعة…”.
وقالت أماني أيلا :”هؤلاء يبدو أنهم قد فاتت عليهم قراءة دفاتر حقائق الواقع السوداني المعقد الذي أدركه قدامى السياسيين في السودان فعرفوا وفهموا وتفهموا أهمية وجود القوات النظامية على مشارف ساحة السياسة، حامية لها تماماً كحمايتها لحدود البلاد من المهددات الخارجية، وحافظة للأمن والسلام الوطني القومي من الانتهاكات الداخلية تماما كحفظها للحدود الخارجية من تغولات العدو الخارجي”.
وعلى نفس المنوال، كتب عبدالناصر عبدالرحمن مُسَبَّلْ في صحيفة الانتباهة السودانية: “أنطلق في حديثي مقتنعا تماما بدقة تشخيص السيد رئيس الوزراء لطبيعة الأزمة الوطنية ممّا سهل من إمكانية إخضاعها لفرضيات معركة بين طرفين”.
وأوضح الكاتب قائلا: “طرف تمثله كتلة تتشكل من مدنيين وعسكريين عملت على إسقاط قيادة النظام المباد وتسعى بجدّ و اجتهاد لإزالة تمكين بقايا أصول وروافد ذلك النظام من كافة مرافق الدولة السودانية لإرساء أسس دولة الحكم الوطني المدني الديموقراطي، وطرف آخر تمثله كتلة تتشكل من عسكريين ومدنيين من فلول النظام المباد ومخالطيهم من أرباب سوابق وجماعات (تقعد بس) الذين سُدت أمامهم منافذ الفساد والإفساد للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتتهدد نواياهم ومخططاتهم المستقبلية بصرامة الثوار”.