كريتر نت – متابعات
أصدر رئيس الوزراء معين عبد الملك، أمس الجمعة، القرار رقم (30) لسنة 2021م، قضى بحصر شراء وتوزيع المشتقات النفطية عبر شركة النفط الحكومية في جميع محافظات البلاد.
يأتي قرار رئيس الوزراء الأخير لمنع المضاربة بالعملة في سوق الوقود، واستعادة العمل المؤسسي لهذا القطاع الحكومي الحاسم في تعافي الاقتصاد، بعد 30 شهراً من القرار رقم (49) لعام 2019، لكنه فشل بتنفيذه، خوفاً على منصبه.
ويحتكر أحمد العيسي، المقرب من هادي، واردات الوقود في جنوب البلاد، وأفشل قرارات حكومية سابقة، بشأن إلغاء تحرير سوق الوقود، كما أطاح بتجار كٌثر حاولوا استيراد المشتقات النفطية.
وخاض معين عبد الملك رئيس الوزراء صراعاً كبيراً صاحبه حملات تشهير إعلامية ممولة، مع أحمد العيسي، على ملفات التعيينات، والضرائب، وتنظيم سوق الوقود، كسب العيسي كل المعارك، مقابل احتفاظ معين بمنصبه.
ويتحكم جلال هادي، ومستشار هادي الاقتصادي أحمد العيسي، بإملاءات التعيينات في منصب رئيس الوزراء، والمناصب العليا، وهو ما دفع معين عبد الملك إلى الاستسلام وتجميد ملف تجارة الوقود.
وكانت حكومة معين عبد الملك أصدرت قراراً رقم 49 لعام 2019م، في 26 يونيو 2019م، قضى بإلغاء قرار تحرير سوق المشتقات النفطية، وحصر استيراد المشتقات النفطية على شركة مصافي عدن، إلا أن القرار تعثر بسبب التصدي له من قبل المتنفذين.
ويقف رجل الأعمال أحمد العيسي بدعم كامل من الرئيس هادي وأولاده الذين تربطهم مع العيسي ونائب الرئيس علي محسن الأحمر مصالح مشتركة، وقادة ميليشيا الحوثي، صفاً صلباً أمام استعادة الحكومة إدارة ملف الوقود.
تشير التقديرات أنه منذ 2018 خسرت الحكومة إيرادات كانت محققة من شركتي النفط ومصافي عدن تجاوزت 3 مليارات دولار، ذهبت لشركة “عدن جلف” المملوكة للعيسي، وقيادة الحوثي، الذين يحتكرون سوق الوقود والبنى التحتية لشركتي النفط ومصافي عدن.
وتعد فاتورة استيراد المشتقات النفطية البالغة 200 مليون دولار شهرياً، وبواقع 6 ملايين ونصف المليون ريال يوماً، العامل الرئيسي في اضطراب سوق سعر الصرف في البلاد، وارتفاع أسعار السلع والخدمات.
أفادت التقارير أن 21 من رجال الأعمال المنتسبين للحوثيين أقاموا علاقة عمل جيدة مع جلال هادي نتيجة الحصول على تصاريح استيراد الوقود للحديدة من خلاله.
وأضافت: “لقد حصل تجار الوقود الحوثيون على تلك التصاريح من خلال وسطاء توسطوا في صفقات في صنعاء تم توقيعها بعد ذلك في الرياض”.
وقدر أحد موظفي شركة النفط بعدن أرباح -مافيا تجارة الوقود- في اليمن مليار دولار، سنوياً، وتزيد النصف عند انخفاض أسعار النفط عالمياً.
وأصبح تجار المشتقات النفطية في اليمن يتحكمون بالاقتصاد، والنشاط التجاري، والتعيينات في الجهاز الإداري والعسكري للدولة، في وقت تراجع دور الحكومة الشرعية في الاقتصاد، التي تعاني من الفشل والضعف والفساد.
ويعد توزيع الوقود والمنتجات النفطية، أحد المصادر الرئيسية لإيرادات ميليشيا الحوثي، التي ألغت دعم الوقود في 27 يوليو 2015، بعد عام من انقلابها على الدولة، بذريعة إسقاط الجرعة السعرية للوقود وتخفيف قيود استيرادها.
وتخلت حكومة هادي عن تحصيل الموارد العامة، وتركتها تتشرذم بين المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، واكتفت بطباعة العملة لتغطية مرتبات الموظفين، مما تسبب بتدهور قيمة الريال، ورفع معدلات التضخم وانزلاق ملايين السكان تحت خط الفقر.
وكانت الدولة إلى ما قبل العام 2015، تسيطر على تجارة النفط والغاز والوقود، وتتولى توفير معظم الخدمات الأساسية للسكان، ومحرك لنشاط القطاع الخاص بما في ذلك قطاع النقل والمقاولات، وشكلت تجارة المشتقات النفطية أحد أهم إسهامات القطاع الحكومي والعام في الاقتصاد.
ومنذ تسليم حكومة هادي تجارة الوقود للقطاع الخاص في مارس 2018، شهدت البلاد سلسلة من الأزمات للمشتقات النفطية خلال السنوات الماضية، شكلت صدمات قوية أثرت بشدة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وأوضاع الأمن الغذائي والمعيشي للسكان.
ويقدر الطلب المحلي على الوقود بحوالي 544 ألف طن شهرياً، لكنه تراجع خلال السنوات الماضية جراء انكماش النشاط الاقتصادي والتجاري في البلاد.