كريتر نت – متابعات
كانت الزيادة الرمزية في أسعار المشتقات النفطية (ألف ريال) إحدى ذرائع مليشيا الحوثي، اجتياح العاصمة صنعاء والسيطرة على مؤسسات الدولة في سبتمبر 2014، تم ذلك أيضا بتواطؤ إقليمي ورضا دولي، خدمة لأجندة ايران الطائفية التوسعية.
بعد 7 سنوات من جريمة الانقلاب، ظهر زعيم الجماعة ك “لص” محترف، نهب كل شيء من حياة اليمنيين، بما في ذلك الخدمات الأساسية من كهرباء وغاز ومشتقات نفطية، بل وحولها إلى مورد ضخم لإثرائه وجماعته على حساب قوت اليمنيين وأطفالهم.
وصل سعر الـ 20 لتر من البنزين في فترات متقاطعة إلى 20 ألف ريال، أي (ضعف سعرها 5 مرات على ما كانت عليه في عام 2014).
افتقر اليمنيون، خلال سنوات الانقلاب، في حين اغتنى زعيم الجماعة وأتباعه وباتو يمتلكون العقارات وأرصدة خيالية وأسواق تجارية وشركات استيراد تتحكم بأقوات اليمنيين وخدماتهم، لا شيء تحقق سوى الموت والقتل والخراب وضياع البلاد.
الفقر وحده يزدهر في مناطق سيطرة المليشيات، وتكاثر عصابات الموت، وتجار الممنوعات، والسوق السوداء للمشتقات النفطية والغاز المنزلي.
مئات من تجمعات السوق السوداء منتشرت على طول الشوارع والطرقات ومداخل المدن وفي الأسواق والأحياء السكنية، على سبيل المثال بحسب إحصاءات لوسائل اعلام محلية فإن أمانة العاصمة وحدها تجاوز عدد الأسواق 1000 سوق، ومثلها في بقية المحافظات وكلها تتبع قيادات المليشيات.
بحسب اقتصاديين، تجني قيادات المليشيات من تلك الأسواق ملايين الدولارات سنويا بعد احتكارها استيراد المشتقات النفطية وعطلت دور شركة النفط الحكومية من مهامها الأساسية، في جريمة دفع اليمنيون ثمنا باهضا لها تمثل في تدمير اقتصادهم وعملتهم ومؤسسات دولتهم.
كما تسببت تلك الأسواق بكثير من الكوارث مخلفة ضحايا، وخسائر في الممتلكات، ونشر الرعب في أوساط الأحياء السكنية، وتحولت إلى قنابل موقوتة تهدد حياة المدنيين وممتلكاتهم في أي وقت.
وفي تصريحات صحفية أكد الصحفي الاقتصادي، محمد الجماعي ، أن سيطرة مليشيا الحوثي على سوق المشتقات النفطية وتحويله إلى مصدر للثراء لقيادة الجماعة، مر عبر خطوات بدءا من حصار وضرب للمنشآت النفطية في 2015، و2016، لحقه قرار تعويم أسعار المشتقات النفطية واحتكار استيرادها، وازدهار السوق السوداء مرورا برحيل المستثمرين ورجال الأعمال، وصولا إلى انهيار العملة المحلية بشكل غير مسبوق”
في يوليو الماضي اتهمت الحكومة على لسان وزير الاعلام والثقافة والسياحة معمر الارياني، مليشيا الحوثي بنهب أكثر من 5 مليار دولار خلال 2020، من قطاعات خدمية مختلفة أبرزها المشتقات النفطية والسوق السوداء والأوقاف والكهرباء وغيرها.
بحسب اقتصاديين فإن ما تعيشه البلاد من تراجع في قيمة العلمة الملحية سببه التجريف الذي تقوم به المليشيات لمؤسسات الدولة خاصة شركة النفط وتعويم أسعار النفط لفتح باب عريض من الفساد لتجار المشتقات النفطية بالتلاعب بأسعار العملة والمضاربة بها.
إضافة إلى توقف تصدير النفط بكمية كافية ودعم العملة واستقرار سعر الصرف، حيث تشير التقديرات إلى أن ما يتم تصديره حاليا يصل إلى أقل من 20 ألف برميل من حقول النفط بشبوة، بعد أن كانت اليمن تصدر 150-100 ألف برميل يوميا، قبل سيطرة المليشيات الحوثية على البلاد.
يعتمد اقتصاد اليمني المنهك جراء سيطرة المليشيات الحوثية على البلاد ومؤسسات الدولة، على صادرات النفط كمورد رئيسي، منذ اكتشافه في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وبعد ثلاث سنوات من وقف التصدير استأنفت الحكومة اليمنية، مطلع أغسطس عام 2018، تصدير النفط، بمعدل 16 ألف برميل يوميا فقط.
حيث تشكل عائدات النفط 70% من موارد موازنة الدولة، و63% من إجمالي صادرات البلاد، و30% من الناتج المحلي الإجمالي، كما تشكل عائداته 90% من النقد الأجنبي.
تقارير إعلامية وحقوقية تؤكد أن تجارة الحوثيين بالنفط حققت ثراء فاحشا للعديد من قيادات الجماعة التي كانت لا تملك شيئا قبل الحرب وأصبحت تملك أرصدة وعقارات ضخمة داخليا وفي عواصم عربية ودولية.
في أغسطس الماضي نشرت صحيفة “القدس العربي” تقريرا لها حول تجارة مليشيا الحوثي للمشتقات النفطية، بأن المليشيات تسيطر على نحو 60% من سوق المشتقات في عموم البلاد بما فيها مناطق سيطرة الحكومة”.
مع تدهور سعر العملة وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق أصدر رئيس الحكومة، معين عبدالملك، أواخر ديسمبر الماضي ، قرارا بحصر شراء وتوزيع المشتقات النفطية عبر شركة النفط الحكومية في جميع محافظات البلاد وفقا لقرار إنشاءها.
قرار رئيس الحكومة هدفه محاولة الحكومة وقف تدهور سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، ولضبط سوق المشتقات النفطية ومنع المضاربة بالعملة في شراء المشتقات، ويأمل اليمنيون أن يجدو نتيجة ذلك القرار على أرض الواقع.
افتعال أزمات
تختلق المليشيات أكاذيب وادعاءات لاختلاق أزمات بين حين وآخر في المشتقات النفطية، واستغلال حاجة المواطنين ورفع أسعاره إلى أضعاف ما يزيد من معاناتهم، فالمواطنون في مناطق سيطرة المليشيات يتعرضون لنهب مزدوج عند الشراء وعند دفع الاتاوات للمليشيات.
في يونيو الماضي افتعلت المليشيات أزمة خانقة في المشتقات النفطية، للضغط على الحكومة لمنح تصارح لسفن نفطية، تتبع قيادات الجماعة، لدخول إلى ميناء الحديدة، مستغلة الوضع الإنساني.
تحصل المليشيات على شحنات نفط إيرانية تحت أسماء تجار وهميين، عائدات تلك الشحنات، المجانية، تصب في جيوب قيادة المليشيات للمزيد من قتل اليمنيين وتدمير البلاد.
كما تحصل المليشيات على شحنات نفطية كدعم من الأمم المتحدة تحت دواع إنسانية، آخرها في يونيو الماضي، سفينة تحمل على متنها نحو 5 آلاف طن من مادة الديزل، تتاجر المليشيات بتلك الشحنات وتستغل عائداتها لعملياتها العدوانية ضد المدنيين.
لا رواتب ولا خدمات
مع كل تلك العائدات الضخمة من تجارة المشتقات النفطية سواء الشحنات التجارية أو المجانية من ايران والأمم المتحدة، لا تلتزم المليشيات بدفع أي من مستحقات ورواتب وخدمات للمواطنين في مناطق سيطرتها، بل تقوم بنهب أي مبالغ مخصصة للرواتب والخدمات .
ضمن مقترح أممي وافقت عليه الحكومة ومليشيا الحوثي قضى بايداع رسوم الجمارك والضرائب على سفن المشتقات النفطية التي تدخل ميناء الحديدة في حساب فرع الينك المركزي بالحديدة، على أن يخصص لدفع رواتب الموظفين المدنيين في المحافظات تحت سيطرة المليشيات، مقابل أن تمنح الحكومة تصاريح لدخول تلك السفن،.
بعد أشهر فقط نقضت مليشيات الحوثي الاتفاق ونهبت مبلغ 35 مليار ريال، في ظل صمت أممي مطبق على تلك الجريمة، رغم أن المبعوث الأممي كان الراعي للتفاهمات.
الغاز المنزلي
مصدر آخر من النهب من قوت اليمنيين، يتمثل في رفع أسعار الغاز المنزلي، القادم من محافظة مارب، حيث تبيع المليشيات أسطوانة الغاز بزيادة على سعرها المعلن عنه في شركة الغاز بمارب ثمانية أضعاف.
أسواق سوداء ومقايضات الأسر بأسطوانات الغاز، مقابل دفع أبنائهم إلى الجبهات، ورفع أسعار الغاز لدعم ما تسميه المليشيات “مجهودها الحربي”، ويتعرض المواطنين إلى الإذلال والإهانات في سبيل الحصول على أسطوانة غاز في الشهر مرة تقريبا.
بحسب مواطنين محليين، فإن مليشيا الحوثي تمارس تلك الأساليب الوقحة ضدهم بهدف اجبارهم على شراء الغاز من السوق السوداء، انعدام الرواتب وفرص العمل أيضا أجبر كثير من الأسر للانصياع لتلك الممارسات، أسر أخرى لجأت لاستخدام الحطب في طهي طعامها خاصة في الأرياف.
لم تكتف المليشيات بحرمان اليمنيين من حقوقهم الأساسية في الخدمات، بل تستغل تلك الخدمات لتحقيق ثراء فاحش دون أدنى إنسانية أو ضمير، أو الحصول عليها خاصة الغاز المنزلي مقابل اجبار أفراد الأسرة أو بعضهم على القتال في الجبهات، وكثير من الأسر وقعت ضحية الخداع والفقر أيضاً.