كريتر نت – متابعات
توفي عبدالله عبد العالم، عضو مجلس قيادة الثورة إبان فترة حكم الرئيس إبراهيم الحمدي، وقائد ما كان يُعرف بقوات المظلات.
تولى “عبدالعالم”، قيادة قوات المظلات، والتي كانت تمثل قوات النخبة في الجيش اليمني آنذاك، وذلك بعد أن عمل على توحيدها وقادها في الفترة، من 1970 إلى 1978.
عقب اغتيال الرئيس الحمدي في أكتوبر 1977، غادر عبدالعالم واستقر في الحجرية بمحافظة تعز، حيث قاد من هناك مقاومة مسلحة ضد السلطة في صنعاء.
أرسلت السلطات في صنعاء وساطة من عدد من مشايخ تعز إلى “عبدالعالم” في الحجرية، قبل أن تصل حملة عسكرية إلى المكان، وقتل حينها عدد كبير من المشايخ القبليين الحاضرين في الحادثة الشهيرة ب “أحداث الحجرية” عام 1978 والتي ما تزال كثير من تفاصيلها غامضة حتى الآن.
وعقب تلك المواجهات غادر عبدالعالم اليمن، وظل في منفاه حتى وافاه الأجل الجمعة الماضية في العاصمة المصرية القاهرة.
أسرار يكتنفها الغموض
كان “عبدالعالم” شاهدا على تحولات كبيرة في اليمن، أبرزها مقتل الرئيس الحمدي، وتصفية قادة الحركة التصحيحية، بما فيها قوات المظلات التي كانت تحت قيادته، ناهيك عن تصفية مشايخ تعز والحجرية التي عُرفت بأحداث الحجرية حينها.
صمْت الرجل، الذي فضّل العيش في المنفى بدمشق والقاهرة، وسكوته عن سرد ما في جعبته من أسرار ومعطيات تلك الحقبة، بل ومكاشفة التاريخ حول الأحداث، يظل لغزا عصيا في حياته وفي مماته، فلماذا سكت الرجل كل هذه السنوات؟
ولا تزال حادثة تصفية المشايخ بالحجرية غامضة، حتى اليوم رغم اتهام نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن الأحمر للرئيس الراحل علي عبدالله صالح بالوقوف وراء العملية.
من هو عبدالله عبدالعالم؟
ولد عبدالعالم في تعز بمديرية الحجرية، كان صديقا مقربا من الرئيس المغدور به إبراهيم الحمدي وأحد القادة العسكريين المهمين في عصره باليمن، وأحد القادة البارزين في الجيش الذي تأسس بعد ثورة 26 سبتمبر.
كان عبدالعالم أحد أبطال حصار السبعين من قبل قوات الملكيين، كما شغل منصب مجلس إدارة حركة الإصلاح في عهد الحمدي.
بعد 44 عاما من مغادرة عبدالعالم اليمن فتحَ خبر وفاته بابًا واسعا للجدل في أوساط اليمنيين وفي مواقع التواصل الاجتماعي باليمن.
تقول روايات تاريخية ومصادر محلية إن مشايخ محافظة تعز الذين تم قتلهم كانوا في مهمة وساطة؛ لتقريب وجهات النظر بين عبد الله عبدالعالم وبين الرئيس الغشمي وأركان حكمه الجديد، وأبرزهم الرئيس السابق صالح.
وكان صالح آنذاك يتقلد منصب قائد لواء تعز، وكلف بقيادة الحملة العسكرية التي ستتولى إخضاع عبدالعالم الذي يراه نظام الحكم متمردًا.غير أن مصادر أخرى اتهمت كلا من الغشمي وعلي عبد الله صالح بالوقوف وراء حادث قتل مشايخ تعز.
مات شريدا
وفي الشأن ذاته يقول السياسي والدبلوماسي ياسين سعيد نعمان، إن عبد العالم مات شريداً، وكان أحد القادة الوطنيين في مرحلة كان الصراع السياسي فيها يتمحور حول أسس بناء الدولة الوطنية في الشمال بعد اغتيال الرئيس الحمدي
وأضاف نعمان -في منشور بصفحته على فيسبوك- “من الطبيعي أن يؤطر هذا الصراع أطرافاً متعارضة ومتناغمة من أطياف اجتماعية وسياسية مختلفة، وكانت تعز في نظر القوى التي هيمنت على السلطة بعد أغسطس 1968 محط اهتمام من الزاوية التي كان يجب أن تجتث مكانتها السياسية والاقتصادية والعسكرية بصورة لا يسمح لها فيها أن تؤدي سوى الأدوار الملحقة أًو المسموح بها”.
واعتبر نعمان أن عبد العالم أحد ضحايا هذه السياسة التي طالت الكثير من السياسيين والقادة العسكريين، وهذا لا يعني ان هؤلاء بدون أخطاء، حد قوله.
وتابع “ما يسجله التاريخ لتعز هو أنها لم تكن تناصر أخطاء أي أحد من سياسييها أو قادتها كونه من أبنائها، بل كانت على العكس أكثر انتقاداً لأخطاء أبنائها، وكثيرون منهم تجرعوا النقد والمواجهة حتى التشهير، ربما لأن تعز كانت ذات يوم نموذجاً لمشروع وطني يتجاوز الانتماء الأهلي قبل أن تلتهمه التغيرات والتبدلات التي طرأت بتفريغ هذا المشروع بصورة محكمة وعلى النحو الذي رأينا فيه كيف وصل الحال إلى ما وصل إليه”.