كريتر نت – العرب
في ظل تمكّن العديد من الجماعات والميليشيات من امتلاكها، باتت الطائرات المسيرة تشكل خطرا متصاعدا على الاستقرار في الشرق الأوسط.
وسلّط الهجوم الذي قامت به ميليشيا الحوثيين مؤخرا على أبوظبي، ما أدى إلى انفجار في صهاريج لنقل المحروقات واندلاع حريق في مطار الإمارة وأسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ستة آخرين، الضوء مجددا على هذا الخطر خاصة وأنها ليست الهجمات الأولى التي تقوم بها ميليشيات موالية لإيران في المنطقة بالطائرات المسيرة.
وتقول الكاتبة الصحافية الأميركية روث بولارد في تقرير نشرته وكالة أنباء بلومبرغ إن جائحة كورونا أضفت على المستقبل نظرة يائسة بشكل واضح، وأنه خلال هذه الفترة أيضا ازدهر“العصر الثاني للطائرات المسيرة”، وهذا هو الوصف الذي يطلقه الخبراء على السوق الدولية للطائرات المسيرة التي تتراوح ما بين طائرات صغيرة متواضعة يبلغ سعرها ألف دولار، وأخرى حديثة يبلغ سعرها 2000 دولار يمكن تسليحها بسهولة من قبل جماعات مثل طالبان أو تلك التي تعمل بالوكالة عن دول مثل إيران.
وتنتشر أيضا طائرات مسيرة متقدمة تكنولوجيا يمكنها حمل ذخائر توجه بالليزر وصواريخ هيلفاير. وهو انتشار مستقل ذاتيا للعصر الأول من الطائرات المسيرة التي كانت خاضعة لهيمنة الولايات المتحدة منذ أول هجوم لها باستخدام مركبة يتم التحكم فيها عن بعد في عام 2001.
ما يزيد من القلق هو إمكانية خروج الوضع عن السيطرة خاصة في ظل تمكن جماعات مسلحة في المنطقة من امتلاك الطائرات المسيرة
والآن أصبح هناك فضاء لا يخضع لتنظيم أو تحكم يحقق مليارات من الدولارات ويعرّض أرواح الآلاف للهلاك. وقد اتضحت تماما أمام أعين الرأي العام العيوب المميتة لهذا العنف عالي التكنولوجيا من خلال هجوم الطائرة المسيرة الأميركية في كابول فى التاسع والعشرين من أغسطس والذي استهدف إرهابيين، ولكن بدلا من قتلهم قتل 10 من المدنيين الأفغان من بينهم سبعة أطفال.
وكان ما حدث فشلا للمخابرات العسكرية، ومثل الكثير من الضحايا المدنيين الآخرين للحروب الجوية الأميركية، بمن في ذلك أولئك الذين تناولت صحيفة نيويورك تايمز قصتهم في تحقيق نشر في ديسمبر الماضي، لا يتم توجيه أي اتهام بارتكاب خطأ إلى المسؤولين عن ذلك. وتضيف بولارد أن تحول العمليات الدفاعية أصبح واسع النطاق، فهناك 102 دولة الآن تدير برامج طائرات مسيرة عسكرية نشطة.
وحلت الطائرات المسيرة محل الآلاف من الجنود على الأرض بتواجد عناصر تحكم خلف أجهزة الكمبيوتر في قواعد بعيدة للغاية عن الهجمات الجوية التي يشنونها.
وفي الولايات المتحدة يعني التقليل من عدد الوفيات بين الجنود ضغطا أقل بالنسبة إلى فرص الفوز في الانتخابات وقدرا أقل من مراقبة الكونغرس. ويتيح ذلك لقادة الكثير من الدول والعناصر التي تعمل لحسابهم وتدعمهم الإفلات مما يصل إلى حد القتل، بالنسبة إلى مواطنيهم في الغالب.
ويحدث كل ذلك دون توفر قانون تنظيمي شامل لحماية المدنيين وتعزيز القوانين الانسانية، أو لبحث التداعيات التكتيكية والعملياتية لهذه الحرب التي تتم عن بعد.
وتقول بولارد إن هذا هو ما يقلق خبراء مثل بول لوشينكو، وهو ليفتنانت كولونيل بالجيش الأميركي ويدرس للحصول على الدكتوراه من جامعة كورنيل.
ويرى لوشينكو أن الطائرات المسيرة ليست مجرد شكل من أشكال الحرب، ولكنها أداة للعنف السياسي بين الدول لا تخضع لأي أنظمة وهو ما يمثل “نظرة يائسة لما يحدث الآن”.
لكن ما يزيد من القلق هو إمكانية خروج الوضع عن السيطرة خاصة في ظل تمكن جماعات مسلحة في المنطقة من امتلاك هذا النوع من الطائرات.
وقبل الهجوم على أبوظبي سبق وأن تعرض رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لمحاولة اغتيال بطائرة مسيرة مفخخة كشفت عن حجم التهديدات التي تمثلها هذه الطائرات خاصة وأن أصابع الاتهام وجهت مباشرة إلى الميليشيات الموالية لإيران في العراق.
وقال مسؤولون أمنيون ومصادر مقربة من الجماعات المسلحة إن الهجوم بطائرة مسيّرة على مقر إقامة الكاظمي نفذته جماعة مسلحة واحدة على الأقل من تلك التي تدعمها إيران.
وأوضحت المصادر التي اشترطت عدم الكشف عن هويتها أن الطائرات المسيّرة والمتفجرات المستخدمة في الهجوم إيرانية الصنع.