كريتر نت – متابعات
أثار القرار الأمريكي بإرسال سفينة وطائرات مقاتلة لحماية الإمارات من هجمات الحوثيين، تساؤلات حول احتمالات تورط أمريكا في حرب اليمن واحتمال دخولها في مواجهات مع الحوثيين.
وأعلن وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، الأربعاء 2 فبراير/شباط، أن الولايات المتحدة سترسل مُدمِّرة صواريخ مُوجَّهة، بالإضافة إلى طائراتٍ مقاتلة من الجيل الخامس، للمساعدة في إسقاط الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقها المتمرِّدون الحوثيون في اليمن على الإمارات.
يأتي هذا الإعلان في الوقت الذي تدرس فيه إدارة بايدن ما إذا كانت ستعيد تصنيف الحوثيين كمنظمةٍ إرهابية أجنبية، بعد أن قتلت صواريخ الحوثيين ثلاثة أشخاص في أبوظبي في 17 يناير/كانون الثاني، وصدَّت دفاعات باتريوت الأمريكية المضادة للصواريخ هجماتٍ إضافية في 24 يناير/كانون الثاني، حسبما ورد في تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.
الإمارات والسعودية تريدان تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، فهل تستجيب واشنطن؟
وأعلنت إدارة بايدن التزامها بمساعدة الإمارات والسعودية للدفاع ضد هجمات الحوثيين. وتودُّ الإمارات والمملكة السعودية أن تفعل الولايات المتحدة ذلك من خلال إعادة تصنيف الحوثيين على أنهم إرهابيون.
في المقابل، قد يعكس إرسال أصول عسكرية أمريكية إضافية لمساعدة الإمارات عدم رغبة بايدن في إعادة فرض التصنيف الإرهابي للحوثيين، حسب تقرير الموقع الأمريكي.
كان تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية أحد الإجراءات الأخيرة لإدارة ترامب المنتهية ولايته. ووُجِّهَت انتقاداتٌ كبيرة من المنظمات الإنسانية والدبلوماسيين وبعض أعضاء الكونغرس، على أساس الأثر الإنساني المدمِّر لمنع توزيع المساعدات على اليمنيين الذين يعيشون تحت سيطرة الحوثيين. وكان رفع القرار أحد أولى قرارات بايدن كرئيس.
لكن مع تهديد هجمات الحوثيين الآن للقوات الأمريكية المتمركزة في قاعدة الظفرة بالإمارات، قد يعيد بايدن فرض التصنيف، على الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كان ذلك سيردع الحوثيين.
كيف سيؤثر تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية على الوضع باليمن؟
وما هو واضح أن 25 مليوناً من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليوناً سيفقدون الحصول ليس فقط على المساعدات الغذائية، ولكن أيضاً على أيِّ مظهرٍ من مظاهر الاقتصاد الفعَّال، حسب موقع Responsible Statecraft.
سيؤدِّي هذا التصنيف إلى تحميل المسؤولية عن تجويع اليمنيين بشكل مباشر على عاتق الولايات المتحدة، مِمَّا يعفي الحوثيين من دورهم المهم في المساهمة في بؤس اليمن.
ويمكن لهذه الخطوة أن تعزِّز مصداقية الجماعة، التي تسعى إلى ترسيخ نفسها على أساس الدفاع عن اليمن ضد ما تصفه بالعدوان السعودي والإماراتي والأمريكي.
هل تؤدي هذه القرارات إلى تورط أمريكا في حرب اليمن؟
يبدو أنه بدلاً من تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، تحوَّلَ بايدن في المقابل إلى زيادة دور الجيش الأمريكي في الدفاع عن الإمارات، ومع ذلك، من خلال القيام بهذا الأمر، وَضَعَ الرئيس المزيد من الأفراد العسكريين الأمريكيين والأصول في أتون الصراع.
وعلى الرغم من أن الدفاعات الجوية تمكَّنَت حتى الآن من منع غالبية الطائرات المُسيَّرة والصواريخ التي أطلقها الحوثيون على الإمارات والسعودية من التسبُّب في خسائر كبيرة، فإن هذه الأنظمة ليست مثالية.
يتساءل موقع Responsible Statecraft “إذا قُتل جندي أمريكي بهجومٍ حوثي، فهل يصعِّد بايدن الأمر إلى حربٍ شاملة ضد الحوثيين؟ قد يتعارض هذا بشكلٍ مباشر مع نية بايدن المُعلَنة بالانسحاب من الصراعات غير الضرورية في الشرق الأوسط مثل أفغانستان، وإعادة تركيز انتباه الجيش الأمريكي على التهديدات الأمنية الأكثر إلحاحاً.
بالنسبة لإدارة بايدن، تشمل هذه التهديدات الصين وروسيا، على الرغم من أنه يمكن القول إن تغير المناخ وجائحة كوفيد-19 يهدِّدان بشكلٍ مباشر أمن الأمريكيين وحياتهم.
لسوء الحظ، يبدو أن إدارة بايدن قد خلُصَت إلى أنه من أجل مكافحة التهديد المُتصوَّر لتوسُّع الصين، يجب على الولايات المتحدة الحفاظ على العلاقات مع الشركاء الأمنيين الأمريكيين في الشرق الأوسط وحتى تعزيزها. ونتيجة لذلك، من المُرجَّح أن تملي تفضيلات المملكة السعودية والإمارات سياسة الولايات المتحدة أكثر من المصالح الأمريكية، مِمَّا يزيد من تورُّط الولايات المتحدة بقوةٍ في منطقةٍ يتوق معظم الأمريكيين إلى تجنب المشاركة العسكرية غير الضرورية فيها بعد عقدين من الحروب الفاشلة.
وفي مفارقةٍ مثيرةٍ للاهتمام، فإن المُدمِّرة البحرية التي تنشرها الولايات المتحدة في الإمارات، يو إس إس كول، هي نفس السفينة التي هاجمتها القاعدة قبالة سواحل اليمن في أكتوبر/تشرين الأول 2000. قُتِلَ 17 بحاراً وأُصيبَ 37 في أكثر من هجومٍ كبيرٍ نفَّذَته القاعدة على أهدافٍ أمريكية قبل 11 سبتمبر/أيلول.
في السابق، كانت السياسة الأمريكية في اليمن تمليها الجهود المبذولة لمحاربة القاعدة في شبه الجزيرة العربية. ووفقاً لبريان جنكينز من مؤسسة راند البحثية الأمريكية، فإن المتمرِّدين الحوثيين كانوا “العدو الأكثر تصميماً وفعالية للقاعدة في شبه الجزيرة العربية”. لهذا السبب، قد ترغب الولايات المتحدة في تعزيز جهود الحوثيين لمحاربة القاعدة بدلاً من الانخراط بشكلٍ أكبر في صراع يساهم في تدمير اليمن، مما يخلق فرصاً إضافية للقاعدة لإعادة إحياء نفسها، حسب قوله.
وفي المقابل، فإن نشر نفس السفينة التي هاجمها تنظيم القاعدة يرمز إلى أزمة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.